الجمعة، 13 مارس 2009

فضل الله: الغلو في "علي والأئمة" كفر.. ونرفض الزيادة في الأذان


قال إن الصفوية لا واقع لها الآن
http://www.alarabiya.net/articles/2007/03/19/32718.html

أكد المرجع الشيعي الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله أن ما يلتقي عليه السنة والشيعة في الجوانب الفقهية يصل إلى مستوى الثمانين في المائة، وأن عبارة "أشهد أن عليا ولي الله" ليست جزءا من الأذان.
ورأى أن الصفوية لا واقع لها الآن مشيرا إلى أن المسلمين الشيعة العرب ليسوا تابعين لإيران بالمعنى السياسي أو الديني وهم مخلصون لأوطانهم.
واعتبر في حوار مع "العربية.نت" أن الغلو في علي واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من الألوهية، هو كفر، ويعتبر معتقده كافرا كبقية الكفار الآخرين. وطالب المسلمين من السنة والشيعة أن "يستوحوا تلك المرحلة التي عاش فيها الخلفاء الراشدون" قائلا "قد نختلف في مسألة الإمامة والخلافة، لكنها تبقى مسألة تاريخية".
وقال إن الحديث عن أن جبريل خان الأمانة "هو حديث سخيف أقرب إلى الخرافة منه إلى الحقيقة، نحن نعتقد أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل جبريل الأمين ليحمل الرسالة إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكل من يعتقد غير ذلك هو منحرف عن الإسلام كله".
آية الله السيد فضل الله، هو أحد أبرز المراجع الشيعة العرب، ولد في مدينة النجف الأشرف في العراق ويقيم الآن في لبنان. ترعرع في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً.
وكان من الأوائل البارزين في جلسات المذاكرة، حتى برز من بين أقرانه ممن حضروا معه، فتوجّهت إليه شرائح مختلفة من طلاب العلم في النجف آنذاك، فبدأ عطاءه العلمي أستاذاً للفقه والأصول. ثم بدأ بعد ذلك بالتدريس العلمي حيث أصبح أستاذاً للفقه والأصول في حوزة في النجف الأشرف. وقد شرع في تدريس بحث الخارج منذ ما يقارب العشرين عاماً ويحضر درسه العديد من الطلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص.
صاحبُ باعٍ طويل في العمل الدَّعويّ والتربوي والاجتماعي، بدايةً من تأسيسه جمعية أسرة التآخي في منطقة النبعة في بيروت الشرقيَّة، ثم إمامته لمسجد الإمام الرضا في بئر العبد بعد انتقاله إلى الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، إلى تأسيسه جمعية المبرات الخيرية ذات المؤسَّسات المتعددة. وبالرّغم من انسجامه العام مع رؤية حزب الله، إلاّ أنه فضَّل الاستقلالية عن المواقع الحزبية.
فضل الله ينتسب للمرجعية الشيعية العربية التي تدعو إلى التقارب بين المذاهب الإسلامية وهي أبرز اهتمامات المرجعية الإسلامية الإمامية, وقد تميز المراجع العرب من أتباع مدرسة الإمام جعفر بن محمد الصادق عما سواهم من المراجع الآخرين بأنهم كانوا وما زالوا الأكثر اهتماما وعملا في هذا المضمار.
ويمثل المرجعية الشيعية العربية في الوقت الحاضر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان،
و كذلك المرجع الإسلامي الكبير السيد محمد حسين فضل الله والشيخ مهدي ألخالصي من العراق والسيد عبدالله الغريفي من البحرين، وآخرون من علماء الإمامية العرب، من أتباع مدرسة الإمام الصادق ما زالوا يواصلون العمل من اجل التقارب بين أبناء المذاهب الإسلامية.
الاتجاه العروبي والاتجاه الصفوي
وقال فضل الله في حديثه مع "العربية.نت" عن الاتجاه العروبي في المرجعية مقابل الاتجاه الصفوي: أنا أعتقدُ أنَّ العروبة لا تمثِّل انحرافاً عن الخط الإسلامي، فعندما نزل الإسلام في البيئة العربيّة، لم يشعر العرب بوجود أيّة مشكلة فيما يطرح عليهم منه، لذلك آمنوا به واحتضنوه وساعدوه وانفتحوا عليه وأعطوه وأخذوا منه، لأنّ العروبة هي حالة إنسانية. وكنت أقول إنّ العروبة هي عبارة عن الإطار الذي يبحث عن الصورة، وكان الإسلام هو الصورة لهذا الإطار.
وإنما انطلقت العقدة من العروبة عندما تحركت بطريقة غير إنسانية، وذلك على حساب الأقوام الأخرى، وهو ما ولّد ما سمي بحركة الشعوبية التي قامت كردِّ فعل على التعصب للعرب، وفي الأربعينات صرنا نسمع كمحاكاة للنازية، أنّ العرب فوق الجميع مثلاً. وانطلقت الدعوة القومية أيضاً في ذلك الوقت لتقول إنّ العرب فوق الجميع، كما كان الآريّون يقولون إنّهم فوق الجميع، ثم بعد ذلك تأدلجت العروبة، حيث دخلت فيها الاشتراكية والماركسية، ما جعل المعارضة للماركسية والاشتراكية وليس للعروبة.
الصفوية لا واقع لها الآن
وأضاف: نحن نقول إنّ العروبة بحسب بعدها الإنساني، لا مشكلة من النَّاحية الإسلامية معها، وإنّما المسألة هي في الأيديولوجية التي أُدخلت في قلب العروبة. أمَّا الصفوية، فلا واقع لها الآن، كما أنّ المسلمين الشّيعة العرب ليسوا تابعين لإيران بالمعنى السياسي أو بالمعنى الديني، بل هناك من يؤيِّد إيران وهناك من لا يؤيّدها،
أمّا مسألة الصّفوية، فهي لا تثبت أمام الواقع، لأنّ المسلمين الشيعة العرب مخلصون لأوطانهم. ونحن قلنا ولا نزال نقول في لبنان وفي غيره، إنّه ليس للشيعة مشروع خاصٌّ بهم، والشّيعة في العراق لا يريدون أن تحكمهم إيران، نحن في لبنان، كذلك لنا صداقات مع إيران ومع دول أخرى، ولكننا نشعر بأنّ علينا أن نقرِّر مصيرنا في البلاد التي نعيشها بحسب مصالحنا الأساسية.
وأضاف: لم تكن المرجعيَّةُ أساساً منطلقةً من موقع معيَّن، بل كانت في أكثر المراحل في النَّجف الأشرف، وربّما كان أكثر المراجع من غير العرب، لأنّ المرجعية تنطلق من خلال الكفاءة العلمية والثقة الدينية.
لذلك ليس هناك صراع بين حوزة النجف وحوزة قمّ، وبين مرجعية النَّجف ومرجعية قمّ. ونحن نلاحظ أنّ مرجعية النجف يتقدّمها السيد علي السيستاني، وهو رجل إيراني وليس عراقياً بحسب طبيعة الانتماء القومي والانتماء الجغرافي. لذلك ليس هناك من يستطيع أن ينقل المرجعية من مكان إلى مكان، لأنّها تتبع التزامات الناس وثقتهم.
السجود على التربة الحسينية
وأشار فضل الله إلى أن "السجود على التربة الحسينية لا يمثل أية قداسة لهذه التربة"... وحرم إدماء الرأس في عاشوراء، قائلا إنه يمثل خطيئة ومعصية. كما حرم إدماء الظهور بواسطة السلاسل، رافضا كل "تقليد جديد يحاول أن يعطي المأساة أبعادا تؤذي الجسد أو تشوه الصورة الإسلامية".
وأوضح أن "شد الرحال إلى المراقد لم يرد فيه أي نص من قبل أئمة آل البيت، بل هي حالات ولائية عاطفية تتحرك من خلال المسلمين الشيعة".
وقال المرجع الشيعي فضل الله "نحن نحرم تحريما مطلقا الإساءة إلى الصحابة وسبهم، ونحرم الإساءة إلى السيدة عائشة، ونبرئها من قضية الافك لأن الله برأها في ذلك، ولا يجوز لنا اتهامها أو اتهام أية زوجة من زوجات النبي في هذا الموضوع".
وأكد أن أغلب علماء المسلمين الشيعة لا يقولون بولاية الفقيه، ولا يرونها ولاية عامة على مستوى ما يقرب من الإمامة والخلافة. وتحدث عن مسألة زواج المتعة مشيرا إلى أنها من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشريعة، فالمسلمون الشيعة وانطلاقا مما يملكون من أدلة يعتقدون بشرعية المتعة، بينما يعتقد المسلمون السنة أنه لا شرعية لها لأنها نسخت، وهذا بحث علمي اجتهادي لا يجوز لنا أن نتراشق فيه بالاتهامات الباطلة".
وقال محمد حسين فضل الله إنه ليس عند الشيعة ولا واحد في المليون من يعتقد أن هناك قرآنا آخر يسمى مصحف فاطمة. وأضاف أن كتاب الله الذي بين أيدي المسلمين هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن الله تكفل بحفظه.
مسألة الخلافة والإمامة
وتناول مسألة الخلافة والإمامة التي تعتبر الخلاف الأساسي بين السنة والشيعة فقال:أسجِّل ملاحظةً أمام هذه الحسابات المعقّدة بين فريق الإمامة وفريق الخلافة، وهي أن الذين اختلفوا في مسألة الخلافة والإمامة في العهد الأول بعد رسول الله كانوا يعيشون التواصل والتكامل والتناصح فيما بينهم، بحيث لم تؤثِّر خلافاتهم على أهمّيّة حماية الإسلام من كلِّ الأخطار التي كانت توجه إليه من قبل الآخرين.
واستطرد بأن "ما يختلف عليه المسلمون السنة والشيعة خارج نطاق الخلافة، هو بعض الأبحاث الكلامية وبعض الأمور الفقهية، ونحن عندما ندرس الخلافات الفقهية بين الفريقين، نجد أن ما يلتقي عليه السنّة والشّيعة في الجوانب الفقهية يصل إلى مستوى الثمانين في المائة، كما أن المسألة الكلامية الخلافية تنطلق من بحث فلسفي إسلامي، وهو قضية الحسن والقبح العقليين الذي لا يراه الأشاعرة ويراه المعتزلة والإمامية. هذه مسائل علمية كلامية يمكن أن تُحلَّ بالبحث العلمي الموضوعي المعمّق، بعيداً عن الحساسيات الذاتية التي يحاول كل فريق من خلالها اتّهام الفريق الآخر بالضلال أو الكفر أو ما إلى ذلك".
وتحدث عن قضية التقديس مشيرا إلى أن لها مظهرين: "الأوَّل هو تقديس الاحترام، فالشيعة يحترمون الأئمة من أهل البيت ويعظّمونهم، ولاسيما أنهم يعتقدون بعصمتهم. والمظهر الثاني هو الغلوّ، ونحن نرفض أيّ نوع من الغلوّ لأيِّ إمام من الأئمة، ولأيِّ نبي من الأنبياء، لأننا نؤمن بالتوحيد الخالص، فالله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الذي لا بدَّ من أن نوحِّده في الإلوهية ولا إله غيره، ونوحِّده في العبادة فلا معبود سواه، ونوحِّده في الطاعة فلا طاعة لغيره، ونوحِّده في الحب فلا حب لغيره إلى جانب حبه".

وتابع: "نحن في بحثنا العلميّ الكلاميّ، ننكر كلَّ ما يُتحدَّث عنه في بعض الأبحاث من القول (بالولاية التكوينية للأئمة) أو ما إلى ذلك، فنحن نعظِّمهم ونحترمهم، ولكنّنا نرفض الغلوَّ فيهم، ونعتبر أنَّ الغلوَّ كفر وشرك".
"علي" عبد الله وتلميذ رسوله
وقال المرجع محمد حسين فضل الله إن الحديث عن خيانة جبريل هو حديث عن خطِّ من خطوط الكفر، وهو إساءة إلى الله تعالى، لأنّ الله لا يمكن أن يأتمن على وحيه شخصاً خائناً، خصوصاً أن الملائكة معصومون {لايَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء/27). لذلك فإنّ هذه المقولة ليس لها أي أساس، لا في أحاديث الشيعة ولا في اعتقاداتهم من قريب أو بعيد.

وأضاف أن علي بن أبي طالب كان "عبد الله، وتلميذ رسوله وربيبه، وقد كان علمه من علم الرسول، ونحن نعتقد أن رسول الله هو أفضل من علي، وهو أستاذه، وهو الرسول الذي يؤمن به علي. وهكذا بالنسبة إلى الأنبياء، فنحن لا نعتبر بحسب عقيدتنا، أنّ الأئمة أفضل من الأنبياء، فللأنبياء مقام عظيم عند الله سبحانه وتعالى، حيث اختصَّهم برسالته، وللأئمة أيضاً مقام عظيم عند الله، حيث اختصَّهم حسب عقيدتنا بالإمامة".

وعن مسألة السجود على التربة الحسينية قال المرجع الشيعي فضل الله "الثابت لدى فقهاء أهل البيت، أنّه لا يجوز السجود إلا على الأرض وما أنبتت مما لا يستعمل بمادته للأكل ولا للّبس، ويقولون إن النبي يقول: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، فالأرض بطبيعتها هي الأساس في المسجد، وأما السجاد والموكيت أو ما أشبه ذلك، أو حتى الأوراق التي يمكن أن تؤكل مثل ورق العنب، فإنّه لا يجوز السجود عليه، ولكن يجوز لنا أن نسجد على العشب أو نسجد على الخشب، ويجوز لنا أن نسجد على الأوراق التي لا تستعمل للأكل من قبل البشر وما إلى ذلك، ولكن لا نسجد على الصوف ولا القطن".
وتابع: مسألة التربة هي مجرَّد تراب يُسجَدُ عليه عندما يفقد الإنسان ما يسجد عليه مما يصحُّ السجود عليه، وليست لها أي قداسة، فبإمكان الإنسان أن يكسر هذه التربة ويرميها في الهواء. ولكن بعض الناس يتبرّكون بالتراب الذي هو من كربلاء، باعتبار استشهاد الإمام الحسين عليه، ولكن ليس هناك أية خصوصية وأية قداسة لهذا التراب الذي يسجد عليه المسلمون الشيعة، ولا يلتزمونه بالخصوص، بل إننا نستطيع أن نسجد على الورق، أو أيِّ شيء آخر يُسجد عليه. لذلك، فإن النظرة التي يحملها كثير من المسلمين عن الشيعة في مسألة سجودهم على هذا التراب هي نظرة خاطئة...
وقال عن اللطم إنه "مجرد تعبير عن حالة تفاعل الحزن مع المأساة، ونحن نقول إنه لا مشكلة في من يريد أن يعبّر عن حزنه بخصوص المأساة الحسينية في عاشوراء، ولكن باللطم الهادئ الذي لا يضرُّ بالجسد ولا يتحوَّل إلى حالة فلكلورية. إنها مسألة إنسانية تختلف حسب اختلاف الناس في تأثّراتهم بالمأساة".
ولاية الفقيه ليست ولاية عامة وأشار إلى أن "نظرية ولاية الفقيه هي نظرية علمية اختلف فيها الفقهاء، ولعل أغلب علماء المسلمين الشيعة لا يقولون بها، فلا يرون للفقيه ولايةً عامة على مستوى ما يقرب من الإمامة والخلافة.
وقد كان أستاذنا السيد أبو القاسم الخوئي ينكر شرعية الولاية العامة للفقيه، ونحن نوافقه على ذلك، ولا نرى أنَّ للفقيه ولايةً عامةً على المسلمين، إلا إذا توقَّف حفظ النظام العام للمسلمين على ولايته. ومع ذلك، لا بدَّ للفقيه من أن يستشير أهل الخبرة في كلِّ شؤون السلطة وكلِّ شؤون الحياة، لأنّه لا يجوز له أن يحكم من دون علمٍ ومن دون خبرة.
وفي مسألة زواج المتعة قال فضل الله إنها هي من المسائل التي اتَّفق المسلمون على أصل تشريعها، وقد سأل المسلمون النبيَّ محمّداً، حسب كلِّ الروايات، أنهم في بعض الحروب قد تأخذهم الشهوة، فهل نستخصي؟ بمعنى هل نخصي أنفسنا؟ قال لا، ولكن تمتَّعوا، حسب ما جاء في مضمون الحديث. وقد ورد في القرآن الكريم: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}(النساء/24). حيث فُسِّرت من أكثر من شخصية إسلامية، ومنهم ابن عباس، بزواج المتعة.
وأضاف: هناك من المسلمين من يعتقدون بأنَّ النبي نسخ هذا الحكم بعد ذلك، ولكن هناك مناقشات علمية في مسألة صحة هذا النسخ، لأنهم يروون ذلك عن علي، بينما يروي المسلمون الشيعة في أحاديث موثَّقة، أنَّ علياً كان يقول: "لولا ما نهى عنه عمر من أمر المتعة، ما زنى إلاّ شقي". وقد نُقل عن عبد الله بن عمر أنّه كان يحلِّل المتعة. ويُقال إنَّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وقف أمام المسلمين وقال: "متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالاً وأنا أحرِّمهما"، وذكر متعة النساء ومتعة الحجّ. ويحاول البعض أن يقول إنَّ هذا التحريم لم يكن تحريماً تشريعياً، لأنّه لا حقَّ لأحد في أن يُشرع بعد رسول الله، بل هو تحريم ولايتي.
يستطرد: المسألة من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشرعية، فالمسلمون الشيعة، وانطلاقاً مما يملكون من أدلة يرونها تامّةً وصحيحةً، يعتقدون بشرعية المتعة، بينما يعتقد المسلمون السنة أنه لا شرعية لها، لأنَّها نُسخت. وهذا بحثٌ علميٌّ اجتهاديٌّ لا يجوز لنا أن نتراشق فيه بالاتّهامات الباطلة، ولاسيما أنّ بعض الذين يجوِّزون زواج المتعة، يفلسفون ذلك بأنّ الزواج الدائم في مدى التاريخ لدى كلِّ الأمم، لم يستطع أن يحلَّ مشكلة الجنس، لأن هناك ظروفاً قد تحدث للناس لا يملكون فيها الحلّ للمسألة الجنسية في بعض الحالات الصعبة القاسية.
وليد زواج المتعة شرعي
وأوضح أن زواج المتعة، كالزّواج الدّائم، يخضع لعقد شرعي، وفيه مهر يُدفع للمرأة، ولكنّه محدَّد بوقت معيّن، وإذا حصل الدخول بين الزّوجين، فإنّ على المرأة أن تعتدّ قبل أن تتزوج إنساناً آخر. ويُعتبر الولد الناشئ من زواج المتعة ولداً شرعياً مئة في المئة، كالولد الذي ينشأ من الزواج الدائم. وفي رأي هؤلاء، فإنّ زواج المتعة الذي لا بد من أن يُنظَّم تحت خطة قانونية تحميه من الانحراف، يمكن أن يشارك في حلّ المشكلة الجنسية إلى جانب الزواج الدائم.
مصحف فاطمة ليس قرآنا
وبشأن قضية مصحف فاطمة قال إن الالتباس حدث في كلمة مصحف، وكلمة "مصحف" يُراد منها الكتاب الذي يشتمل على صحف. وليس عند الشيعة، ولا واحد في المليون، من يعتقد أنّ هناك قرآناً آخر يسمَّى مصحف فاطمة. إنَّ الروايات التي وردت عن مصحف فاطمة، أنّ فيه وصية فاطمة وبعض الأحكام الشرعية، وأنّ هناك بعض الأحاديث التي تقول إن الله تعالى أرسل إليها ملكاً يؤانسها بعد وفاة أبيها، وكان عليٌّ يكتب ذلك.
وأضاف:مصحف فاطمة ليس قرآناً، وهذا ما نؤكِّده بكلّ معنى الكلمة. وأحبُّ أن أنقل عن صديقنا الداعية الإسلامي الكبير المرحوم الشيخ محمد الغزالي في لقائي به قوله: إنني كنت أتحدث مع الكثيرين من علماء المسلمين الذين ينسبون إلى الشيعة تحريف القرآن، أو ينسبون إلى الشيعة أيضاً "مصحف فاطمة"، وأطلب منهم أن ينطلقوا إلى كل بقاع الأرض، ليبحثوا عن مصحف واحد بين أيدي الشّيعة، يزيد فيه حرف واحد عن المصحف الذي هو بين أيدي المسلمين.

التعايش بين المذاهب الاسلامية مدخل للوحدة( ندوة حزب الحق)



في ندوة التعايش بين المذاهب التي نظمتها الدائرة الثقافية لحزب الحق :الدعوة لتنقية المناهج التعليمية والمنابر الإعلامية والدينية من ثقافة الكراهية وفتح الحوار مع الطائفة الإسماعيلية
تقرير خاص – الأمة نت
بحضور دبلوماسيين من دول إسلامية والعديد من علماء الدين والباحثين والخطباء اليمنيين من مختلف المذاهب الإسلامية في اليمن وجمع من الشخصيات البرلمانية والسياسية وتحت شعار ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) أقامت الدائرة الثقافية لحزب الحق صباح أمس الخميس ندوة فكرية بعنوان " التعايش بين المذاهب .. مدخل للوحدة الإسلامية " وقد افتتحت الندوة بآيات من القرآن تلاها الأستاذ علي السقاف ثم ألقيت كلمة ترحيبية عن الحزب القاها الاستاذ ابراهيم محمد المنصور عضو اللجنة التنفيذية العليا للحزب وافتتحت الجلسات بالجلسة الاولى أدار الجلسة الأولى من الندوة الأستاذ / أحمد صالح الفقيه وكانت الورقة الأولى للقاضي / محمد محمد الباشق بعنوان " الإخوة في الدين " قسم فيها ورقته إلى ثلاثة أقسام الأول تحدث فيه عن الأدلة على عمق الإخاء وسعة مجاله والثاني حول شبهات متعلقة بتعارض مفهوم الإخاء مع مبدأ الولاء والبراء رد عليها وأجاب عنها والقسم الثالث والأخير من ورقته خصصه لخمسة نقاط من وسائل تعميق الإخاءكإقامة الندوات واللقاءات بين المختلفين ، وإحياء روح الإخاء وتعميق مفهوم ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) و دور الخطباء والعلماء والدعاة والقائمين على أجهزة الإعلام والمسؤلين في الدول الإسلامية .
أما الكاتب والباحث وضاح بن عبدالباري طاهر فقد كان عنوان ورقته يتمحور حول " التسامح المذهبي " وقد جاءت ورقة ثرية بالعديد من المواقف التي دونها وجمعها واستقصاها من عشرات المراجع وضح فيها حقيقة التسامح المذهبي الذي كان أنموذجا في اليمن خاصة بين المذهبين الزيدي والشافعي وعلمائهما ، كما تحدث عن تواجد مذهب والإباضية وتأريخه في حضرموت وكانت ورقته من أهم الأوراق وأثراها .
في حين تطرق الأستاذ المحقق أحمد محمد هاشم لمسألة ( الجوامع المشتركة بين علماء وأئمة المذاهب الإسلامية وكانت عنواناً لورقته التي احتوت على أقسام منها ثوابت ومسلمات ثمان سردها مثل : " أن الدين الإسلامي دين واحد بعث الله به الأنبياء والمرسلين جميعاً وأن مصدري ومرجعي الدين الإسلامي الأساسيين هما القرآن الكريم والسنة النبوية .. وأن الفرقة بين المسلمين هي من المنهيات في العقيدة وأن محبة الله ومحبة رسوله وأهل بيته وصحابته أساس من أسس التشريع الإلهي وأن الجنة جزاء وثواب للمؤمنين وأن النار عقاب للمخالفين .. وأن المسائل والقضايا والإختلافات الفكرية والفقهية ماهي إلا آراء فردية إجتهادية .
ثم تحدث عن مفاهيم محددة ومفردات معينة قام بتعريفها تعريفا لغويا واصطلاحيا مثل مصطلحات الجوامع – الائمة - المذاهب - المذهب الاسلامي – الانتساب – اصناف المنتسبين - الفرقة – الخلاف والاختلاف واشار لظاهرة ومبررات الاختلافات الفكرية والمذهبية واقوال ائمة الفقه في مسائل الخلاف واستعرض اعلام ومؤسسي المذاهب الفقهية المشهورة .
وخصص المحقق هاشم فصلاً لتاريخ نشاة المذاهب الإسلامية ثم تحدث عن معالم الإختلافات في المجال السياسي والعقدي وفصلا اخر لأسباب ودوافع الإختلافات الفقهية واخر للجوامع المشتركة
وقسم مخصص لاهم سبل ومجالات الحفاظ على الجوامع المشتركة وختم ورقته بمسلمات ونتائج تتمثل في ان التفرق في الاعتقادات الاسلامية والاختلاف في مسائل التوحيد لله جل جلاله من اخطر الامور المهلكة للمسلمين في الدنيا والاخرة سواء على صعيد الافراد او الجماعات وان الاختلاف الفقهي فيما بين علماء الامة ومجتهديهم رحمة وتوسعة وان اعداء وحدة الامة المسلمة هم جهلاؤها والمندسون بينهم بالدرجة الاولى ثم المتربصون بالمسلمين شرا وان موضوع الاختلافات المذهبية لايحتاج الا الى دراسات علمية هادئة مجردة من النوايا السيئة والضمائر المستترة الفاسدة كما قال .
اما الباحث العلامة عبدالله حمود العزي فقد عنون ورقته بــ – الاختلاف الفقهي وتعدد المذهبي – وقد اكد فيها على ان الاختلاف في وجهات النظر الاجتهادية يدل على الحيوية الفكرية المتجددة
كما استعرض تفاوت الانظار في فهم النصوص الدينية وضرب لذلك امثلة من عهد الصحابة ثم عصر التابعين ثم تطرق لنشأة المذاهب الاسلامية وتحدث عن ضرورة التقريب بين المذاهب .
وفي الجلسة الثانية للندوة والتي أدارها الدكتور أحمد قاسم حميد الدين قدم الدكتور محمد حسين الصافي ورقة متركزة حول – ضرورة المحبة واهمية المذاهب الاسلامية – اعتبر فيها ان المذاهب الاسلامية ليست ثلمة في الاسلام ولا عيب ولا خلل بل يعد من عظمة الاسلام ومن قوته وقدرته على احتواء اختلافات البشر
واكد على ان قضية الحفاظ على المذاهب قضية مهمة جدا بل وضرورة اسلامية ودينية حتى نمنع السقوط في فوضى الاحكام والافهام المختلفة للاسلام والتي ربما يحكمها الهوى والاعراف المشبوهة .
وقال اننا في امس الحاجة اليوم الى ثقافة المحبة بدلا عن ثقافة الكراهية وان اصلاح النظام التعليمي بادخال علم التزكية النبوية سيحقق مقاصد الاسلام واخلاقه من محبة وتعايش وسلام في المجتمع الواحد

الاستاذ حسن زيد امين عام حزب الحق تكلم في ورقته التي جاءت بعنوان – لماذا الدعوة الى التعايش ؟ – عن اهمية التعايش وجدوى الحديث عن التعايش لان الدعوة الى التقريب تستفز واقع التعددية المذهبية في المجالين العربي والاسلامي
واعتبر الاستاذ حسن زيد ان التعايش كعنوان وممارسة اجتماعية من المصطلحات والمفاهيم التي تستبطن مضمون فكري عملي اكثر واقعية وتواضعا يصلح لان يكون مدخلا للوحدة اكثر من مفهوم التقريب او التوحيد لانه لايثير في نفوس زعماء الطوائف والمذاهب القدر من المخاوف التي تثيرها الدعوة للتقارب والتوحيد
ويؤكد الاستاذ حسن على انه اذا كان – للجهل – المركب مبرراته الموضوعية قبل الانفجار المعرفي الهائل وقبل التطور في وسائل الاتصال التي جعلت العالم - غرفة واحدة – فلم يعد له الان أي مبرر .
وتحدث عن الخلاف حول مسالة الخلافة او الإمامة بأنه خلاف تاريخي لم يعد له تاثير في الواقع السياسي لان البلدان الإسلامية تحكم الآن في غالبيتها بمرجعية الدستور او مرجعية وطنية قطرية
واستعرض منهجية المذاهب الاسلامية السنية والشيعية - الزيدي والاثني عشري - في تفسير النصوص الدينية واستنباط الأحكام منها .
وضرب امثله لبعض القضايا التي تستخدم للاثارة المذهبية مثل قضية الزواج المؤقت – المتعة – عند الاثني عشرية والذي يؤكد انها محل خلاف حتى القرن الثاني الهجري كما يقول بن حزم الظاهري – ويتابع بالقول ومع انها مسالة فقهية إلا أنها تأخذ طابعا تحريضيا لا مبرر له خصوصا ومن يقول ببقائها على الإباحة من الإخوة الإمامية لا يوجب العمل بها بل يتمسك بقناعة فقهية يعتقد صوابها فقط .
والخلاف الأبرز إعلاميا كما يقول الاستاذ حسن زيد هو موضوع الامامة وما ترتب عليه وهو اول خلاف حدث في التاريخ الاسلامي .
ودعا الأستاذ حسن زيد الى تقبل مخالفة الاخرين لنا والا ننصب انفسنا كقضاة محاكم التفتيش موضحا مجموعة من الاسس الضرورية لتحقيق التعايش منها الاعتقاد بان الاكراه في الدين امر مستحيل وأن مصدري العقيدة والشريعة قابلين للحمل على أكثر من معنى .
واختتم ورقته بالتأكيد على ان التعايش لا يتحقق إلا بالقبول بالتعدد المذهبي والوقوف بحزم ضد كل أشكال التمييز العرقي والمناطقي والمذهبي ، وبتوفير المناخ السياسي والحضاري المناسب ولكي يمارس هذا التعدد دوره في بناء الأمة يجب الإعتراف القانوني والسياسي بالمذاهب الإسلامية المتوفرة في كل بلد إسلامي ، وسن القوانين التي تجرم وتعاقب من يمارس التمييز .، وتنقية المناهج التعليمية والتربوية والمنابر الإعلامية والمساجد من كل العناصر والقضايا التي تبث الكراهية الدينية والمذهبية ، وبناء ثقافة وطنية جديدة قوامها الوحدة التي لا يمكن أن تتحقق إلا باحترام التعدد والتنوع بكل مستوياته وصيانة حقوق الإنسان .
كما دعا للالتزام بأسس حسن الفهم واستحضار نقاط الاتفاق واحترام حقنا في الإختلاف وأن نتحرر من فكرة تسلطنا على بعض .
أما الكاتب حسن عباس عنتر فقد جاءت ورقته تحت عنوان " التعامل مع المخالف من منظور قرآني " تحدث فيها حول الحريات الفكرية والدينية من منظور قرآني مقارنة بهذه الحريات في بعض القوانين الغربية ، كما تطرق للوسائل القرآنية الحضارية للتعامل مع الآخر المخالف في الدين والمذهب وبحث موضوع المذهبية كظاهرة إسلامية والتعامل معها داعياً إلى المراجعة والتجديد في موروثات الجدل المذهبي وتطوير أساليب النقاش فيما بين المذاهب مختتما بالقول " إذا لم يستطع المسلمون أن يتفقوا على الأولويات فعلى الأقل يجدر بهم أن يتعايشوا فيما بينهم على أساس القواسم المشتركة أما إذا لم يستطيعوا أن يتعايشوا فمن العار عليهم أن ينسبوا أنفسهم للإسلام " .
وكان من ضمن الأوراق المقدمة في الندوة ورقتين وزعتا لكن من أعدهما لم يحضرا الورقة الأولى للأستاذ الباحث عبدالله محمد حميد الدين وهي بعنوان ( من لافكرة إلى الطائفة .. الهلال الشيعي وزيدية اليمن مثالاً ) والأخرى للأستاذ محمد سالم عزان بعنوان " الزيدية ووسائل التقريب " .
هذا وقد خصصت فترتين لطرح المداخلات من قبل الحضور حيث قدم العديد من الحاضرين مشاركات أثرت الندوة وقدم آخرين أسئلة لأصحاب الأوراق وقاموا بالرد عليها .
الدكتور محمد عبدالملك المتوكل تسائل عن عدم وجود شخصيات سلفية ، لكن المنظمين للندوة أكدوا توجيه دعوات للعديد منهم لكنهم لم يحضروا .
أما العلامة محمد مفتاح فقد طالب بإعادة النظر في الموقف من الإسماعيلية وتمكينهم من توضيح ما لديهم ، وقد وافقه في ذلك عضو مجلس النواب عبدالكريم جدبان .
القاضي محمد لقمان أكد على أهمية إعادة الإعتبار لدور العقل في حياتنا ، مشدداً على أن الله لم يخاطبنا إلا بالعقل .
أما الدكتور عادل الشجاع فقد تسائل عن ضرورة التعبد بمذهب معين لكنه طالب أيضاً بتبني العلمانية كخيار عملي لتوظيف الدين والعقلانية من أجل الخروج من أزمات التمذهب والمذاهب،حسب قوله مؤكدا أن العلمانية لم تكن يوما ضد الدين وأنها تدعوا إلى حرية الإنسان وتوظيف الدين والعقلانية حسب ما قال .
أما حاتم أبو حاتم القيادي الناصري و رئيس لجنة مقاومة التطبيع فقد شكر حزب الحق على تنظيم هذه الندوة واقترح تشكيل لجنة حوار على مستوى اليمن تضم الناضجين من المذاهب، مشيدا بالمشترك الذي جمع أطياف السياسية .
وقدم مشاركون آخرون مداخلات مثرية للندوة منهم المحامي عبدالعزيز البغدادي والدكتورة خديجة الماوري والصحفي عبدالله الصبري وغيرهم من الحاضرين .
الأمة نت ستعيد نشر جميع أوراق ومداخلات الندوة بالإضافة لتوصيات الندوة على موقع الأمة نت في وقت لاحق .