الخميس، 12 مارس 2009

وإذا كنا لا نتعايش مع بعضنا على مستوى البلد الصغير(قطر) فكيف سنتوحد على مستوى الأمة،

بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا التعايش؟ حسن محمد زيد
قال تعالى{ فلذلك فأدع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل ءامنت بما أنزل الله من كتابٍ وأمرتُ لأعدل بينكم، الله ربُنا وربُكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم، الله يجمع بيننا وإليه المصير)الشورى آية15
وقال تعالى:{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله}[آل عمران:64 وقال عز من قائل{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}[العنكبوت/46]
وقال تعالى*إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم* صدق اله العظيم
والصلاة والسلام على المرسل رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
تمهيد:
الدعوة إلى التقريب على سمو الغاية (والتوحيد من باب أولى) منها تستفز واقع التعددية المذهبية في المجالين العربي والإسلامي، وتشعرها بالتهديد فتلجأ إلى الدفاع عن وجودها ومصالحها بالهجوم على الآخر فتتحول الدعوة إلى التقارب أو التوحيد إلى عامل ودافع للصراع والعداء والخصومة وهي (أي التعددية المذهبية) حقيقة قائمة في الكثير من الدول والبلدان العربية والإسلامية، ولا يمكن التغافل عن هذه الحقيقة، أو تجاهلها والقفز عليها ولذا نحن بحاجة إلى نظام اجتماعي ثقافي سياسي، يحمي هذه الحقيقة ويحترم خصوصياتها، ويوفر للجميع على حد سواء الحماية والحرية.
ولهذا فالعنوان العملي الذي يمكن طرحه للتعبير عن إطار لتنظيم العلاقة هو (التعايش) الذي يجب أن يبني على المعرفة الموضوعية ببعض والإقرار بحقنا المتساوي في الوجود
فالتعايش كعنوان وممارسة اجتماعية من المصطلحات والمفاهيم التي تستبطن مضمون فكري وعملي أكثر واقعية وتواضعاً يصلح لأن يكون مدخلا للوحدة أكثر من مفهوم التقريب أو التوحيد لأنه لا يثير في نفوس زعماء الطوائف والمذاهب القدر من المخاوف التي تثيرها الدعوة للتقارب والتوحيد،
إن المذاهب في الإسلام لم تكن في نشأتها الأولى مظهرا لانقسام المسلمين وتوزعهم, وإنما كانت تعبيرا عن حيوية عقلية وعملية أدت إلى تشعب الآراء ونشوء التيارات المنهجية في استنباط الأحكام الشرعية ودلالات النصوص على النحو الذي أغنى الإسلام عقيدة وشريعة وأتاح للمسلمين أن يمارسوا أعمق أشكال الحوار المستند إلى المنطق والعلم،
الحديث عن التصالح أو التسامح أو التعايش-بين-المذاهب الإسلامية-يقتضي بالضرورة التعريف بها، ويوجب إشاعة المعرفة بها، ولن تكون المعرفة موضوعية إلا من خلال العودة إلى كتب كل مذهب وفرقة وحركة، وبالاعتماد على ما تقوله لأن أبناءها ورموزها
لأنا كمسلمين عشنا-جهلاً مركبا- ببعضنا- أشاعه.....-الواقع التاريخي والجغرافي الذي باعد بين القرى المتجاورة- في ظل عدم انتشار الكتب والمؤلفات لندرتها وتفشي الأمية.
فالكتب-ظلت حكراً على الصفوة للاعتماد على النسخ اليدوي ((قبل الطباعة)) وظلت المعرفة حكراً على قلة القلة ولغتها خاصة لا يفهمها إلا من تفرغ للتحصيل واقتصر التحصيل على تلقي كتب بعينها تكرس القطيعة بين المسلمين التي لعبت السلطة السياسية بالدور الأكبر في تكريسها.
((فالسني)) يكتب عن ((الشيعي)) والمعتزلي عن الأشعري، فكرة أسلافه عن أخيه، ويكرس الصورة التي أراد أسلافه الذين خاضوا جدلاً أو صراعاً أن يكونوها عن خصمهم والعكس، وامتد الأمر ليصل إلى الانقسام داخل ((الفرقة أو الطائفة أو المذهب الواحد)).
فالحنفي يكتب عن الحنبلي ما يلزمه به، والحنبلي يكتب عن الحنفي ما يتهمه به.
والزيدي عن الإسماعيلي والجعفري، والعكس، أي أن الكتابة عن الآخر في الغالب ليست أكثر من بيان اتهام لتبرير الحكم الذي سبق إصداره
وإذا كان ((للجهل)) المركب مبرراته الموضوعية قبل الانفجار المعرفي الهائل وقبل التطور في وسائل الاتصال التي جعلت العالم ((غرفة واحدة)) فلم يعد له الآن أي مبرر
فمن الميسور الآن –عبر الشبكة العنكبوتية ((الانترنت)) أو عن طريق القنوات الفضائية معرفة الآخر من مصادره، ومن خلال الاستماع إليه مباشرة لم يعد هنالك أي ((مبرر)) للجهل المركب ولم يعد من الجائز التقول على الآخرين وإطلاق التهم. ولم يعد ممكناً تجاهل وجودنا جميعاً في غرفة واحدة.
ومن غير المعقول أن يتمسك كل طرف بفكرته الموروثة عن الآخر وتجاهل وجوده بجواره مختلفاً عما يردده عنه. وبالمنطق الشرعي- نقول:
إنه البهتان عظيم-أن نصر على أن عقيدة الآخر –رأي الآخر-هو ما قاله المؤرخ -أو الشيخ-أو الحجة عنه وهو المتوفى قبل قرون، ونرفض ما يقول ((الآخر)) عن نفسه، وما تقوله أصوله، كتبه،الموجودة بين أيدينا.
ولان التعايش كمفهوم ثقافي وممارسة اجتماعية من المقولات والمفاهيم التي تحتضن مضامين عقدية وفكرية واجتماعية أكثر واقعية ودقة من التقريب لأن الدعوة للتقريب تستفز من لهم مصالح في استمرار القطيعة والصراع
فإنه يسمح ب(التعارف) والتي تعني في العلاقة المذهبية :
توفر الاستعداد النفسي والاجتماعي والأخلاقي لبناء علاقة ‘ايجابية متواصلة مع الآخرين، وتفسح المجال لبناء علاقة سوية وسليمة بين جميع الأطراف والمكونات.
الاعتراف بالآخر، وهذا الاعتراف هو الذي يقود إلى مشروع التعارف على أسس واضحة ومثمرة.
التعايش في مضمونه وآفاقه ينطوي على دعوة عميقة وجوهرية لمعرفة الآخر من خلال استكشافه وولوج منظوماته وقراءته كما هو، بعيدا عن التحامل والعصبية الاجتماعية والفكرية. وهذا يقتضي الحوار المتواصل والمستديم بين جميع الأطراف والمكونات، حتى يتسنى للجميع المعرفة المتبادلة واكتشاف الآخر بعيدا عن الأحكام المسبقة والتهم الجاهزة.
فالتعددية المذهبية هي حقيقة تاريخية واجتماعية ينبغي التعامل معها بحكمة وروية وبعد نظر، حتى ترتفع كل العناصر السيئة التي تشوب العلاقة بين المكونات المذهبية في المجالين العربي والإسلامي.. ومقولة التعارف هي أولى الخطوات في مشروع صياغة العلاقة الإيجابية بين أهل المذاهب الإسلامية.
حدود الاختلاف
الاختلاف بين المسلمين بحسب (مؤرخي المذاهب والفرق والحركات السياسية- له ثلاثة أوجه الخلاف في الاعتقاد ((فيما يسمى أصول الدين)) وأبرز موضوعاته-مسألة الجبر والاختيار، التنزيه والتشبيه والتجسيم- ومسألة خلق القرآن... والرؤية والشفاعة وعند البعض ألحقت مسألة الإمامة.
والانقسام حول هذه المسألة أخذ مسميات معبرة عن مواقف- الفرقة والأشخاص من كل قضية على حده ومن مجملها:
فيقال –قدرية وجبرية، وعدلية، ومرجئة، وكسبية....الخ.
وأبرز الفرق الكلامية في التاريخ الفكري- المعتزلة، والأشعرية والماتريدية والسلفية.
وقد ترتب الخلاف- في المسائل الأصولية أو بني على أسس منهجية، ومسلمات بنت كل فرقة تفاصيل معتقدها عليها.
كمسلمة وجوب النظر على المكلف وعدم جواز التقليد في مسائل الأصول التوحيد والعدل و...الخ. وفي المقابل: القول - بجواز التقليد وجواز العمل بالظني في أصول الاعتقاد....
1-لكن الاختلاف كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة ((حول العقيدة، لم يكن الاختلاف في لبها كمسألة الجبر والاختيار، وغيرها من المسائل التي جرى حولها الاختلاف بين علماء الكلام مع اعتقاد الجميع بأصول الوحدانية، وهو لباب العقيدة الإسلامية، لا يختلف فيه أحد من أهل القبلة)) صـ3-كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية-.
2-والخلاف حول مسألة الخلافة أو الإمامة خلاف تاريخي لم يعد له تأثير في الواقع السياسي لأن البلدان الإسلامية تحكم الآن في غالبيتها بمرجعية الدستور أو مرجعية وطنية قطرية، ولا يوجد اليوم من يدعي أنه إمام أو خليفة للمسلمين، حتى من يسمى أميرا للمؤمنين يحكم أو محكوم ولو نظرياً بدستور يحدد إمارته بحدود جغرافية وسياسية قطرية
3-والاختلافات الفقهية –التي ترتب عليها وجود المذاهب الإسلامية نتيجة طبيعية لغياب الرسول صلى الله عليه واله وسلم، فما إن غاب الرسول صلى الله عليه واله، حتى أختلف الصحابة بعده فيمن يخلفه، وبدأت الاجتهادات الفقهية، واختلفت لاختلاف طبائع الصحابة وأعمارهم ومدى إلمامهم بالنصوص (الكتاب والحديث) وقدراتهم على فهمها وفهم مقاصد الشريعة
ولأن الأحكام الشرعية المنصوص عليها في ( الكتاب والسنة) ليست كلها نصوصاً محكمة لا تحتمل إلا معنى واحد فمنها ما هو نص، لا يحتمل إلا معنى واحداً بدلالة عدم اختلاف الصحابة أو من جاء بعدهم في فهم دلالته ومنها الظاهر والمجمل والمطلق والمقيد والعام والخاص
(وما كان ظاهراً بالشرع، فإنه يحمل على ظاهره شرعاً إلا لدلالة، وهذا نحو الصلاة، فإنها تحمل عند الإطلاق على ظاهرها الشرعي إلا لدلالة؛ لأنها صارت ظاهرة في معناها الشرعي، فلا تصرف عنه إلا لأمر يقتضيه ويدل عليه، فلا تحمل الصلاة على الدعاء إلا لدلالة خاصة، وهكذا القول في الصوم وغيره، تحمل على معانيها الشرعية عند إطلاقها.
وأما المجمل: فهو الذي لا يفهم المراد من لفظه ويفتقر في البيان إلى غيره. ثم هو على وجهين:
أحدهما: لا عرف فيه من جهة اللغة، ومثاله قوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }[الأنعام: 141].. فما هذا حاله [فهو] مجمل لا يمكن الاحتجاج به؛ لأنه لا يمكن فيه معرفة جنس الحق ولا قدره فلا يمكن العمل عليه إلا لدلالة موضحة لقدره وجنسه وكيفية تأديته.
وثانيهما: أن يكون له عرف من جهة اللغة. وما هذا حاله يمكن العمل عليه فيما كان متعارفاً فيه. ومثاله قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } [ النساء: 23]. فإن ما هذا حاله يمكن العمل عليه؛ لأنه قد صار متعارفاً في الاستمتاع من كل الوجوه فيمكن امتثاله، ولا يكون مجملا لما ذكرناه، فهذه جملة أدلة الكتاب التي تدل عليها.
وأما العموم فلا حاجة إلى إفراده بالذكر، لإندراجه تحت ما ذكرناه من الظاهر؛ لأن دلالة العموم من جهة الظهور، ولا يكون نصاً إلا إذا كانت الاحتمالات مسندة إلا احتمالاً واحداً) الأمام يحيى بن حمزة
(فكل لفظ عام في القرآن إذا جاء في السنة ما يخالف ظاهره خصص عموم القرآن بالسنة.
وقال أبو حنيفة وبعض الفقهاء: أن عموم القرآن يسير على مقتضى العموم، وإذا كانت السنة مخالفة له مخالفة جزئية متواترة أو مشهورة، فإنها تخصص القرآن، وإذا كانت غير متواترة، فإن القرآن يسير على مقتضى عمومه؛ لأنه قطعي في تواتره، ولا يمكن أن تكون أخبار الآحاد في مقام القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتعد أخبار الآحاد التي تخالفه غير صحيحة بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
....وهكذا نجد الفقهاء يختلفون حول جزئيات في الاستدلال بالقرآن الكريم، ولو وسعنا الأفق، واتجهنا إلى الشيعة الإمامية لوجدناهم يختلفون مع السنيين في مقدار أراء الرجال في فهم القرآن الكريم، فأهل السنة يرون أن القرآن يفسر بالسنة، وإذا لم يرد في الباب الذي يجتهدون فيه سنة اجتهدوا في فهم القرآن بما أوتوه من علم البيان العربي، وعلم بالشريعة في مقاصدها وغاياتها ومراميها){أبو زهرة} هذا عند مذاهب السنة، (أما الإمامية فإنهم يرون أن الأئمة الأثني عشر هم مفاتيح علم الكتاب الكامل ولا يمكن أن يدخل الناس أبوابه كاملة إلا بهذه المفاتيح، ويروي الكافي عن أبي عبد الله الصادق- رضي الله عنه- أنه قال: ((ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله، ولكن لا تبلغه عقول الرجال))( ).
وإذا كانت عقول الرجال لا تبلغه عندهم فعقول الأوصياء الأثني عشر هي التي تبلغه، تعلمه الناس، فهم مفاتيح القرآن، وفهمهم له هو فهم من لدن الله- تعالى- فهم ملهمون في كل ما يقولون، وما يحكمون به، بل إنهم معصومون عن الخطأ وإن كان جبريل لا ينزل عليهم.) أبو زهرة تاريخ المذاهب الإسلامية
وكما وقع الاختلاف في فهم نص القرءان فقد وقع الاختلاف حولها وهي إما قول أو فعل أو تقرير المعصوم
(أما القول: فهو نص وظاهر ومجمل
فالنص: كقوله: (( في كل أربعين من الغنم شاة )) وكقوله : (( في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة )) فهذا وما أشبهه نص في الحكم يجب المصير إليه ولا يجوز العدول عنه بتأويل؛ لأنه لا يحتمله وإنما يجوز تغييره بناسخ أو معارض له.
والظاهر من السنة: فهو جميع الأوامر الشرعية، فإن ظاهرها دال على الوجوب وليس نصاً في الوجوب، كقوله عليه السلام لأسماء: (( حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء )). وكقوله: (( إذا فضخت(أي قذفت)الماء فاغتسل )). وهكذا جميع المناهي الشرعية فإنها دالة بظاهرها على التحريم كقوله: (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن )). مع احتماله لغيره.
والمجمل: كقوله عليه السلام: (( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أ لا إله إلا اللّه،وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)). فما هذا حاله مجمل لا يمكن الاحتجاج به إلا بدلالة توضح ما ذكره من الحق الذي استثناه.
وأما الفعل: فهو شرع لدلالة العصمة عليه، ثم إما أن يرد مستقلاً بنفسه، وإما أن يرد بياناً لغيره.
فإن ورد على جهة الابتداء فإن لم يكن فيه قربة فهو دال على الجواز كالبيع والشراء، والأكل والشرب؛ لأن أدنى درجاته الجواز، فأما الحظر فلا يجوز في حقه لأجل العصمة.
وإن كان فيه قربة فقد وقع فيه تردد بين العلماء، فمنهم من حمله على الوجوب، ومنهم من حمله على الندب، و منهم من وقف في حاله وجوز الأمرين جميعاً. هذا كله إذا ورد على جهة الابتداء والاستقلال.
وإن كان وارداً على جهة البيان فحاله معتبر بالمبين في الوجوب والندب والجواز عند قوم، ومنهم من قال بأنه إذا كان بياناً فهو واجب بكل حال، سواء كان بياناً لواجب أو مندوب أو جائز؛ لأن البيان لا بد منه على كل حال وإلا كان الخطاب لغواً لا فائدة فيه.
وأما التقرير: فهو على وجهين: أحدهما: أن يرى رسول اللّه أمراً فيقر عليه، فما هذا حاله يكون جائزاً؛ لأنه لو كان قبيحاً لم يجز أن يقره عليه، ومثاله: ما روي أن أحد الصحابة صلى ركعتين بعد الفجر، فقال ً: (( ما هاتان الركعتان ))؟ فقال: هما ركعتا الفجر، فلم ينكر عليه.
وثانيهما: أن يُفْعَل بعهده لا بحضرته، فإن كان من الأمور الظاهرة التي لا يخفى حالها، فيكون بمنزلة ما لو فُعل بحضرته وسكت عليه؛ لأن الغرض هو علمه به وتقريره عليه، وإن كان مما يجوز أن يخفى، لم يدل على جوازه، ومثاله: ما روي عن بعض الصحابة أنهم قالوا: كنا نجامع ونكسل. [والإكسال: هو الإيلاج من غير إنزال]. على عهد رسول اللّه ً ولا نغتسل. فما هذا حاله [فهو]مما لا يجوز الاحتجاج به؛ لأنه من الأمور الخفية، ويجوز أن يكون الرسول ً لم يشعر به، ولهذا لم يعمل به الصحابة ولم يرجعوا إليه) الإمام يحيى بن حمزة
والثابت أن أغلب النصوص هي من المجمل أو الظاهر وليست نصوصاً محكمة ولم يكن الصحابة على درجة واحدة من القدرة على الفهم ولم يحضر كل الصحابة كل مواقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فمنهم من شغلته التجارة أو الزراعة أو الرعي ومنهم من أسلم متأخراً ومنهم من كلفه الرسول بمهام خارج المدينة فغاب عن مواقف تشريعية مؤثرة
و للسنة أهمية بالغة في الفقه لأن الأحكام التي جاءت بها أربعة أنواع:
الأول:- موافقة لإحكام القرآن ومؤكدة لها.
والثاني:- مبينة لمعاني القرآن ومفصلة لمجمله،مثل كيفية الصلاة ومناسك الحج ونصاب الزكاة ومقدارها.
الثالث:- مقيدة لمطلق القرآن أو مخصصة لعمومه .
الرابع :- سكت عنه القرآن وجاءت به السنة لأن السنة مستقلة بتشريع الأحكام كالقرآن،من ذلك تحريم الحمر الأهلية وأكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير وكالحكم بشاهد ويمين وجواز الرهن ووجوب الدية على العاقلة وميراث الجدة)
وأغلب ما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم انفرد بروايته شخص واحد عن شخص أو أكثر من واحد،لذلك اختلفت المذاهب في الشروط الواجب توفرها في الخبر الأحادي المروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،فبعضهم يشترطون في رواة أخبار الآحاد كالزيدية الذين يشترطون:(أن يكون الراوي عدلاً ثقة، لأنهم لايشترطون أن يكون الراوي زيدياً و من آل البيت فالشرط هو العدالة المجردة،وذلك لأصل المذهب الزيدي،وهو تعديل جماهير المسلمين إلا من يثبت فسقه)(أبو زهرة)
وهم إذاً (يقدمون رواية آل البيت إذا تعارضت مع رواية غيرهم،فرواية علي مقدمة على رواية غيره من الصحابة،ورواية أي صحابي من آل علي أولى من رواية غيره،ورواية الحسين مقدمة على رواية ابن عباس وكذلك رواية الحسن،وكذلك التابعي من آل البيت تقدم روايته على رواية غيره)ف(الرواية أعلى مراتبها القرابة،ثم الصحابة،ثم مفسرو التابعين،ثم الثقات،){أبو زهرة}(ويستفاد من هذا النص أمور أربعة:
أولها-أن القرابة ليست شرطاً في صحة الرواية، فالراوي من غير القرابة روايته مقبولة.
وثانيها-أن رواية القرابة مقدمة، وخصوصاً إذا انتهت إلى علي
وثالثها-أن اتصال السند إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس بشرط،فقد جعلوا رواية التابعي المجتهد تلي رواية الصحابي،أي أن مرسل الحديث مقبول عند الزيدية مادام التابعي ثقة مجتهداً أو غير مجتهد،وإن كان المجتهد يقدم على غير المجتهد.
وهذا هو رأي أبي حنيفة ورأي مالك(رضي الله عنهما) في
الأمر الرابع- من ذلك نجد أن الأحناف يشترطون للعمل بالخبر المروي شروطاً منها:
(1-أن لا تكون متعلقة بما يعم به البلوى، {لأن ما يكون كذلك لابد أن ينقل عن طرق التواتر}
2-أن لا يخالف القياس الصحيح والأصول والقواعد الثابتة في الشريعة إذا كان الراوي غير فقيه
3-أن لا يعمل الراوي بخلاف الحديث الذي رواه لأن عمله يدل على نسخه، أو تركه لدليل آخر،أو أن معناه غير مراد على الوجه الذي روي فيه...وقد مثل الأحناف لذلك بعدم عمل راوي حديث الغسل سبعاً لولوغ الكلب
ويشترط المالكية:
1:عدم مخالفة عمل أهل المدينة،{لأن عمل أهل المدينة في عصر مالك تجسيد للسنة المتواترة،ولذلك لم يعمل المالكية بأحاديث ضم اليدين في الصلاة لأن أهل المدينة في عهد الإمام مالك كانوا يرسلون في الصلاة وهم بالآلاف مما يستحيل القول معه أنهم أجمعوا على مخالفة فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهم قريبو العهد به)
2-أن لا يخالف خبر الآحاد الأصول الثابتة والقواعد المرعية) بينما لا يشترط أحمد موافقة الخبر لأي قاعدة(فالأثر مقدم حتى لو كان ضعيفاً على الرأي ويقدم على القياس){ابو زهرة}
هذا بالإضافة إلى أن نص الخبر منه ( النص والمجمل .....) ومنه الصحيح والضعيف والحسن والمشهور والمتواتر والغريب....الخ مصطلحات علماء الحديث
ومن أبرز ما تتميز به بعض المدارس الفقهية، هو التأكيد على أهمية عرض الحديث على القرآن،أي أن لا يقتصر النقد على السند بل لابد من نقد المتن،فالحديث الذي يتعارض مع القرآن أو لا يوجد في القرآن له أصل بحسب تعبير الإمام القاسم(والسنة ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى) لا يعمل به،وكذلك إن تناقض مع حكم العقل،أو حقيقة علمية ثابتة)
. ولا يؤخذ عند البعض بأخبار الآحاد في مسائل الأصول أي أصول الدين وأصول الفقه وأصول الشريعة،لأن هذه إنما يؤخذ فيها باليقين وأخبار الآحاد لا تثمر إلا الظن
وكذلك لا يقبل خبر الآحاد فيما تعم البلوى علماً وعملاً وفيما تَعم به البلوى عملاً كحديث مس الذكر وكذا في وجوب الغُسل من غسل الميت وغسل اليدين عند القيام من النوم ففي قبوله خلاف بين الأصوليين،
وشرط قبولها:الأول العدالة،والضبط،وعدم مصادمتها دليلاً قطعياً،وفقد استلزام متعلقها الشهرة،) الإمام يحيى بن حمزة
ولهذا الاختلاف في شروط القبول بالعمل بالخبر المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه واله وسلم والتنوع في كيفية فهم النصوص ومصادر التشريع ولغيرها تكونت المذاهب، خصوصاً بعد فتح أغلب العالم القديم وانتقال عاصمة الدولة إلى دمشق ثم بغداد فتعدد البيئات وتنوع الثقافات أدى إلى اختلاف الاجتهادات، وخير مثال على ذلك كما هو شائع اختلاف فقه الإمام الشافعي بعد انتقاله إلى مصر عما كان عليه في العراق
ولكن (اختلاف الآراء في الفروع الفقهية لا يدل على انحراف في الدين، ما دام لم يخرج من المقررات الشرعية المجمع عليها من السابقين، ومن جاء بعدهم، بل إن الاختلاف ما دام أساسه طلب الحق، يفتح للناس باب التوسعة على الناس فيما يختارون، ويفتح للعقول الطريق للاختيار الصحيح، فإنه من وسط اختلاف الآراء، وتعرف أوجه النظر فيها ينبلج نور الحق ساطعاً واضحا) أبو زهرة
و ولم يكن الاختلاف في(ما علم من الدين بالضرورة ككون فرائض الصلوات خمساً، وكون الاستقبال في الصلاة إلى البيت الحرام، وأركان الصلاة وفرضية الصوم والزكاة والحج، ومقادير الزكوات، وغير ذلك من الأمور التي تعتبر إطار الإسلام الذي لا يعد مسلماً من لم يكن داخله، ومن هذه المحرمات في النكاح .والمقادير في المواريث، وغيرها مما هو ثابت بالقرآن الكريم ثبوتاً لا مجال للريب فيه، ولقد قرر العلماء أن هذه الأمور ثابتة بالإجماع الذي يخرج من الدين من ينكرها) أبو زهرة
ومع وجود الخلافات الفقهية بين مذاهب السنة والشيعة وداخل كل مذهب إلا أن قلة شاذة (هذا إن وجدوا وجاز نسبتهم إلى مدرسة فقهية إسلامية) تعتبر الخلاف الفقهي سبباً للحكم بكفر المخالف أو حتى ضلاله وابتداعه، حتى من كفر المخالف في أصول العقيدة فإنه يتحرج من التصريح بإهدار دمه بل في الغالب ميز بين كفر التأويل وكفر الملة أو الكفر الصريح من حيث الأحكام المترتبة على الحكم بالتكفير
بل أن الفقهاء يعتبرون مجرد وجود الفهم المخالف لفهمهم دلالة على أن موضوع الخلاف حكم ظني، فالخلاف في أي مسألة يصير الحكم ظنياً والمخالف إما مجتهد أخطأ وله أجر أو مصيب له أجران، هذا عند من يقول بأن الحق في القضايا الاجتهادية متعين مع واحد، أما عند من يقول بأن كل مجتهد مصيب لأن مطلوب الله من عباده في القضايا الظنية هو الاجتهاد وليس حقاً معيناً فإنهم لايرون أن الحق في القضاياء الخلافية متعين مع واحد بل إن الحق متعدد وقد عرف القائلون بها بالمصوبة ويعتبرون أنها ميزة يجب أن تكون مقدمة (لابد للفقيه الخالي من علم الأصول من إحرازها والإحاطة بها لأوجه ثلاثة:
أما أولاً:- فلأن يُعلم فضل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على غيره من الأنبياء بما خصه الله تعإلى بما لم يخص به غيره من الرسل وفضل هذه الشريعة على غيرها من سائر الشرائع المتقدمة باتساع طرقها وامتداد أطرافها وفضل هذه الأمة على غيرها من الأمم السابقة بأن جعلهم حاكمين في كل حادثة بأنظارهم الثاقبة ،وفاصلين في كل قضية بمواد فكرهم الصائبة.
وأما ثانياً:- فلئلا يستوحش الناظر لما يرى من كثرة الخلاف في كل مسألة من المسائل الاجتهادية ،فإذا عرف أنها كلها صائبة هان عليه الأمر ولم يعظم عليه الخطب فيبقى في حيرة من أمره ،فإذا عرف أنها كلها على الحق زال عنه الخوف وزاح عنه الطيش والفشل.
وأما ثالثاً:- فلئلا يستعجل إلى تخطئة من يخالفه في المسلك ،فيحكم له بخطأ أو بهلاك من غير بصيرة ،ومع إدراك هذه الخصلة أعني معرفة التصويب لا يستعجل بهلاك من يخالفه،وكيف يقع الهلاك والآراء كلها صائبة وكلها حق وصواب ،وهذا من فضل الله ورحمته وعظيم منته على الخلق وجزيل نعمته .
فإذا تمهدت هذه القاعدة فاعلم أن كل مسألة ليس فيها دلالة قاطعة فالأُمة فيها فريقان :- أحدهما
الفريق الأول :- قائلون بأن الواقعة ليس فيها حق معين ،وأن الآراء كلها حق وصواب ،فهؤلاء هم المصوبة ،أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة والمحققون من الأشعرية ،وعليه جمهور الفقهاء أبو حنيفة والشافعي ومالك وأتباعهم
والذي نرتضيه هو ما قاله أصحابنا والمعتزلة وذهب إليه محققوا الأشعرية والفقهاء وهو أن الواقعة ليس فيها لله حكم معين ،وإنما يكون على نظر المجتهد ورأيه ........فإنه متى أدى نظره إلى حكم من الأحكام من تحليل أو تحريم أو غيرهما من سائر الأحكام الشرعية العملية، فإن ما هذا حاله يكون حقاً وصواباً عند الله تعالى .. قاعدة كل مجتهد في المسائل الفرعية مصيب حمل كل مجتهد على السلامة فيما أداه إليه اجتهاده، وذهب إلى القول به مرجحاً له على غيره، وأن الخلاف المنهي عنه إنما هو مرجح له على غيره، وأن الخلاف المنهي عنه إنما هو التخطئة من بعض لبعض لا في اختلاف الاجتهاد الذي اشتهر أمره حتى في عصر الصحابة) الإمام يحيى بن حمزة
ومع الإجماع منعقد على أن المخالف في القضايا الاجتهادية إما مخطئ له أجر أو مصيب وله أجران إلا أن القضية التي تستخدم الآن للإثارة المذهبية وتعكر التعايش بين السنة والأخوة الشيعة الجعفرية هي( الزواج المؤقت) وهي قضية يستغل فيها الرأي العام للتحريض ضد الأخوة الجعفرية مع أنها كانت محل خلاف حتى القرن الثاني، عند السنة كما يذكر ذلك الإمام محمد بن علي الشوكاني نقلاً عن أبن حزم بل إن أبن حزم جزم بإجماع أهل مكة على إباحتها حتى القرن الثاني، وإجماع أهل المدينة على حرمتها،) ومع أنها مسألة فقهية ومجرد قول فقيه مجتهد واحد يخرق الإجماع إلا أنها تأخذ طابعاً تحريضياً لا مبرر له خصوصاً ومن يقول ببقائها على الإباحة لا يوجب العمل بها بل يتمسك بقناعة فقهية يعتقد صوابها، وبعض من يستنفر ضدها لا ينطلق من موقف شرعي أخلاقي( لتبريره أو تغاضيه عما نتائجه وأثاره أكثر سلبية من وجهة نظره وأبعد عن مقاصد الشريعة والقيم الخلقية من شيوع الزواج المؤقت)
والخلاف الأبرز إعلاميا هو موضوع الإمامة وما ترتب عليه وهو أول خلاف حدث في التاريخ الإسلامي ، وقد بات قضية تاريخية ولا علاقة له بواقعنا المعاصر المحكوم بالشرعية الدستورية والدولة (القطرية) والإمام الوحيد المعاصر بحسب فهمي هو إمام طائفة من الشيعة الإسماعيلية( وريث الأغا خان) وهو بدون دولة ولم نسمع عن سعيهم لفرضه على الأمة،
وعلينا أن نتقبل مخالفة الآخرين لنا، وأن لا ننصب أنفسنا كقضاة محاكم التفتيش،
وبدون الدخول في التفاصيل، حتى لا تستغل من الشياطين يجدر أن نشير إلى أسس ضرورية لتحقق التعايش،
أولاً :1-أننا جميعاً نعلن إيماننا بأن الإكراه في الدين لأنه مستحيل، (إن فهمنا آية"* لا إكراه في الدين* بمعنى الإخبار وسلمنا بأن الإيمان لا يمكن أن يكون إلا عن اقتناع حر ونتيجة ليقين، وحتى إن فهمت الآية بمعنى التشريع، فإن من غير الجائز الإكراه في الدين، وهو إن حدث نتيجة لحالة قمع وتسلط أو إغواء لن يكون في الغالب إلا نفاقاً أو استسلاما يخلوا من الإيمان
2- لتكون العبادة لله لابد من الإخلاص وبدونه تتحول العبادة إلى رياء أي شرك، والإخلاص لن يكون إلا مع الحرية،
ثانياً: أن مصدري العقيدة والشريعة (القرآن الكريم والسنة النبوية) كما قلنا قابلان -بضرورة اللغة- للحمل على أكثر من معنى، نتيجة لتعدد المعاني التي يدل عليها اللفظ العربي، فضلا عن ارتباط فهمه بالسياقات المختلفة، وتأثير الموروث الفكري والاجتماعي في نمط تفكير الإنسان المكلف
فالتعايش لا يتحقق إلا بالقبول بالتعدد المذهبي والوقوف بحزم ضد كل أشكال التمييز العرقي و المناطقي والمذهبي، وبتوفير المناخ السياسي والحضاري المناسب ولكي يمارس هذا التعدد دوره في بناء الأمة وتعزيز الجبهة الداخلية لكل قطر يجب الالتزام بالآتي:
1-الاعتراف القانوني والسياسي بالمذاهب الإسلامية المتوفرة في كل بلد إسلامي, وإعطاؤها المجال والفرصة لكي تمارس بحرية كل أعمالها وأنشطتها الثقافية والدينية والاجتماعية.
2- سن القوانين التي تجرم وتعاقب من يمارس التمييز، فلا يمكننا أن ننهي التمييز من واقعنا الاجتماعي إلا بوجود منظومة قانونية متكاملة, تتعامل مع كل أشكال التمييز باعتبارها جرما يعاقب عليه القانون.
3-تنقية المناهج التعليمية والتربوية والمنابر الإعلامية والمساجد من كل العناصر والقضايا التي تبث الكراهية الدينية والمذهبية، فلا يمكن إنهاء مشكلة الصراع إلا بإنهاء المصادر الثقافية والإعلامية التي تغذيه وتمده بالأسباب والمبررات. ومن ذلك تنقية المناهج الدراسية من المفردات التي تطعن في المذاهب الإسلامية الأخرى أو تطعن في عقائدها ورموزها التاريخية.
4-بناء ثقافة وطنية جديدة قوامها الوحدة التي لا يمكن أن تتحقق إلا باحترام التعدد والتنوع بكل مستوياته وصيانة حقوق الإنسان، إذ لا يمكن التعايش الإيجابي دون إرساء ثقافة اجتماعية ووطنية جديدة تعيد الاعتبار للوحدة على أساس احترام التنوع, وتتعامل مع تعدد الاجتهادات الفقهية والفكرية باعتبارها من الحقائق التي تثري المجتمع والوطن.
ثالثا يجب أن نلتزم في تعاملنا وسلوكنا أسسا منها:
1: حسن الفهم
والمقصود بحسن الفهم في هذا المقام حسن التعرف على حقيقة موقف الطرف الآخر، ولا يكون بالاعتماد على الشائعات، بل يجب أن يكون من مصادره الموثقة أو من العلماء الثقات المعروفين؛ وكم من كلام يردده العامة ويشيع بين الناس، وهو في الحقيقة مجرد أكاذيب وإشاعات لا أصل لها.
وأبرز مثال على سؤ الفهم (مسألة تحريف القرآن) التي يتهم بها فريق من المسلمين مع أن المصاحف المطبوعة عند الجميع هي نفسها، وهي نفس التي يُحفِّظونها لأبنائهم ويربونهم عليها حفظا وتدريسا، وهي نفسها التي يستدلون بها على الأحكام الشرعية في العقائد والفقه وغير ذلك، و اتهام بعضنا بالقول بالتحريف تشكيك في إجماع الأمة على عدم وقوع التحريف فيه
2: استحضار نقاط الاتفاق
فما يتفق عليها المسلمون جميعا هو الأكثر والأهم
ننقل عن القرضاوي ذكرها في الجملة:( أولاها: الاتفاق على الإيمان بأصول العقائد المعروفة،
وثانيها: الاتفاق على الإيمان بالقرآن الكريم،
وثالثها: الاتفاق على الالتزام بأركان الإسلام وشعائره الكبرى من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، فالسنة والشيعة متفقون على هذه الأركان، وإن حدث خلاف بينهم فكما يحدث بين المذاهب الفقهية عند أهل السنة.
وإذا كان الشيعة لا يعترفون بكتب الحديث المعتمدة عند أهل السنة، فإن معظم ما ثبت عندنا بالسنة ثبت عندهم من طريق رواتهم، والمهم أن الفقهين في النهاية يتقاربان إلى حد كبير؛ لأن المصدر الأصلي واحد وهو الوحي الإلهي، والأهداف الأساسية والمقاصد الكلية للدين واحدة عند الفريقين، وهي إقامة عدل الله ورحمته بين عباده.)
3: احترام حقنا في الاختلاف
4:أن نتحرر من فكرة تسلطنا على بعض،
فنحن لنا نفس الحقوق فما دام من حقي أن أعتقد ما اقتنعت به فمن حق غيري ذلك، وما دمت أعتقد أن من واجبي أن أدعو إلى ما أعتقد أن الله أمرني أن أدعو إليه فمن حق غيري أن يفعل ذلك،
ولكن علينا أن نتجنب الاستفزاز
كتسمية أهل السنة للشيعة بـ"الرافضة"، وتسمية أهل الشيعة للسنة بـ"النواصب".والحشوية والمعطلة ,,,,,,الخ المسميات التي تستدعي تهما تاريخية وتحرض على أمم وشعوب
و كذا البعدُ عن الموضوعات ذات الحساسية الخاصة مثل الإساءة إلى الصحابة، أو الترضية على من ثبت بغيهم وجورهم،
وبعد:
إن من غير المنطقي أن نتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ونحن نمارس الإرهاب ضد بعضنا،
ومن غير المعقول أن نتباهى بما وفره الإسلام وضمنه للمخالف في الدين ونحن نستبيح دماء من يختلف معنا في مسألة فكرية أو فقهية خلافية، ونحاسب ونعاقب من لا يحب سين من ملوك الدولة الأموية أو العباسية أو يحبه،
من غير المنصف أن نطالب العالم بأن يسمح لنا بالدعوة للإسلام ونحن نجرم من يؤمن به هنا لمجرد أنه يخالفنا في ترتيب الصحابة في الفضل ويخالف الواقع التاريخي،
وإذا كنا لا نتعايش مع بعضنا على مستوى البلد الصغير(قطر) فكيف سنتوحد على مستوى الأمة،
وإذا لم نتقبل العيش معاً فما هو البديل؟
هل تمكنت الدول القمعية الايديلوجية تاريخياً من إلغاء وجود الآخر؟