الخميس، 9 أبريل 2009

أزمة خطاب اليمين السلفي تجاه إيران (الاستاذ عبدالملك العجري

الإهداء :إلى روح أخي الشهيد(ادم)في الملكوت الأعلى)

حملة مسعورة تشنها صحف اليمين السلفي المتطرف في اليمن(اقصد باليمين السلفي الجناح الذي بقي محتفظا بعلاقاته مع السعودية بعد التشضي الذي حصل للتيار السلفي بعد أحداث 11/سبتمبر) ضد ما تسميه بالمشروع الفارسي أو التمدد الإيراني,.... بعض هذه الصحف تفرد للخطر الإيراني المزعوم ما يقارب من 50%من المواد المنشورة وتدس انف إيران في كل صغيرة وكبيرة تحدث في اليمن او في المنطقة عموما فإذا سقطت طائرة تجسس أمريكية في الأراضي اليمنية فهي وفقا لهذه الصحف طائرة إيرانية رغم انف أبي ذر, وتتحرك الدبابات الأمريكية نحو بلاد الرافدين انطلاقا من الأراضي العربية المجاورة وتقلع الطائرات المقاتلة من الأساطيل والقواعد العسكرية التابعة لأمريكا والتي تضيق بها منطقة الخليج العربي برا وبحرا, وتتعهد الأردن بتقديم المساعدات اللوجستية لجنود الاحتلال. لكن إيران هي من يجب أن تتحمل مسؤولية ما جرى ويجري للعراق, الاحتلال الصهيوني لا يكف عن تهديد المقدسات الإسلامية والتوغل في الأراضي العربية وجرائمه اليومية ضد الانسان والانسانية في فلسطين ولبنان لاتتوقف ولا يريد ان يرتوي من الدم العربي لكن هذا لا يساوي بعض ما تقترفه ايران .

ماذا يعني هذا ؟وعلام يدل؟



آلا يدل على وجود حملة منظمة ضد (الايرانفوبيا )تاتي ضمن المخطط الأمريكي لمحاصرة ما تسميه بالنفوذ الإيراني من حيث يشعر اليمين السلفي أو لا يشعر ؟



آلا يعني هذا ااعفاء كاملا للاحتلال الانجلو-امريكي من اي مسؤولية يمكن ان يتحملها . فقط المسؤولية التي تتحملها امريكا انها سلمت العراق لايران على طبق من ذهب كما يقولون ؟



الا يعني ان اليمين السلفي يابى الاان يخوض معركة امريكا واسرائيل لكن ضد إيران والشيعة هذه المرة بعد ان خاض ذات المعركة ضد الشيوعية.



كنا نظن ان اليمين السلفي سيستفيد من تجربة أفغانستان وان تجربة غوانتنامو تجعله يفيق من غباءه السياسي ولو لمرة واحدة, وان الأيام قد علمتهم ألا يقعوا في الفخ الأمريكي ثانية بعد ان سقطوا فيه إلى الأذقان أيام الجهاد الخدعة في أفغانستان ضد السوفييت وقتها صارت كابول بيضة الإسلام و مربط خيول المجاهدين وفي النهاية ربحت أمريكا لكن بيضة الإسلام انكسرت .



كنا نضن ان دروس كابول وعذابات غوانتناموا كفيلة بزعزعة التصلب الذهني والتبلد السياسي في عقلية اليمين السلفي، الا ان الاحداث الاخيرة على الصعيد العربي والاقليمي توحي ان امريكا نجحت في نقل بيضة الاسلام الى حدود ايران وان اليمين السلفي قابل لان يخدع ثانية وثالثة ورابعة



واذا كان هناك من فرق بين التجربتين فهوا أن اليمين السلفي يخوض حربه هذه المرة منزوع الأسنان والأظافر فالدرس الذي استفادته أمريكا من أحداث 11/سبتمبر أن امتلاك اليمين السلفي لعناصر القوه قد يكون له تنائج عكسية لذا عمدت إلى نزع أسنانه وتقليم أظافره وفي الإستراتيجية الأمريكية الجديدة وظيفته أشبه بكلب حراسه يكتفى منه بالنباح



وبغض النظر عن التلاقي بين المشروع الامريكي واليمين السلفي فان خطاب الأخير يكشف عن حالة الإرباك التي يمر بها, وهو إرباك يمتد إلى المشروع الأمريكي والدول العربية الدائرة في فلكه, فإيران بدرجة عالية من الذكاء استطاعت أن تقلب السحر على الساحر وان تفسد على أمريكا الكثير من حساباتها في المنطقة وفي العراق وافغانستان ومنطقة الشرق الاوسط تحديدا ،وبدل أن تحاصر إيران وجدت أمريكا نفسها في ورطة لا تدري كيف تخرج منها. وفي لبنان -حيث تختزل هذه الدولة الصغيرة على ساحتها الصغيرة الصراع الإقليمي والدولي- يعترف المندوب السامي في السفارة الأمريكية انما بنوه في ثلاث سنوات هدمه حزب الله- الحليف الاستراتيجي لإيران- في ليلة واحدة, وقد رأينا كيف لجأت أمريكا والأطراف المرتبطة بها هناك إلى الشد على الوتر الطائفي في المواجهة مع حزب الله الأمر الذي يعكس حقيقة الأزمة التي يمر بها المشروع الأمريكي ,والى الآن لا تزال المنطقة تعيش تداعيات العدوان الأخير على غزة والانتصار الذي حققته المقاومة, والحديث عن الصمود في غزة لا يمكن أن يتم من دون الإشارة إلى إيران وهو ما عبر عنه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بالقول إن للحكومة والشعب الإيراني كبير الدور في نصر الحركة في قطاع غزة.



وفي كل الأحوال إيران لاعب ما هر يتقن أصول اللعب ويعرف كيف يلعب مع الكبار وكيف يكسب, وكيف يسدد ضربات حرة ومباشرة في المرمي الأمريكي ونجح في توجيه ضربات موجة تحت الحزام لما يسمى بمحور الاعتدال وان بشكل غير مباشر, ولا يقف الفشل الأمريكي عند هذا الحد فهذا محمد ألبرادعي يقول بصراحة بان الجهود الدولية والأمريكية التي بذلت في السنوات الخمس الماضية لإحباط برنامج إيران النووي منيت بالفشل .



لقد تقاسمت أمريكا وحلفائها من العرب كما تقاسم أصحاب اللجنة على صرم إيران وحلفائها لا يستثنون أحدا سوريا أو حزب الله أو حماس أو الجهاد ولا حتى الحوثيين في صعدة وتنادوا لذلك مصبحين وانطلقوا وهم يتخافتون فكانت حرب حزيران2006م وكان حصار حكومة حماس ثم الانقلاب عليها وصولا الى حرب غزة مرورا بالنووي الايراني بعدها اصبحت مشروعاتهم كالصريم والمفارقة هنا أن المعتدلين العرب لا "وسط" بينهم فهم كالحلقة المفرغة لا تدري أيهم أكثر غباء.



و في سبيل محاصرة المد الإيراني فقد عمدت كل دولة من دول ما يسمى بمحور الاعتدال إلى كل ما بين يديها من أوراق يمكن توظيفها لتحقيق هدفها وجندت له كل إمكاناتها



واحدى هذه الأوراق الأصولية السلفية عن طريق السعودية باعتبارها الراعي الرسمي للسلفية العقائدية والتي تعرف كيف تحركهم حسب الحاجة وفي الزمان والمكان المناسبين ,على سبيل المثال في اليمن تزامنت الحملة التي تشنها صحف اليمين السلفي مع بروز الظاهرة الحوثية الى السطح التي تعد امتداد لإيران بحسب فهم الرياض وحلفائها في المؤسسة العسكرية اليمنية واللوبي السلفي في السلطة.



وبسبب ارتباط اليمين السلفي بنظام الرياض تظهر عليه الأعراض المرضية لنظام الرياض من تبعية لمشاريع أجنبية مشبوهة وانعدام أي رؤية مستقبلية سياسية وثقافية أو اقتصادية أو علمية ..الخ



ومن مظاهر الأزمة في خطاب اليمين السلفي انه خطاب انفعالي تشويهي لا يقدم شيئا أكثر من محاولته تشويه الخصم (إيران)والحط من مكانتها وإنكار كل فضائلها وهو يعبر عن حالة إفلاس حقيقية وشعور بانعدام الجدوائية وحضور العدمية ،ويكشف عن غياب كامل لأي رؤية أو مشروع بديل يقدمه ,ورغم المظهر الهجومي لهذا الخطاب إلا انه في الواقع ينطلق من خلفية نفسية تبريرية دفاعية لتبرير العدمية التي هو عليها والدفاع عن شرعيته الوجودية لا من خلال الحديث عن انجازاته (صفر)وإنما بالتركيز على ظاهرة( الايرانفوبيا )والحق ان له بعض العذر, ؟فكيف له أن يضع نفسه في مقابلة الحضور الطاغي والوجود الفاعل والطموح اللا محدود والمشروع النهضوي المتكامل لإيران, فعلى الصعيد السياسي تتمتع إيران بنظام سياسي مستقر ومتكامل يحفظ الهوية الدينية والقومية والوطنية للشعب الإيراني ويرتكز على انتخابات حرة يعترف خصومها قبل غيرهم بنزاهتها .وعلى الصعيد العلمي انتزعت إيران الثورة لنفسها رقما لائقا بين الأرقام العالمية في مجال الطاقة النووية ومجال أبحاث الفضاء ونجت في إطلاق أول قمر صناعي "أو ميد"- أي الأمل -،محلي الصنع (وصفته واشنطن بالأمر المؤسف)واستطاعت ان تحصد ثلث جوائز ببراءة الاختراع في معرض دبي الدولي 2008م.



وفي مجال التصنيع نجحت إيران في إنتاج صواريخ يصل مداها أكثر من 2000كم وغواصات حربية وطائرات مقاتلة وقنابل ذكية ومدافع عملاقة .وحتي في المجال الفني استطاعت السينما الإيرانية كما يقول الناقد والمخرج المغربي بنشليخة ان تفرض نفسها عالميا وتكرم في اكبر المحافل والمهرجانات وباتت تعد من الدول الثلاث الأولى في العالم وذلك بفوزها بأكثر من 148جائزة دولية ومشاركتها في اكثر من 15 مهرجان دولي ,وتمكن السينمائيون الإيرانيون بفضل كفاءتهم من تقديم أفلام واقعية تحمل رسائل إنسانية ومسحة جمالية تحترم القيم ولا تشتم في التراث ولا تتاجر بجسد المرأة

فضلا عن دورها الفاعل في القضية الفلسطينية ومناصرة الحقوق العربية وموقفها الدائم الداعم لحركات التحرير الوطنية والمقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان سياسيا إعلاميا وتمويلا وتدريبا وتنظيما وتسليحا وهو ما اكسبها ثقة واحترام وتعاطف الراي العام العربي والاسلامي .



فاين إيران وأين اليمين السلفي ؟بل أين إيران وأين السعودية ؟أين النظام العربي للأسف من نظام طهران وهو النظام المتقلب بتقلب إدارة البيت الأبيض من جمهوري محافظ إلى ديمقراطي ليبرالي والعكس والذي لم يعتد إلا على تنفيذ الخطط الجاهزة والمشاريع المرسومة.



وهذا الواقع للنظام في بعض دول الخليج يعكس نفسه على اليمين السلفي بشكل أو بآخر فيشعر بضالة حاله وعجزة عن مجارات إيران على أي صعيد لذلك يكتفي بالوقوف على قارعة الطريق يهوهو في اثر كل قادم صاعد سواء كانت ايران او أي دولة اخرى في المنطقة .



كتب احدهم (الاحتلال الفا رسي يفوق ما احتلته إسرائيل! ) .



بربكم ما الذي يمكن فهمه من هذا الكلام؟ آلا يعني انه ينبغي تحييد إسرائيل وإعادة تحديد أولويات الصراع في المنطقة بحيث تكون إيران على رأس هذه الأولويات !؟والكلام يطول .



الامر الثاني انه بما أن خطاب اليمين السلفي خطاب تشويهي فهو خطاب انتهازي يتربص الفرص ويصطاد في الماء العكر ,واحد الأهداف الرئيسة التي يسعى جاهدا لإقناع نفسه بها وجود ترتيبات أمريكية –إيرانية تتم في الخفاء وخلف الكواليس وان حقيقة العداء بينهما ظاهرية فقط .




وتركيزه على هذه القضية بالذات كونه يرى ان نجومية إيران سببها سيناريوهات المواجهة الأمريكية-الايرانية التي تجتذب جمهور المشجعين خلف البطل الإيراني وما يسببه هذا لليمين السلفي من صداع مزمن يحاول تهدئته بالهروب من هذه الحقيقة ,وعبثا يحاول أن يري في ي بعض الوقائع ما يكشف سر العلاقات الأمريكية الايرانية ويظن انه قد وجد ضالته في ما يسمى بفضيحة إيران –جيت مع أنها لا تفيده و تحسب لإيران لا عليها لان إيران في هذه القضية ابتزت أمريكا ولوت ذراعها وأرغمتها على أن تعطيها الأسلحة التي تحتاجها و اثنا حربها مع العراق رغم الحصار المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة وان تفرج عن ما يقارب الثمانية مليار من الأموال الايرانية المجمدة في البنوك الأمريكية .والمفارقة أنهم في الوقت الذي يدركون دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء وهي تحاول أن تقطع المسافة الفاصلة بين إيران وأمريكا من فوق الصخرة الصماء, لا يرون السماسرة العرب وهم يطوفون حول البيت الابيض مسبحين بحمد ربه صباح مساء .



ايضا وفي سبيل تسميم العلاقات العربية –الايرانية(هدف استراتيجي لامريكا) لا يوفرون جهدا في تصيد أي هفوة أو تصريح إيراني غير مسؤول ومحاولة تاويلة بطريقة تخدم سهيهم هذا غير مدركين ولا ابهين الى الحقيقة اليقينية القائلة بان التكامل الايراني-العربي اقصر الطرق إلى نيل الاستقلال الكامل ,وليس في الافق ما يوحي بانه قادرا على إدراكها .



الأمر الثالث والأخير انه –اي اليمين السلفي –أمام التآكل المستمر في جماهيريته وتحت ضغط الشعور الجارف باهتزاز شرعيته الوجودية يحاول الاتكاء على شرعية السلف الصالح والاحتماء خلف متاريس طائفية وعرقية بوجه التمرد او الانقلاب الإيراني على الشرعية الدستورية للخلفاء الراشدين ويقدم نفسه هيئة دفاع ضد الانتهاكات الإيرانية لحقوق السلف الصالح ,

والحقيقة ان موقفه هذا ليس دفاعا عن السلف بقدر ماهو دفاع عن نفسه والتباكي على قدسية السلف المنتهكة إنما هو رثاء لذاته
صحيح ان ايران دولة رافضية وصحيح ايضا ان حزب الله حزب رافضي ايضا ونفس الكلام بالنسبة لحماس والجهاد فحتى اللحظة هؤلاء يرفضون التطبيع مع إسرائيل جملة وتفصيلا,والتمرد الإيراني الحاصل هو بالأساس ضد شرعية الوجود الامريكي والصهيوني في المنطقة العربية فلماذا اقحام اسمي ابي بكر وعمر في الصراع الامريكي الايراني !؟اعتقد انه من المعيب على اليمين السلفي كلما قال ايران امريكا واسرائيل رفعوا بوجهه ابي بكر وعمر, لانهم بهذا التصرف الاحمق يسيؤون الى الخليفتين أكثر من أي احد.
ايران لم تقيد نفسها في يوم من الايام في علا قتها مع الاخرين بالمنطق المذهبي والقومي الضيق ولذلك استطاعت ان تتجاوز العراقيل والحواجز المذهبية والعرقية وان تخرج الى فضاءات أوسع وفي خطبة للإمام الخميني (1384هـ)يقول "الايدي القذرة التي تبث الفرقة بين الشيعي والسني في العالم الاسلامي لا هي من الشيعة ولا من السنة انها ايدي الاستعمار"ونفس الموقف يقف الأزهر والإخوان المسلمين في مصر ولبنان .
فمتى يستفيق اليمين السلفي ؟متى يتعلم؟ماذا قدمتم للأمة ؟أين هي انجازاتكم؟أين هو مشروعكم وما هو؟حتى نستطيع أن نقرر إما أن نمضي معكم او لا نمضي. بدلا من إزعاجنا صباح مساء بالحديث الدائم والممل عن التمدد الإيراني .
كفوا أقلامكم عن ايران خير لكم لانكم انما تكشفون عن عورتكم لان حقيقتكم العدم وغيران حقيقتها الوجود انتم الغياب وإيران الحضور انتم القدرية وإيران القدرة انتم السلبية وايران الطموح انتم الانسحاب وايران المواجهة انتم الخدعة وإيران اليقظة انتم الحضيض وإيران الفضاء انتم الاستجداء وإيران العطاء..



وفي النهاية...فليمدد إيران ولا يبالي

------

*عبد الملك العجري - كاتب يمني من صعدة

alejri77@hotmail.com*