الأربعاء، 25 فبراير 2009

شروط الامام عند اهل السنة

ثانياً:-الإمامة

(التركيز على الشخص لا النظام هو ماجعل أبحاث المسلمين في السياسة تدور كلها حول الإمام بل وتسمى الإمامة)
مفهوم الإمامة:(الإمامة في اللغة: التقدم سواء كان عن استحقاق أم لا، وسواء كان في خير أو شر، قال تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ..﴾ (الإسراء/71).
يمكن أن يُقسم رأي الإسلاميين فيما يتعلق بالسلطة في اتجاهات رئيسة :-
1- وجود خليفة أو أمير أو سلطان أو رئيس واجب عقلاً وشرعاً أو عقلاً أو شرعاً
فريق ذهب إلي الوجوب العقلي والشرعي معاً،وفريق قال بأن ا لوجوب مصدره العقل أو يقضي به العقل فقط ولا توجد نصوص صريحة في الدلالة على الوجوب وفريق ذهب إلى القول بأن النصوص الشرعية هي التي قضت بالوجوب ((منها الإجماع لأنه كاشف عن النص الذي فرض على الصحابة رضوان الله عليهم المسارعة ألي مبايعة الخليفة قبل أن يوُارى جثمان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم الثرى
2-اختلفوا في قطعية وظنية الدليل فبعض ذهب ألي أنه ظني الدلالة والآخرين قالوا بأنه قطعي الدلالة
3:-وقلة ذهبوا إلي أنها ليست واجبة لا عقلاً ولا شرعاً ولو تناصف الناس لما احتاجوا إليها بمعنى أنها مسألة وضعية بحتة لا علاقة للشرع بها والأولى عدمها ومصدرها هنا اتفاق الناس .
ورغم الخلاف إلا أنهم اتفقوا على وظائفها :-وأهمها
1:-حفظ بيضة الإسلام {أي الدفاع عن حرية أفراد الأُمة وسلامة أراضيها
2:-إقامة العدل بين الناس وتنفيذ الحدود الشرعية وإعادة توزيع الثروة وضمان الأمن،وحمل الناس على أداء الواجب ......الخ
ولضمان قيام الدولة بهذه المهمة وجب على مجموع الأمة الطاعة في غير معصية ومنحت السلطة صلاحيات وفي نفس الوقت وضعت ضوابط وشروط لضمان عدم تجاوز السلطة لحدودها

أهل السنة وشرط النسب

اتفقت الحركات والطوائف الإسلامية على وجوب نصب إمام(لم يشذ إلا النجدات من الخوارج،وأبو بكر الأصم من المعتزلة)[xxvii] فالواجب نصب شخص وإن اختلفت الألقاب التي تطلق على رأسه{إمام،خليفة،أمير مؤمنين،ملك سلطان} وقد اختلفوا في بعض الشروط الواجب تحققها في الإمام أو الخليفة كشرط النسب إلا أن الشيخ الشوكاني يصرح بأن ماجاءوا به في خلافهم،حجج ساقطة وأدلة خارجة عن محل النزاع-لأنهم أطالوا من غير طائل(لأن هذه الإمامة قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها كما في قوله""الأئمة من قريش""[xxviii]
ويؤكد هذا المعنى أحد رموز التيار السلفي في اليمن الشيخ عقيل المقطري: ( لقد ذهب إلى اشتراط القرشية في الحاكم أهل العلم ممن يعتد بخلافهم من أهل السنة والجماعة بل حكى الإجماع، وقد استدل القائلون باشتراط القرشية على صحة ما ذهبوا إليه بالسنة الصحيحة والصريحة وبالإجماع.
أما السنة فقد صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تفيد أن قريشا هم ولاة هذا الأمر (أي الخلافة):-
1- فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلم، وكافرهم تبع لكافرهم، تجدون من خير الناس أشد كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه) وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه: (الناس تبع لقريش في هذا الأمر)[xxix]
2- عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه، ما أقاموا الدين)[xxx]
3- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان) وفي رواية (ما بقي منهم اثنان)[xxxi]
4- عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الأئمة من قريش ولي عليكم حق عظيم ولهم مثله ما فعلوا ثلاثا: إذا استرحموا فرحموا، وحكموا فعدلوا، وعاهدوا فوفوا، فمن لم يفعل منهم فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين)[xxxii]
قال الحافظ بن حجر رحمه الله جمعت طرقه على نحو أربعين صحابيا ونص الحافظ (ابن حجر) على تواتره كذلك الكتاني في (نظم المتناثر في الحديث المتواتر).
5- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر قريش فإنكم ولاة هذا الأمر مالم تعصوا الله فإن عصيتموه بعث عليكم من بلحاكم كما يلحا القضيب، لقضيب في يده)[xxxiii]
6- عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال الإسلام عزيزا إلى أثنى عشر خليفة كلهم من قريش)[xxxiv]
هذه بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن وتركت الكثير منها خشية الإطالة وهذه الأحاديث نصوص صريحة تفيد اختصاص قريش بولاية أمر المسلمين أي الخلافة وقد عبر عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ الأمر والشأن بل إنه صرح بأن الأئمة من قريش وأن الدين لا يزال عزيزاً حتى يلي أمر الناس اثنى عشر خلفية كلهم من قريش.
وهذا ما فهمه جماهير علماء المسلمين من سلف هذه الأمة ولم يشذ عنهم سوى من لا عبرة بخلافه من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والروافض.
ويختم المقطري بقوله:(ثم نقول أخيرا على دعوى مخالفة هذه الأحاديث للمبادئ الإسلامية فيه كمبدأ المساواة
نقول إن التفضيل لا يعني إقرار العصبية لأن الإمام ليس له في نظر الإسلام ميزة عما سواه فهو مثلهم إلا أنه أكثرهم حملا واختصاص البعض بحكم شرعي لا يعني الخروج على المساواة وإقرار مبدأ التعصب المذموم.. وقد خص الشارع قريشاً بأن الإمامة فيهم وخص بني هاشم بتحريم الصدقة عليهم واستحقاقهم الخمس من الغنائم)

طرق تنصيب الإمام وحكم مخالفيه

اتفق علماء المسلمين باستثناء الشيعة الإمامية(الجعفرية والإسماعيلية) على أن الإمام لا يصير إماماً بمجرد صلاحيته للإمامة، بل لابد من أن ينضم إلى ذلك أمر آخر، ثم اختلفوا في ذلك الأمر: فقيل: يكفي بيعة أحد الحاضرين كما في بيعة أبي بكر. وقيل: بالوصية كما في خلافة عمر. وقيل: بالاختيار والعقد من معينين لذلك كما في خلافة عثمان. وقيل: بالبيعة العامة كما في بيعة علي. وقيل: بالغلبة كما في حكم الأمويين والعباسيين. وقيل: حسب الإرث كما يروى عن أنصار العباسيين. وقيل: بظهور المعجزة على يديه. وقيل: بالجزاء على الأعمال.
ولكن الزيدية لم تقل بأنها وراثة،أو بمجرد العقد،بل لابد من الدعوة التي تقابلها الآن الترشح،والخروج،إعلان الثورة على الظالم إن كان الحاكم القائم يستمد شرعيته من القهر والغلبة،فإن استجابة الأمة،ممثلة في العدد الكافي لحدوث التغيير فتتم مبايعة الإمام الجديد، مالم يسقط الواجب عن المؤهل للإمامة،وتأثم الأمة لعدم استجابتها إن كان التغيير ممكناً،
هذا مجمل ما ذكر في المسألة من الأقوال وهي كما ترى تحاكي وقائع فرضت في أوقات معينة، ثم طلب لها الترجيحات الشرعية وصارت بعد ذلك مذاهباً فقهية.

شروط الإمام

ا:-أهل السنة
في مطلع العصر العباسي ظهر بين فقهاء المسلمين ما يعرف بـ (فقه السير)، وهو مجال من مجالات الفقه يتناول أحكام الإمامة وما يتعلق بها، وكان من ذلك أن صنفت شروط للمرشح للإمامة، منها ما اتفقوا عليه ومنها ما اختلفوا فيه.. فعند أهل السنة يحق لأي أحد أن يرشح نفسه للإمامة إذا توفرت فيه عدة شروط بعضها أهم من بعض ومعظمها وضع بهدف تحقق المراد من الإمامة:
وهذه الشروط كما سترى منها ما تقتضيه طبيعة المنصب، ومنها ما لا يحتاج إليه، ومنها ما يستحب أن يكون، ومنها ما هو طبيعي، ومنها ما هو مكتسب، ومن الطبيعي ما هو متفق عليه، ومنه ما هو مختلف فيه، فالشروط السبعة يوافق عليها جمهور أهل السنة،
(الأول العدالة على شروطها الجامعة.
الثاني العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام
الثالث سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة مايدرك به.
الرابع سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض.
الخامس الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
السادس الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو
السابع النسب وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه،ووفقاً لهذا الرأي يرى الماوردي أنه لايجوز لمن لا يتوافر فيه ذلك أن يرشح نفسه للخلافة،فإن الخلافة ليست جائزة لجميع المسلمين،لأنه لا يجوز منازعة الأمر أهله)[xxxvi]
إلا أن(من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولايراه إماماً عليه براً كان أو فاجراً فهو أمير المؤمنين)[xxxvii] على أن يكون من قريش (أي ممن ينتسبون لفهر بن مالك) لأن شروط العدالة والعلم والفضل يمكن إسقاطها بحسب كلام ابن الفراء الحنبلي استناداً إلى ما رواه الإمام أحمد بن حنبل وإن ظلم أو جار (وإن أخذ الحق وجلد الظهر) مالم يعلن الكفر البواح بمنعه المسلمين من إقامة الصلاة،
ويصبح القرشي إماماً أو خليفة بمجرد العقد له من أهل الاختيار،(وإعطاء البيعة للإمام الجديد أمر نافذ وليس هناك حق في الاعتراض عليه،لأن البيعة تصبح ملزمة للجميع الشاهد والغائب معاً،والتنازع على الإمامة لايقدح في المتنازعين لسببين اثنين،الأول إن طلب الإمامة ليس مكروهاً في حد ذاته،والثاني ما أجمع عليه أهل الشورى الذين حددهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل وفاته،واختلف أهل العلم{من أهل السنة}في ثبوت إمامته وانعقاد ولايته بغير عقد ولا اختيار،فذهب بعض فقهاء العراق إلى ثبوت ولايته وانعقاد إمامته وحمل الأمة على طاعته،وإن لم يعقدها أهل الاختيار لأن مقصود الاختيار تمييز المُوَلَى وهذ قد تميز بصفته)[xxxviii]
وتصح الخلافة بوصية من الخليفة المتوفى أي عن طرق العهد(وشرعية هذا الطريق تقوم على مبدأ الإجماع قياساً على"أمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكروهما:أحدهما أن أبابكر رضي الله عنه عهد بها إلى عمر رضي الله عنه فأثبت المسلمون إمامته بعده،والثاني أن عمر عهد بها إلى أهل الشورى فقبلت الجماعة دخولهم فيها وهم أعيان العصر..فصار العهد إجماعاً في انعقاد الإمامة)[xxxix]وللإمام في الفكر السني الحديث والمعاصر كما يعبر عن ذلك الإمام الشهيد حسن البناء مؤسس ومرشد جماعة الأخوان المسلمين نفس مكانة الإمام المعصوم عند الشيعة الإمامية حيث يقول(الإمام الذي هو واسطة العقد،ومجتمع الشمل،ومهوى الأفئدة،وظل الله في الأرض،والإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام ،وأنه شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها،فالخليفة منط الكثير من الأحكام في دين الله ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى فرغوا من تلك المهمة واطمأنوا إلى انجازها، والأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام وبيان أحكام الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها لاتدع مجالاً للشك في أن واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن مناهجها ثم ألغيت بتاتاً إلى الآن،والإخوان يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم)[xl]

ب:-الشيعة الإمامية(الجعفرية)
ترى أنه لابد أن يتم تحديد الإمام بالنص المعين من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باعتبار الإمامة امتداد لمهمة الرسالة،وحصرتها في 12إمام أولهم الإمام علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي محمد بن الحسن العسكري،ولكي تكون الإمامة امتداد للنبوة يجب أن يكون الإمام معصوماً بحيث لايمكن أن يرتكب خطأً في ممارسته،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق