الأربعاء، 25 فبراير 2009

موقف الزيدية من الخبر المنسوب للرسول صلى الله عليه واله وسلم

موقف الزيدية من السنة

يؤكد الإمام الهادي على أن الرسول مجرد مبلغ عن ربه وينتقد بشدة أي تصور لجعل السنة من الرسول نفسه غير موحي بها من الله،فكل الأحكام من الله سبحانة وتعالى ويوضح بقوله:(أن الله سبحانة أصل كل ما أفترضه في الكتاب المبين ونزله على خاتم النبيين،فجعل في كتابه أصل كل ما أفترضه من الدين،وبينه لجميع العالمين فكانت أصول الدين في الكتاب كلها،وجاءت الفصول مفصولة،والفروع المفرعة،إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله ذي الجلال والإكرام،على لسان الملك الكريم، جبريل الروح الأمين،فنزل شرائع الدين،وتفريع أصول القرآن المبين،على محمد صلى الله عليه وآلهوسلم كما نزل عليه السلام بالأصول إليه،وكان نزوله بلفروع مفرعةً،كنزوله بالأصول المجملة المجتمعة،وأدى جبريل الروح الأمين،إلى محمد خاتم النبيين،فروع شرائع الدين،عن رب العالمين،كما أدى مجملات أصول القرآن المبين،والسبب في تفريق ذلك من الله،فنظر الله من لبريته،وعائدة على خلقه،ولطف في فعله وصنعه،وتقوية لمن أراد حفظ كتابه،وجعل ما نزل وحيه وبيانه،فخفف عنهم في الكتاب،وأعانهم بذلك في كل الأسباب،ففرق بين الأصول الموصلة،والفروع المفرعة،فجعل الأصول في الكتاب مجملة جاء بها جبريل،وجعل الفروع في غير الكتاب جاء بها أيضاً جبريل،وكل من الله مبين وتفصيل،وفرضاً منه سبحانة وتنزيل،بعث بهما كليهما رسولاً واحداً،ملكاً عند الله مقرباً،أميناً مؤتمناً،فأدى إلى الرسول مابه أرسل،وتلا عليه من ذلك ما أمر بتلاوته عليه،فكان ذلك من الله فرضاً مميزاً،وذيناً من الله مفترضاً،لم يكن من رسوله فيه اختيار،ولم يشرع لأمته من دين الله إلا ما شرع الله،ولم يأمرها إلا بما أمرها الله،ولم ينهها إلا عما نهاها الله.
من ذلك قول الله:" أقيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاةَ" البقرة:43)[44] ولما كان (للسنة أهمية بالغة في الفقه لأن الأحكام التي جاءت بها أربعة أنواع:
الأول:- موافقة لإحكام القرآن ومؤكدة لها.
والثاني:-مبينة لمعاني القرآن ومفصلة لمجمله،مثل كيفية الصلاة ومناسك الحج ونصاب الزكاة ومقدارها
الثالث:-مقيدة لمطلق القرآن أو مخصصة لعمومه
الرابع :-سكت عنه القرآن وجاءت به السنة لأن السنة مستقلة بتشريع الأحكام كالقرآن،من ذلك تحريم الحمر الأهلية وأكل كل ذي ناب من السباع ومخلب الطير وكالحكم بشاهد ويمين وجواز الرهن ووجوب الدية على العاقلة وميراث الجدة)[45]
وأغلب ماروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم انفرد بروايته شخص واحد عن شخص أو أكثر من واحد،لذلك اختلفت المذاهب في الشروط الواجب توفرها في الخبر الأحادي المروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم،فإن الزيدية يشترطون في رواة أخبار الآحاد:(أن يكون الراوي عدلاً ثقة،ولا يشترط أن يكون الرواة زيديين،ولا من آل البيت،بل الشرط هو العدالة المجردة،وذلك لأصل المذهب الزيدي،وهو تعديل جماهير المسلمين إلا من يثبت فسقه،وهم بهذا يخالفون الإمامية في تقديمهم رواية الإمامي ولو كان غير عدل على رواية غير الإمامي،ولو كان عدلاً،وأن لا يكون موضوعه مما يعم به البلوى علماً وعملاً أو علماً، فهذا النوع يجب أن ينقل متواتراً،ونقله عن طريق واحد أو أكثر مما هو دون حد التواتر يجعل الخبر موضع شك ونظر،)[46](بل يجب أن يرد،وذلك لكذب ناقله،وذلك كخبر الإمامية الذي رووه في النص على إثني عشر إماماً معينين بأسمائهم،وكخبر البكرية في النص على إمامة أبي بكر،ومعنى عموم البلوى في الحكم شمول التكليف لجميع المكلفين لو ثبت)[47].
والزيدية إذاً (يقدمون رواية آل البيت إذا تعارضت مع رواية غيرهم،فرواية علي مقدمه على رواية غيره من الصحابة،ورواية أي صحابي من آل علي أولى من رواية غيره،ورواية الحسين مقدمة عن رواية ابن عباس وكذلك رواية الحسن،وكذلك التابعي من آل البيت تقدم روايته على رواية غيره)ف(الرواية أعلى مراتبها القرابة،ثم الصحابة،ثم مفسرو التابعين،ثم الثقات،)[48](ويستفاد من هذا النص أمور أربعة:
أولها-أن القرابة ليست شرطاً في صحة الرواية،فالراوي من غير القرابة روايته مقبولة.
وثانيها-أن رواية القرابة مقدمة،وخصوصاً إذا انتهت إلى علي
وثالثها-أن اتصال السند إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس بشرط،فقد جعلوا رواية التابعي المجتهد تلي رواية الصحابي،أي أن مرسل الحديث مقبول عند الزيدية مادام التابعي ثقة مجتهداً أو غير مجتهد،وإن كان المجتهد يقدم على غير المجتهد.
وهذا هو رأي أبي حنيفة ورأي مالك(رضي الله عنهما) في المرسل،ورأي أحمد رضي الله عنه أنه حديث ضعيف ورأي الشافعي أنه يقبله بشرطين:أن يكون التابعي الذي انتهى عنده سند الحديث ممن اشتهر بكثرة من لقي من الصحابة،وأن يكون له شاهد يزكيه،بأن يكون هناك مسند متصل في معناه،أو أن يكون هناك مرسل آخر في معناه،أو قول صحابي أو عمل صحابي،أو يتلقاه العلماء بالقبول.
الأمر الرابع- من ذلك نجد أن الأحناف يشترطون للعمل بالخبر المروي شروطاً منها:
(1-أن لاتكون متعلقه بمايعم به البلوى،{لأن مايكون كذلك لابد أن ينقل عن طرق التواتر}
2-أن لايخالف القياس الصحيح والأصول والقواعد الثابتة في الشريعة إذا كان الراوي غير فقيه ولذلك لم يأخذ بحديث المصراة لأن راويه ابوهريرة-لأنه غير فقيه
3-أن لايعمل الراوي بخلاف الحديث الذي رواه لأن عمله يدل على نسخه،أو تركه لدليل آخر،أو أن معناه غير مراد على الوجه الذي روي فيه...وقد مثل الأحناف لذلك بعدم عمل راوي حديث الغسل سبعاً لولوغ الكلب

ويشترط المالكية:

1:عدم مخالته عمل أهل المدينة،{لأن عمل أهل المدينة في عصر مالك تجسيد للسنة المتواترة،ولذلك لم يعمل المالكية بأحاديث ضم اليدين في الصلاة لأن أهل المدينة في عهد الإمام مالك كانوا يرسلون في الصلاة وهم بالآلف مما يستحيل القول معه أنهم أجمعوا على مخالفة فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهم قريبو العهد به}
2-أن لايخالف خبر الأحاد الأصول الثابتة والقواعد المرعية)[49]بينما لايشترط أحمد موافقة الخبر لأي قاعدة(فالأثر مقدم حتى لوكان ضعيفاً على الرأي ويقدم على القياس)[50] والشافعية والظاهرية والجعفرية،يشترطون عدالة الرواة،واتصال السند الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،والمرسل عند الظاهرية غير حجة،وعند الشافعي الأخذ به بشروط منها:أن يكون من مراسيل كبار التابعين مثل سعيد بن المسيب ويسند من جهة أخرى,أو يوافق قول صحابي،أو يفتتي بمقتضاه أكثر العلماء)[51]
ومن أبرز ماتتميز به الزيدية،هو التأكيد على أهمية عرض الحديث على القرآن،أي أن لايقتصر النقد على السند بل لابد من نقد المتن،فالحديث الذي يتعارض مع القرآن أو لايوجد في القرآن له أصل بحسب تعبير الإمام القاسم(والسنة ماكان لها ذكر في القرآن ومعنى) لايعمل به،وكذلك إن تناقض مع حكم العقل،أوحقيقة علمية ثابتة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق