الأربعاء، 25 فبراير 2009

من سمات المذهب الزيدي

سمات المذهب

يلخص العلامة عبد الله بن عبد الوهاب المجاهد الشماحي المذهب الزيدي وهو من أعلم الناس به، فقد عاشه حياة وفكراً بقوله: "إنه مذهب واقع وحقائق لا خيالات وأوهام، ولا تصورات شاطحة وأحلام، ولا مذهب ألغاز ومعميات، ولا مذهب كرامات أولياء، ومعجزات وعصمة أئمة، ولا مذهب واسطة بين العبد وربه إلا عمل العبد وإيمانه. إنه مذهب عبادات إلى جانب معاملات بلغت قوانينها من الدقة الفقهية والتشريعية ما لم تبلغه أدق القوانين المعاصرة شمولاً وقبولاً للتطور وتَقَبُّل كل جديد صالح، إنه مذهب دين ودنيا، وإيمان وعمل، وجد ونشاط، وعدل وإيثار، وجهاد واجتهاد، فيه الإنسان مخير لا مسير، مذهب يدعو إلى التحرر الفكري وإلى التعمق في العلوم النافعة ويحرم التقليد في العقائد والقواعد العلمية الدينية، ويوجب الاجتهاد على ضوء القرآن والسنة في العبادات والمعاملات، ويدعو إلى القوة والتضحية، ويفرض الطاعة والنظام والتعاون، كما يفرض الخروج على أئمة الجور والثورة على الظلم الاجتماعي والطغيان الفردي، ولا يرضى لأتباعه بالمذلة والكسل، ولا بالخضوع والاستسلام لغير اللّه وما شرعه، مذهب
يحترم السلف في حدود أنهم من البشر عرضة للنقد بما فيهم الصحابة وأبناء فاطمة، فأفراد الفاطميين كالصحابة فمنهم كغيرهم محسن وظالم لنفسه مبين".
وقد اتسم المذهب الزيدي نتيجة لربط الإمامة بالإجتهاد ووجوده في أكثر من مكان بسمات لخصها الشيخ محمد أبوزهرة في:
1:-النمو
(للمذهب الزيدي ميزة هامة تتمثل بالنمو والإتساع،وعنها يقول الشيخ محمد أبو زهرة:(تضافرت عدة أسباب فجعلت مذهب الإمام زيد مذهباً نامياً متسعاً يجد في رحابه كل مذهب من مذاهب أهل الإسلام مستقراً،وتلك الأسباب تتلخص في أربعة أمور:
الأولى_فتح باب الاجتهاد فيه إذ لم يغلق فيه وقتاً من الأوقات
ثانيها:-فتح باب الاختيار من المذاهب الأخرى،فقد صار هذا المذهب بهذا الاختيار حديقة غناء تلتقي فيها أشكال الفقه الإسلامي المختلفة وأغراسه المتباينة،وجناه المختلف الألوان والطعوم،وإن ذلك كان نتيجة لفتح باب الاجتهاد فيه،فقد اختاروا بجتهادهم من المذاهب الأخرى مايتفق مع منطق المذهب أو أصوله،وأصوله متحدة أو على الأقل متقاربة مع جملة الأصول التي قررها فقهاء المسلمين.
وثالثها:-وجود المذهب في عدة أماكن مختلفة متنائية الأطراف متباعدة،كل إقليم له بيئة تخالف بيئة الإقليم الآخر،والمذهب كالماء الجاري يحمل من الأرض التي يمر بها خواصها،فيحمل من أهل كل بلد عرفه وعادته وتقاليده وأفكاره.
ورابعها:-وجود أئمة مجتهدين مشهورين في كل عصر من العصور الأولى حتى القرن الثامن الهجري،)[39].
2:-الإنتشار،والتسامح
وقد ترتب على فتح باب الإجتهاد وفتح باب الإختيار من المذاهب الأخرى وتنوع البيئة التي وجد فيها المذهب ووجود أئمة متبوعين (أمران جليلان في تاريخ الفقه الزيدي:_
أولهما انتشار آراء الإمام زيد في البقاع الإسلامية كلها تقريباً،وهي آراء مشبعة بروح التسامح والقبول لكل الآراء مادام لها ملتمس من هدي النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم أياً كان طريقه.وإنا نجد في كل مذهب تعصباً من معتنقيه خصوصاً في القرنين الرابع والخامس،إلا المذهب الزيدي فإنا نجد من معتنقيه قبولاً لكل مايكون له مستند من الشرع،وفي الوقت الذي كانت المناظرات على أحدها في القرن الرابع والخامس الهجري في بلاد ماوراء النهر،بين المذهب الحنفي والمذهب الشافعي نجد المذهب الزيدي في تلك البلاد وغيرها يسير هادئاً كالنمير العذب يأخذ مجتهدوه خير ما في المذهبين إذا انقدح في نفوسهم سلامة منطقه.
وفي الوقت الذي نجد فيه الفتن في العراق تقع بسبب التعصب بين الشافعية والحنفية ترى المذهب الزيدي هادئاً كالبحر الساجي يحمل في سفائنه خير مافي الكنوز الإسلامية من فقه.
ثانيهما اتساع أفاق المذهب،وكثرة الآراء فيه،ففي كل بلد من البلاد التي حل فيها كان له اجتهاد تتناسب مع حاجات أهل البلد،ومتفق مع العرف فيها،وإنتاج أحكام لمايجد فيها من أحداث ([40][41][42]
3:-كثرة المجتهدين المتبوعين
كان لإشتراط الزيدية أن يكون الإمام مجتهداً أثراً كبيراً في وجود عدد كبير من المجتهدين،سواءً من الأئمة أو من دعاة الزيدية لأن كل إمام يلتف حوله عدد من المجتهدين،ناهيكم عن التنافس بين الأئمة وأتباعهم على اكتساب المعرفة المؤهلة لدرجة الإجتهاد.وقد كان للمذهب(أئمة مجتهدون متبعون أيضاً بقدر يتناسب مع الإجتهاد الواجب لأهل كل إقليم..وقد إستمرت سلسلة هؤلاء الأئمة المختارين للفتوى والإجتهاد لاتنقطع ولكل واحدمنهم أتباع يسلكون سبيله،ويتبعون آراءه)[43]
ولايمكن في هذه العجالة حتى ذكر أبرزهم لكثرة عددهم،ويقف على رأسهم الأمام زيد بن علي والإمام القاسم بن إبراهيم،والإمام الهادي إلى الحق الإمام فقيه آل محمد أحمد بن عيسى بن زيد بن علي الحسيني ، و الإمام زاهد الآل عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض الحسني ، و الإمام نجم آل الرسول وترجمان الدين القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا الحسني ، و إمام أهل البيت وسيدهم علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم الحسيني ، و الإمام محمد بن القاسم الرسي الحسني ، و ابن أخيه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي ، وإمام طبرستان الإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن الأطروش الحسيني ، و أشراف وسادة الجيل والديلم السادة الهارونيين أسباط الحسن بن زيد ، و الشريف الحافظ أبي عبدالله محمد بن علي العلوي الحسني ، و تلميذه المُخلص الثَبْتْ المُتابع الشريف عمر بن إبراهيم الكوفي الحسني ، الإمام المنصور بالله القاسم بن علي العياني الرسي الحسني ، و علي بن محمد بن عبيدالله العباسي العلوي - صاحب الإمام الهادي وراوي سيرته - ، و أشراف الحجاز أبناء الإمام موسى الجون(بن عبد الله المحض) السليمانيين منهم والقتادات - أبناء الأمير الشريف أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن - وغيرهم الكثير في اليمن من أبناء الحسن والحسين ، فهم مُمَهّدو مسالكها ومؤصلو قواعدها وناقلو أخبارها ،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق