الخميس، 19 أغسطس 2010

حفظ الحياة والعقوبات الشرعية

حفظ الحياة والعقوبات الشرعية

الإثنين , 3 ديسمبر 2007 م

حفظ الحياة والعقوبات الشرعية

إعداد الأستاذ/ حسن محمد زيد

(اعلم أن الحدود يجب إقامتها في كل موضع غير مسجد على الإمام وعلى واليه وإنما يختص الإمام بولاية الحد بشرطين وهما أن يكون وقع سببها في زمن ومكان يليه فلو زنا قبل ولاية الإمام أو في المكان الذي لا تنفذ فيه أوامر الإمام فيه لم يلزمه الحد، وإذا زنا الإمام فلا حد عليه لأنها تبطل إمامته بأول الفعل فوقع زناه في غير زمن إمام وله إسقاطها عن بعض الناس لمصلحة بما فيها القصاص وحد السرقة إلا حد القذف وعن القاضي عبد الله الدواري أنه إذا قامت البينة بحد أو تعزير فإنه يجب على الإمام والحاكم الاجتهاد في استيفاء الحد منه ولا يجوز للمحدود مقاتلتهم في دفعهم عن نفسه وإن جاز له الهرب، ولا يجوز للمحكوم عليه التمكين من نفسه لإقامة ذلك عليه ويجب عليه الهرب والتغلب ما أمكن لأن دفع الضرر واجب،)[1]

الحد لغة: المنع وفي الشرع: عقوبة مقدرة من قبل المولى (سبحانه وتعالى) بالضرب حق لله (فخرج بهذا التعريف التعزير لعدم تقديره والقصاص إذ هو حق لأدمى) وقد يتضمن إتلاف النفس كالرجم و حد المرتد والمحارب،ولا كالسرقة والقذف والزاني البكر.( 1)

سنكتفي بمناقشة حدي زنا المحصن والردة، متوسعين نسبياً في الحديث عن الزنا كمثال لبيان وعي الفقه الإسلامي بخطورة الحكم بإهدار حياة الإنسان بل الحياة بصورة عامة، رغم تأثره بالواقع التاريخي الذي نشأ فيه الفقه، تجسد هذا الوعي على سبيل المثال في التشديد على الشروط التي وضعت لكيفية ثبوت الجريمة، ومسقطات الحد،والتشدد في عقوبة القاذف، حتى أن القذف هو الحد الوحيد الذي لا يجوز لذوي الولاية العامة إسقاطه، ولا تقبل بعده شهادة من اقترفه، ومع هذا يمكن القول في المقابل أن الفقه الإسلامي هو نتاج الواقع التاريخي الذي نشأ فيه ولذلك نجد التعدد والتنوع بتنوع البيئة التي نشأ فيها الفقهاء،حتى اشتهر أن للإمام الشافعي رضوان الله عليه (قولان) نتيجة لاختلاف البيئة في مصر عنها في العراق،إلا أن الاختلاف ولم يكن كبيراً، لأن الاختلاف بين قرن وقرن،ومصر وآخر لم يكن كبيراً، ولهذا نجد الاتفاق بين المذاهب المختلفة في الكثير من القضايا التي قد لا تجد لها سنداً من نص وسندها الوحيد هو الإجماع

من فضول القول التأكيد على أن العقوبات في الأصل لم تشرع إلا لحفظ الحياة، والحرية والعرض والمال والعقل أو توفير أسس للتعايش بما في ذلك عقوبة القصاص التي جاء النص صريحاً على أنه شرع لحفظها (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) لأن الأصل كما هو معلوم من الدين ضرورة حرمة الدماء ويعني هذا عدم جواز قتل أي إنسان أو حيوان إلا بدليل شرعي وبناء على حكم شرعي بات ونهائي وليس بفتوى تمثل رأي فرد أو عصبة من الناس، (وأحكام الردة في الغالب هي رأي شخص أو جماعة من أتباع مذهب تصدر منهم ضد آخرين ممن يعتقدون أنهم على الإسلام أو توجه من سلطة لإرهاب معارضيها) ولذلك فإن من يبرر قتل شخص ما مطالب بتقديم الدليل ولا يمكن أن يقر من يدعي وجوب القتل على دعواه

لأن الأصل مع القائلين بحرمة الدماء والأعراض والأموال لعصمة دم الإنسان والحيوان

ولهذا شُرع للإمام أن يسقط العقوبات بما فيها القصاص إذا كان تنفيذها سيؤدي إلى ضرر أو إذا كان ثم مصلحة من عدم التنفيذ، بالإضافة إلى أن الأولى والأفضل لأولياء المقتول ظلماً وعدواناً لعفو ,ولو كان القتل واجبًا أو حتى مندوبا لما ندب العفو عن قاتل العمد لأن الحياة هي أعظم هبة أو منحة أعطيها الإنسان وحرمان حتى القاتل منها حرمان له من فرص الرحمة المتاحة له حتى آخر لحظة من حياته ولهذا علل القصاص بأن فيه حياة لمن سيكون عرضة للقتل ثأرًا وتداعياته لكن إن تم العفو وهو الأولى حفظت الحياة بالأولى وهنا مقصد الشريعة. .ونجد هذا المقصد واضحا في النص القرآني الصريح في أن حكم الأسير( إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) إما المن وإما الفداء فقط لأن {إما أو}تعني الحصر والقصر ولا ثالث لهما والإسلام تجاوز الحرص على سلامة الأسير المحارب إلى الأمر بالإحسان إليه (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وأسيرا) والتعبير على حبه يوحي بأهمية استثنائية لإكرام الأسير ومكانة خاصة تتجاوز الواجب لأن حب الطعام أي الحاجة الشديدة لم تمنع من مدحهم الله هنا عن إعطاء الطعام لأسير كان مخالفا لهم في الدين وبذلك صار هذا المنهج في حفظ الحياة حتى لمن يخالف في الدين باعثا لجعل من فعله قدوة بأمر الله سبحانه فختم ذكرهم بقوله سبحانه ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا)

يؤكد هذا ما رواه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (قال عليه السلام حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الذين لا يجوز قتلهم من الأسرى فقال: هم الذين أثخنهم المحقون بالوثاق، وقلنا له: وما الأسر؟ فقال: هو الوثاق والأطر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتأخذن على يد الظالم فلتأطرنه على الحق أطراً))، فقيل له: يا رسول الله، وما الأطر؟ فقال: ((هو الرباط والعقد)).

والنص الأول صريح في أن من كتف لا يجوز قتله. فالأمر بالإحسان للأسير المحارب يتفق مع الأصل ويتناقض مع الثقافة التي مالت إلى التوسع في التشريع للقتل.

و روى ابن حزم عن مطيع بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تغزى مكة بعد هذا العام أبدا ولا يقتل رجل من قريش بعد هذا العام صبرا)[1]،ورغم النهي قتل الكثير صبراً

(عن أبي سعيد الخدري أنه قال: بعث عليٌ وهو في اليمن بذهبية في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن حصن بن بدر الفزاري وعلقمة بن علاءة الكلابي وزيد الخيل الطائي فغضبت قريش والأنصار وقالت يعطي صناديداً همج ويدعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما أعطيهم أتألفهم فقام رجل غائر العينين محلوق الرأس مشرف الوجنتين ناتئ الجبين فقال اتق الله يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( فمن يطع الله إن عصيته أنا, أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني) فاستأذن عمر في قتله فأبى. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان والله لئن أدركنهم لأقلتنهم قتل عاد)[2]. و استنتج ابن حزم من هذا النص ( إن قتل من ارتد كان حراما ولذلك نهى عنه عليه السلام ولم يأذن به لا لعمر ولا لخالد ثم إنه عليه السلام نذر بأنه سيباح قتله وأنه سيجب قتل من ارتد فصح يقينا نسخ ذلك الحال)[3] إلا أنه يمكن القول إن الردة المجردة دون مقاتلة لم تبح دمه ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتله وفي نفس الوقت أوضح أنهم عندما يتحولون إلى محاربين يجب قتلهم والظاهر أن القول بأن هذا النص فيه نسخ توسع لا يتفق والزمن الذي قيل فيه العام السابع تاريخ وصول الإمام علي عليه السلام إلى اليمن ووجود خالد مسلما والنص في ذاته حمله ابن حزم ما لا يحتمل ناسخ ومنسوخ في نفس الوقت, ولم يبق إلا القول إن مجرد الردة لا توجب القتل حتى ولو كان المرتد كما في النص سيكون سببا في فتنة.وكأن الحكم بالقتل هو للحرابة التي سيمارسها الخوارج فيما بعد، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام أبن تيمية كما ينقل عنه جمال البناء يعزز هذا أن من معاني الردة التعرب بعد الهجرة (العودة إلى حياة الأعراب بما تعنيه من قطع للطريق وحرابة...الخ).حتى لو لم ينكر ما أعلن الإلتزام به من أحكام الإسلام والأوضح من كل ذلك ما تضمنه صلح الحديبية من التزام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعدم طلب من عاد إلى قريش من المدينة كافراً (مرتداً).

(عن ابن تِعْلِي، قال:غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأُتِيَ بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم فقتلوا صبراً). والقتل صبرا هو ما يسمى الإعدام.

قال أبو داود: أن عبد الرحمن بن خالد قتل أربعة : بالنبل صبراً، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهى عن قتل الصبر، فو الذي نفسي بيده لو كانت دجاجةٌ ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب)([4])

(عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على النبيِّ صلى اللّه عليه وآله وسلم وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم، فأخذهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَلَماً ، فأعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} إلى آخر الآية)([5]).

ومما جاء في الروايات المتعلقة بتفسير آيات سورة الأنفال وبعض ما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أمره بقتل بعض من أُسر أو إهداره لدماء بعض المشركين يجب أن يعاد النظر فيه من خلال دراسة نقدية لسند الروايات ومتنها لأن استنتاج الفقهاء منها جواز قتل الأسير إذا أعتقد الإمام وجود مصلحة في ذلك لا يتفق مع الأمر بالإطعام ومعارض للنص (إما المن أو الفداء) ومع هذا فقد قيد بالمصلحة أو إذا كان في الأصل ممن يصدق عليهم مفهوم (المحارب)وبالتعبير المعاصر(مجرم الحرب) لأنه في هذه الحالة مشمول بالحكم الوارد في نص الآية 33-34من سورة المائدة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(34)

وحكم المحارب لله والرسول الساعي في الأرض بالفساد غير حكم الأسير الحربي من الكفار غير الأسير من البغاة، والمحارب غير الحربي، والاستثناء الوارد في الآية( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعبر أوضح تعبير على أن مقصد الشريعة هو الوصول إلى حالة السلم، وتوقف الملاحقات التي قد تسبب المزيد من إهدار الدماء وإشاعة الخوف، فتسليم المحارب لنفسه قبل القدرة عليه يمنحه العفو عما اقترفه، ولو كان الحد عقوبة لما جاز العفو عنه

والمحارب لله ورسوله والساعي في الأرض بالفساد هو أخطر وأشد جرماً من المرتد ومع هذا يمنح العفو إن هو توقف قبل القدرة عليه.

بل أن حرص الشريعة الإسلامية على الحياة تتعدى الإنسان إلى تحريم الشريعة قتل الحيوان وتوجب سد رمقه ولذلك جاء في كتب الفقه (ويجب سد رمق محترم الدم كالمسلم والذمي لا الحربي وكذا سائر الحيوانات التي لا تؤكل ولا يجوز قتلها،

وأما نفقة البهائم فيجب على مالكها أن يعلفها علفاً مشبعاً أو يبيعها أو يسيب في مرتع إذا كان خصيباً،أما التسييب في المدن فلا يكفي بل يجبر على إنفاقها،ويلزمه حفظها إذا خشي عليها السبع،ويجب على الشريك في العبد والبهيمة حصته وحصة شريكه الغائب والمتمرد وله الرجوع إذا نوى،)[6] فالشريعة التي توجب سد رمق الحيوان والإنفاق على الحيوان بقوة القانون أشد حرصاً على حياة الإنسان،الكافر والمسلم على حد سواء لأنهما من آدم بل هما آدم الذي مكن من الفعل ونقيضه، وضلت أبواب الرحمة مشرعة أمامه حتى آخر لحظة من حياته،

الردة

ذكرت الردة في كتاب الله في مواضع كثيرة منهاقال الله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البيِّنات والله لا يهدي القوم الظالمين. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون} /آل عمران: 86 - 90/.

وقال: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردُّوكم بعد إيمانكم كافرين} /آل عمران: 100/.

وقال: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً} /النساء: 137/.

وقال: {من يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلَّة على المؤمنين أعزَّة على الكافرين} /المائدة: 54/.

{ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين. أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون. لا جرم - يقول: حقاً - أنهم في الآخرة هم الخاسرون - إلى قوله - إن ربك من بعدها لغفور رحيم} /النحل: 106 - 110/.

{ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} /البقرة: 217/.

إلا أنه لا يوجد في كتاب الله نص على وجوب أو جواز قتل المرتد

والردة لغة : {هي الرجوع عن الشيء إلى غيره، ومنه قوله تعالى :(فَارتدا على آثارهما قصصا) ومع أنه لم يذكر في القرآن كيفية التعامل القانوني مع المرتد، إلا أن الفقهاء على اتفاق أن عقوبة المرتد هي القتل حداً، إلا ما روي بحسب علمنا عن سفيان الثوري من عدم تجويزه القتل وترجيحه الحبس، وكذلك عن عمر رضي الله عنه، ورغم إتفاقهم على العقوبة إلا أنهم اختلفوا في تحديد من هو المرتد؟ فبعضهم توسع في تحديد الأفعال والأقوال (أو ما يعبر عنهما) التي يعتبر معها المسلم مرتداً والبعض الآخر ضيق موجبات كفر المسلم بما ورد فيه النص الصريح. كما أختلف القائلون بقتل المرتد فبعضهم ذهب إلى القول بوجوب قتله وبعضهم بالجواز وبعضهم ذهب إلى وجوب قتله على الفور وبعضهم قال بوجوب أن يستتاب،كما أختلف هؤلاء في عدد مرات الاستتابة ......

ويستدل من ذهبوا إلى قتل المرتد بأخبار منها:-

ما رواه أبو خالد الواسطي رحمه الله قال:حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده علي(ع م) أنه كان يستتيب المرتد ثلاثاً فإن تاب وإلا قتله وقسم ميراثه بين ورثته المسلمين)

وبنفس السند قال:إذا أسلم أحد الأبوين والولد صغار فالولد مسلمون بإسلام من أسلم من الأبوين فإن كبر الولد وأبو الإسلام قتلوا وإن كان الولد كباراً بالغين لم يكونوا مسلمين بإسلام الأبوين)[7]

وفي البخاري:

6526 –عن ابن عبد الله بن عتبة: أن أبا هريرة قال:

لمَّا توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله). قال أبو بكر: والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق).

والظاهر من هذا الخبر أن الحكم الشرعي في التعامل مع (من أطلق عليهم مرتدين لامتناعهم عن تسليم الزكاة وعدم اعترافهم بشرعية سلطة المدينة) لم يكن مجمعاً عليه بين أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما،وبالتالي عند عامة الصحابة، فالنص حجة مشتركة للقائلين بعدم وجود نص يحدد كيفية التعامل مع المرتد، ولو كان ثم نص لما جهله عمر وغيره ممن اعترضوا على عزم أبي بكر القتال ولو جهلوه وعلمه الخليفة الأول لاستند إليه في تبرير قراره، وبين من يستندون إليه في جواز قيام الدولة بحمل الناس على أداء الواجب الديني،ومنه الزكاة،إلا أن الحرب التي شرح الله صدر أبي بكر لها بحسب تعبير عمر لم تكن ضد جماعة واحدة رفضت تسليم الزكاة إلى الخليفة مع إقرارها بوجوبها الشرعي بل شملت من ارتد عن الإسلام جملة كمسيلمة وسجاح والأسود العنسي الذي نسب إليهم ادعاء النبوة

روي في سنن البيهقي [ 16594 ] عن (أبو أمامه بن سهل بن حنيف وعبد الله بن عامر بن ربيعة قالا كنا مع عثمان رضى الله تعالى عنه في الدار وهو محصور وكنا إذا دخلنا ندخل مكانا نسمع كلام من بالبلاط فخرج عثمان رضى الله تعالى عنه يوما متغيرا لونه قلنا ما لك يا أمير المؤمنين قال إنهم ليواعدوني بالقتل فقلنا يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين قال وبم يقتلوني وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل بغير حق فو الله ما زنيت بجاهلية ولا إسلام قط ولا قتلت نفسا بغير نفس ولا تمنيت بديني بدلا مذ هداني الله عز وجل للإسلام فبم يقتلوني )

[ 16595 ] عن مسروق قال: قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن الأعمش

[ 16596 ] عن مسروق عن عبد الله قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إلا الله وأني رسول الله إلا ثلاثة نفر التارك الإسلام المفارق للجماعة أو الجماعة والثيب الزاني والنفس بالنفس قال الأعمش فحدثت به إبراهيم فحدثني عن الأسود عن عائشة بمثله رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن حنبل

[ 16597 ] عن عكرمة قال لما بلغ بن عباس رضى الله تعالى عنه أن عليا رضى الله تعالى عنه حرق المرتدين أو الزنادقة قال لو كنت أنا لم أحرقهم ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ولم أحرقهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان

[ 16598 ] عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غير دينه فاضربوا عنقه

[ 16599 ] قال أبو موسى أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وكلاهما سأل العمل والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت فقال ما تقول يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل قال وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت قال لن أستعمل أو لا أستعمل على عملنا من أراده ولكن أذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس فبعثه على اليمن ثم اتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه معاذ قال انزل والقي له وسادة وإذا رجل عنده موثق قال ما هذا قال هذا كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه السوء قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار وأمر به فقتل ثم تذاكر قيام الليل قال أحدهما معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه أما أنا فأنام وأقوم أو أقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي رواه البخاري في الصحيح عن مسدد وأخرجه مسلم عن أبي قدامة وغيره عن يحيى

16606 ] عن عكرمة عن ابن عباس قال كان عبد الله بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فاستجار له عثمان رضى الله تعالى عنه فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 16607 ] عن عكرمة عن ابن عباس قال ارتد رجل من الأنصار فلحق بالمشركين قال فأنزل الله عز وجل { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } إلى قوله { إلا الذين تابوا } قال فكتب بها قومه إليه فلما قرئت عليه قال والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الله عز وجل والله أصدق الثلاثة قال فرجع تائبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل ذلك منه وخلى سبيله

[ 16609 ] ورواه الحجاج بن أرطأة عن أبي إسحاق عن حارث بن مضرب أن فرات بن حيان ارتد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد قتله فشهد شهادة الحق فخلى عنه وحسن إسلامه

[ 16638 ] عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش

[ 16639 ] عن مصعب بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وأمرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة وذكر الحديث في ردتهم ورجوع بعضهم وقتل البعض وذلك يرد بتمامه إن شاء الله

[ 16640 ] عن عكرمة عن ابن عباس أن أم ولد لرجل سبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دمها هدر ورواه أيضا إسرائيل عن عثمان الشحام بطوله موصولا

[ 16641 ] عن عروة بن محمد عن رجل من بلقين أن امرأة سبت النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها خالد بن الوليد رضى الله تعالى عنه

[ 16642 ] عن جابر قال ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الإسلام وإلا قتلت فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل فقتلت في هذا الإسناد بعض من يجهل وقد روي من وجه آخر عن بن المنكدر

[ 16655 ] عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح مكة وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأخرجه البخاري من وجه آخر عن مالك

[ 16656 ] عن مصعب بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن زيد وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا قال عكرمة والله لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما قال فجاء فأسلم وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختفى عند عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بايع عبد الله قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين

[ 16657 ] عن ابن إسحاق قال إنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فرجع مشركا ولحق بمكة وإنما أمر بقتل عبد الله بن خطل لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى يخدمه مسلما فنزل منزلا فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينه وصاحبتها فكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه

[ 16665 ] أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أنبأ أبو الحسن علي بن محمد المصري ثنا مالك بن يحيى ثنا علي بن عاصم عن داود بن أبي هند عن عامر عن أنس بن مالك قال لما نزلنا على تستر فذكر الحديث في الفتح وفي قدومه على عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال عمر يا أنس ما فعل الرهط الستة من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين قال فأخذت به في حديث آخر ليشغله عنهم قال ما فعل الرهط الستة الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين من بكر بن وائل قال يا أمير المؤمنين قتلوا في المعركة قال إنا لله وإنا إليه راجعون قلت يا أمير المؤمنين وهل كان سبيلهم إلا القتل قال نعم كنت أعرض عليهم أن يدخلوا في الإسلام فإن أبوا استودعتهم السجن وبمعناه رواه أيضا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند

والمشهور عن سفيان الثوري القول بعدم قتل المرتد (عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول: (عن سعد قال:لمَّا كان يوم فتح مكة أمَّنَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس إلا أربعة نفرٍ وامرأتين وسماهم، فذكر الحديث قال: وأما ابن أبي سرحٍ فإِنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا نبيَّ اللّه: بايع عبد اللّه، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: "أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟" فقالوا: ما ندري يا رسول اللّه ما في نفسك، ألاَّ أومأت إلينا بعينك قال: "إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين".

قال أبو داود: كان عبد اللّه أخا عثمان من الرضاعة، وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه وضربه عثمان الحدَّ إذ شرب الخمر)([8]). فلو كان حكم المرتد هو وجوب (القتل) لما شفع عثمان ولو شفع جهلاً لما قبلت شفاعته، لأن قتل المرتد على دعواهم حد والشفاعة في الحدود منهي عنها

ورغم الإجماع المتأخر على قتل المرتد، إلا أن الخلاف بين عمر وأبي بكر يفيد بأن الحد لم يكن مجمعا عليه بين الصحابة. ومن القواعد الأصولية كما نص على ذلك الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى( إن أجمع المختلفون فليس بحجة إذ الخلاف الأول يتضمن الإجماع على أن كلا القولين حق فلا ينقلب أيهما خطأ)بناءً على قاعدة أن كل مجتهد مصيب،وأن الخلاف في أي قضية يصيرها ظنية،

ورغم تعدد الروايات المتعلقة بالنص على قتل المرتد إلا أنها لا تعدو أن تكون تعبيراً عن ثلاثة نصوص.

الأول: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ... ومنها التارك لدينه المفارق للجماعة". وقد رأى ابن تيمية أن فراق الجماعة إنما يكون بالمحاربة وهذا ما تدل عليه صيغ بعض الروايات لنفس الحديث،.

الثاني: (من بدل دينه فاقتلوه)

الثالث: حديث معاذ (أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد، وإلا فأضرب عنقه....و أيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها فإن عادت، وإلا فاضرب عنقها)

وهو معارض بالكثير من الأحاديث التي جاء النهي فيها عن قتل النساء صريحاً (حتى الحربيات) والثابت لدينا هنا أن القول ( بوجوب قتل المرتد ليس مجمعاً عليه) فبعض من قال به صرح بأن الحكم هو الجواز ولذلك جاز للإمام إسقاطه وروي عن سفيان الثوري وعمر رضي الله عنه في بعض ما نسب إليه القول بالحبس، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية التمييز بين الردة المجردة والردة المصحوبة بالحرابة،

وفي كل الأحوال فإن القانون اليمني قد حسم موارد الخلاف الفقهي فحدد النص التالي المرتد وعقوبته بقوله: (كل من ارتد عن دين الإسلام يعاقب بالإعدام بعد الاستتابة وإمهاله ثلاثين يوماً ويعتبر ردة الجهر بأقوال أو أفعال تتنافى مع قواعد الإسلام وأركانه عن عمد أو إصرار فإذا لم يثبت العمد أو الإصرار وأبدى الجاني التوبة فلا عقاب )259 عقوبات

وتبنى في تعريفه للمرتد صيغة متشددة تتسم بالغموض والعموم بحيث يمكن أن تستخدم العقوبة كأداة قمع ليس لحرية العقيدة فحسب بل ولحرية التعبير لأن قواعد الإسلام غير محددة بصورة دقيقة وغير متفق عليها،بل أننا لا نعرف ما المقصود بقواعد الإسلام وبالتالي لا نعرف ما هي الأقوال التي تتنافى معها ومع أركان الإسلام،وكذلك الأمر بالنسبة للأفعال،والملاحظ أن التشريع القانوني المعاصر في اليمن أكثر تشدداً من أحكام الفقه المتعلقه بالدماء، فاجتهادات الفقهاءكانت محكومة في غالبها بالحرص على ضمان حق الحياة،بينما التشريعات المعاصرة المتأثرة بالمدرسة السلفية محكومة بالتوسع في إقرار وتشريع القتل عقوبة، وعلى الشبهة يتضح ذلك عند استعراضنا لأحكام الفقه والقانون المتعلقة بجريمة الزناء

الزنا

الزنا وما في حكمه إ يلاج فرج حي في فرج حي قبل (أو دبر) بلا شبهه(1)]وفي القانون اليمني حد الزنا بقوله :

و الوطء المعتبر زنا هو الوطء في القبل,أي أن القانون لم يعتبر الوطء في غير القبل زناً وهو أدق لأنه يتفق والأحكام الأخرى وبالذات مسقطات الحد وتحديدا قول النساء هي عذراء أو رتقا،

والزنا الموجب للحد في كتب الفقه (إيلاج (إدخال)إنسان ذكره الأصلي في فرج[حي قبلٍ أو دبر (رجلٍ) أو] امرأة محرمة عليه أصالة من غير عقد نكاح[دائم أو منقطع أو شبهة نكاح و بلا إكراه}([9]),[10]) [11]/و ([12])

ويلاحظ وجود خلاف في التعريف فمن الفقهاء من اعتبر مجرد الإيلاج سواءً كان في القبل أو الدبر زنا وآخرين تمسكوا بظواهر النصوص الموحية شرط أن يكون الإيلاج في قبل امرأة،

{ويعاقب الزاني والزانية في غير شبهة و لا إكراه بالجلد مائه جلدة حداً إن كان غير محصن و يجوز للمحكمة تعزيره بالحبس مدة لا تجاوز سنة وإذا كان الزاني أو الزانية محصنا ًيعاقب بالرجم حتى الموت. {363 من قانون العقوبات }. ولما كان هذا المقال في مجمله عبارة عن شرح لمضمون هذه المادة والمواد الأُخرى المتعلقة بموضوع الزنا وما في حكمه ومقدماته فقد آثرنا البدء بنسخ هذه المادة والتي تليها من القانون ليتمكن القاري الذي لا يملك نسخة من القانون مراجعة نص المادة خلال الشرح والمناقشة:

يعرف القانون اليمني المحصن إجرائيا ًبقوله:-

يعتبر الشخص محصناً.متى توفرت في حقه الشروط الآتية:

1- أن يكون قد وطئ زوجه بناء على عقد صحيح.

2- أن يكون ذلك الوطء في القبل.

3- أن يكون الوطء مع عاقل صالح للوطء

4- أن يكون حال وطئه مكلفاً

5- أن تكون الزوجيةُ مستمرةُ.}}

أولاً: معنى الإحصان:-

1-لغة هو:-المنع قال تعالى:-{ليُحصنكم من بأسكم }

وقد جاء بمعنى الإسلام لأن الإسلام حافظ ومانع

و العفاف كما في قوله تعالى{محُصنين غير مُسا فحين }{مُحصنات غير مُسَا فِحا ت} النساء 24-25 مُحصنٍة ومُحصْنِة وحِصان أي عفيفة-ممتنعة من الفسق .

و الحرية لأن غير الحر غير محصن

و التزويج لأن الزواج يمنع الزوجة من أن تتزوج غيره ) (1)

قال تعالى{ومن يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم المؤمنات .............فإذا أُحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } النساء –25

20شرعاً:_بمعنى الإسلام

والبلوغ

والعقل

والحرية

والعفة

والتزويج .

قرأ ابن مسعود وجماعة أ خر ون أَحْصَنَ بفتح الهمزة بمعنى أسلمن وإسلام الأمة إحصانها في قول الجمهور ،فإذا زنت الكافرة لاتحد.

وقرأها ا خر ون بضم الهمزة ومعناها إذا تزوجن قاله ابن عباس وا خر ون وهذا يعنى أن التي لم تتزوج من الإماء لا حد عليها.

ثانياً:- شروط ألا حصان :-

1- جماع من المحصن وأقله ما يوجب الغسل فلو خلى بزوجة ولم يكن قد وطء لم يصر محصناً ))[13]

(وادعي ألا جما ع على أن الدخول بمعنى ألإيلاج شرط للإحصان) [14] إلا أن ظاهر كلام الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين عليه السلام عدم ا شتر اطه

2-أن يكون الو طء (بأهله في ُقبل)[15] فلو كان في الدبر لم يصر به محصناً)[16]

أو جامعها فيما بين الفخذين أو بما دون الحشفة أو مادون قدرها –لم يكن محصناً والظاهر عدم اشتراط الإنزال )[17]

3-أن يكون في نكاح بحرة أو أمة فلو كان مع المملوكة أو في زنى أو ما في حكمه لم يصر محصناً )[18]

4-أنيكون الوطء في نكاح صحيح والعبرة بمذهب المتهم، فلو كان فاسدا ًفي مذهبه كزواج بدون ولي لمن يعتقد وجوبه أو بدون شهود لمن يعتقد الوجوب أو بدونهما معاً ،أو كان أحد شهود العقد فاسق .......الخ من المسائل التي يعتقد البعض إنها شروط صحة للعقد ويرى آخرون أن عدم وجودها لا يفسد العقد ومن باب أولى ليست مبطلة له كقول الإمامية بصحة العقد مع عدم وجود الولي والشهود وقول الأحناف بصحة العقد مع عدم وجود الولي للبكر والثيب على حد سواء للوضيعة والرفيعة بينما لا يشترط المالكية الولي إلا لمن سيشعر أولياؤها بالغضاضة وعدم اشتراطهم ألإشهاد لصحة العقد ....الخ فإذا كان مذهب الزوج أو الزوجة فساد العقد أو بطلانه لم يصر به محصنا إلا إذا حكم بصحته قبل أن ترفع الدعوى المتعلقة بالزنا.)[19]

5-أن يكون الوطء(من مكلف)في مكلف لأن وطء الصغيرة أو الصغير لا يحصن لعدم كمال اللذة معهما)[20]

6-أن يكون الموطؤ مدركاً أي غير مجنون إذ لا كمال لِلذة في جماع المجنون

فأشبه وطئ الصغيرة ،إلا أن ا لإمام الهادي والإمام الشافعي عليهما السلام يعتبران الوطء محصناً لو كان الموطوء صغيراً عاقلاً

ونكاح النائم والسكران لا يحصن غيره إلا أن نكاح السكران يحصنه سواءً كان واطئا أو موطوءً)[21]

7- أن يكون (مسلماً )على خلاف في هذا الشرط لأن البعض لا يشترطه ،ودليل من يشترطه الخبر المنسوب الى النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم {من أشرك بالله فليس بمحصن}ويعتبر الشافعي وأبو حنيفة رضوان الله عليهما والمؤيد بالله أن الردة مبطلة للإ حصان .

8-وأن لا يكون الوطء بمُحرمةٍ{لأن العقد غير صحيح} أو حائض لأنه كالوطء في الدبر)[22]

9-أن يكون متمكناً من وطئ زوجته إذا شاء فلو كان بعيداً غائباً عنها بحيث لا يتمكن من مباشرتها فهو غير محصن وكذا لو كان حاضراً لكنه غير قادر لمانع من حبس أو لنشو ز ها أو لمرض يمنع الوطء)[23]

10(-يعتبر في ا حصا ن المرأة ما يعتبر في ا حصان الرجل ،فلا ترجم لو لم يكن معها زوجها يغدو عليها ويروح كما لا ترجم غير المد خول بها ولا غير البالغة ولا المجنونة)[24]

11-(أن تكون الزوجية مستمرة ولو كانت في حالة طلاق رجعي لأن الطلاق البائن كالخلع والملاعنة يخرج من ألا حصان حتى لو راجع المخالع مادام لم يدخل بها أما لو دخل بها رجم )[25]

ثالثاً_ كيفية ثبوت الإحصان

ا-الإقرار ولو لمرة واحدة عند اغلب الفقهاء بشرط أن يكون ألاقرار مفصلاً فلا يكفي أن يقول أنا محصن –إلا إذا كان من أهل التمييز ويعلم شروط الإحصان وإذا التبس كونه من أهل التمييز ولم يفصل (بالقول أنه دخل على زوجه في نكاح صحيح خال مما يفسده أو يبطله لجهله بشروط الإحصان)فالمختار في المذهب الز يدي سقوط الحد (أي الرجم ويحد بالجلد ) [26]

والواجب على القاضي التحقق من علم المقر على نفسه بالشروط وصحتها لأن الإحصان لا يثبت بمجرد علم الحاكم ولا بنكول الزاني كما أنه لا يثبت بالشهرة)[27]

ب-شهادة عد لين ولو رجل وامرأتين )(متن الأزهار )

و على الشاهد أن يذكر شروط الإحصان فلا يكفي أن يشهدوا أنه محصن فلا يكفي الإجمال وطريق الشهود على الإحصان –بالدخول _إما بالمفاجأة أو الإقرار بالدخول من الزوج أو الولادة على فراشه في نكاح صحيح أو التواتر بذلك )[28]

ومذهب الإمام الشافعي الردة مبطلة للإحصان لأن الإسلام شرط وكذلك مذهب الإمام أبو حنيفة رضوان الله عليهما وعند الإمام زيد بن علي والناصرالأطروش، كما نقل ذلك في شرح الأزهار ،والظاهر أن القانون اليمني أو بمعنى آخر المذهب السائد اليوم في اليمن عدم اشتراط الإسلام لأن الدستور والقانون صريح في النص على المساواة بين اليمنيين في الحقوق والواجبات إلا أن نص المادة الثالثة في الدستور يمكن أن تكون سنداً لقيد هذا المفهوم بأن العقوبة شرعاً متوقف إيقاعها على اعتقاد الحرمة فما يفعل الإنسان مما يعتقده حلالاً كشرب النبيذ الذي يشربه المسيحيون أحياناً كواجب لا يجوز العقاب عليه وإلا كان ذلك خفراً للذمة التي أُعطيت لأهل الكتاب لأن إكراه المخالف على فعل ما يعتبره حراماً أو منعه من فعل ما يعتبره واجباً مما لا يضر بالأخر ين( إكراه في الدين )والنص صريح في عدم إمكانه وبالتالي جوازه و ألأُمة الإسلامية على احترام خصوصية غير المسلمين فلم يحرم على اليهود أو النصارى شرب الخمر أو النبيذ ولم تفرض عليهم أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية وما روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم من رجمه لليهود فقد حُمل على أنه (صلى الله عليه وعلى اله وسلم)حكم عليهم بما أثبت لهم أن شريعتهم عليه 0

الأدلة من الكتاب والسنة على مشروعيته:

والأصل في فرضه من الكتاب الكريم قوله تعالى(والزانية والزاني فا جلدوا كل واحد ٍمنهما مائه جلدةٍ و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ( أ لآية 2من سورة النور)

وقد روي في الكتب المعروفة بالصحاح و المسانيد والسنن, أن رسول الله جلد ورجم وكذلك روي أن الصحابة أمروا به وفعله الخلفاء من الصحابة رضوان الله عليهم دون إنكار . إلا أن الآية لا تفيد إلا أن الحد الشرعي المقدر على جريمة الزنى هي الجلد لا غير للمحصن والبكر لأن النص يستغرق كل زاني وكل زانية ,

وقد جاء في الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أمر برجم رجلٍ اسمه ماعز ألا سلمي والغامدية وكذلك أمر برجم امرأة أقرت بالزنا و حكم على يهودي ويهودية بالرجم عملاً بالشريعة الموسوية اليهودية,وقد أثار بعض الفقهاء والمفسرين مشكلة عدم وجود نص بالرجمِ في القرآن رغم خطورة الحكم به لأن فيه إزهاق روح :خصوصاً والحكم بالجلد صريح قطعي الدلالة لعدم احتماله إي معنى آخر , وأجيب على ذلك بأن النص[على الحكم بالرجم ] كان موجوداً في القرآن ًولكنه نسخ تلاوة وبقي حكماً ؛

وكذلك أُثيَر أيضا الإشكال الذي يفرضه التعارض الظاهر بين الحكم[بالحبس والإيذاء] الذي فهم من الآية التي في سورة النساء (واللاتي يأتيْن الفاحشة َمنْ ِنساءِكم فاستشهدوا عليهن ً أربعة ًمنكم فأن شهدوا فامسكوهنً في البيوت حتىً يتوفاهُنَ الموتُ أو يجعلَ الله لهُنَ سبيلاً(15)النساء مع نص الآية الثانية في سورة النور.

إلا أن القائلين بالرجم ردوا بأن آية النور ناسخه لهذه ألآية لأنها متأخرة عنها واستدلوا بخبر نسبوه ألي الرسول(صلى الله عليه واله وسلم)عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه (واله)وسلم ((خذوا؛ عنى: خذوا؛ عنى: قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائه ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.رواه مسلم

وينقل ابن حزم الخلاف في حكم الرجم بقوله (:قالت طائفة : الحر والحرة إذا زنيا وهما محصنان فأنهما يرجمان حتى الموت ، وقالت طائفة : يجلدان مائة ثم يرجمان حتى الموت ،فأما ما الأزارقة فليسوا من فرق الإسلام لأنهم الذين أخبر رسول الله عنهم بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأنهم قالوا لا رجم أصلاً وإنما هو جلد فقط، فأما من روى عنه الرجم فقط دون الجلد فكما محمد بن سعيد ابن ثابت نا عبد الله بن نصر بن قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية وكيع عن يحيى بن أبي كثير السقا عن الزهرى أن أبابكر رضي الله عنه 0وعمر رجما ولم يجلدا * وبه إلى وكيع العمرى –هو عبد الله بن عمر – عن نافع عن ابن عمر قال عمر رجم ولم يجلد 0 وبه الى وكيع الثورى عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : يرجم ولا يجلد وعن عبد الرزاق عن معمر الزهرى أنه كان ينكر الجلد مع الرجم

:وهذا أقوال كما ترى فأما قول من لم ير الرجم أصلا فقول مرغوب عنه لأنه خلاف الثابت عن الرسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم وقد كان نزل به قرآن ولكنه نسخ لفظة وبقى حكمة ، حدثنا حمام ابن مفرج ابن الأعرابي الدبرى عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن ذر بن حبيش قال : قال أبي بن كعب كم تعدون سورة الأحزاب ؟قلت إما ثلاثا وتسعين آية أو أربعا وسبعين آية قال : إن كانت لتقارن سورة البقرة أولهي أطول منها وان كان فيها لآية الرجم قلت :أبا المنذر وما آية الرجم قال : أذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من والله عزيز حكيم *

قال على :هذا اسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه ، وحدثنا أيضا عبد الله بن ربيع بن محمد بن معاوية بن أحمد بن شعيب بن معاوية بن صالح الأشعري بن منصور –هو ابن أبي مزاحم –بن أبو حفص – هو عمر بن عبد الرحمن – عن منصور – هو ابن المعتمر – عن عاصم بن أبي النجود عن ذر بن حبيش قال 0 قال أبي بن كعب : كم تعدون سورة الأحزاب قلت ثلاثا وسبعين فقال أبي إن كانت لتعدل سورة البقرة أو أطول وفيها آية الرجم الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ، فهذا سفيان الثوري .ومنصور شهدا على عاصم وما كذبا فهما الثقلان الإمامان البدران وما كذب عاصم على ذر ولا كذب ذر على أبي *

وهذا النص اعتمد عليه المشرع اليمني وجسد ه في نص المادة 263من قانون العقوبات رقم 21لسنة1994الصادر بقرار جمهوري)

إلا أنها جعلت عقوبة السجن عوضا عن التغريب

وجعلتها أي العقوبة بالسجن اختيارية للقاضي.

والنص القرآني في سورة النور يقضي بشمول الحكم على الرجل والمرأة على حد سواء و على كل زان وزانية محصن وغير محصن،

1-ص140

5-سبل السلام /ج/3/ص4ويعزوه ألي صحيح مسلم والترمذي ,وأبي داود

نصوص السنة سواءً سلمنا بحجية الأخبار الأحادية في نسخ أحكام القرآن أم لم نسلم فإن القانون حسم القضية باختياره مذهب الجمهور فنص على الجمع بين عقوبة الجلد والحبس للبكر والرجم للمحصن مستندًا كما يبدوا إلى أخبار الآحاد، مع مخالفتها لنص القرآن، وسنلاحظ أن الروايات التي ذكر فيها أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالرجم رغم تكاثرها أو نتيجة لتكاثرها مختلفة إلى درجة الاضطراب في المعنى

1-عن أبي هريرة؛وعن زيد بن خالد الجهني؛أن رجلا ًجاء ألي النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال :يا رسول الله !إن ابني كان عسيفا ًعلى هذا؛فزنى بامرأته ؛فأخبروني أن على ابني الرجم ؛فافتديت منه بوليده ومائة شاه ؛ثم أخبرني أهل العلم أن على ابني جلد مائة وتغريب عام؛وأن على امرأة هذا الرجم-حسبته قال :-فأقض بيننا بكتاب الله عز و جل فقال :أما الغنم و الو ليده فرد عليك؛وأما إ بنك فعليه جلد مائة وتغريب عام ؛ثم قال لرجل من بني أسلم يقال له أٌنيس :قم يا أُنيس !فأسأل امرأ ة هذا؛فإن اعترفت فارجمها}

1 –عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني :أن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه (واله)وسلم:فقال يا رسول الله:أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله تعالى [عز وجل ؟]–فقال أ لآخر[الخصم الأخر]وهو افقه منه نعم:فأقض بيننا[بكتاب الله عز وجل ] وأَذن لي فقال:[النبي صلى الله عليه واله وسلم ]قل:قال:أن أبني كان عسيفاً على هذا؛وزنى بامرأته ؛[فأجبروني ]وأني أُخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليده.[ثم سألت]

فسألت أهل العلم فأخبروني[إنما] أن على ابني جلد مأة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم :فقال: [رسول]الرسول صلى الله عليه (وآله)وًسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله [عز وجل الغنم و الو ليده]-الوليد ه والغنم رٌد عليك ؛وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام.

واغد يا أُنيس ![لرجل من اسلم] إلي امرأة هذا فأن اعترفت فارجمها{فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فرجمت }

2-حديث ماعز:وقد روي بأكثر من رواية :فعن أبي هريرة قال:جاء الأ سلمي إلي نبي الله صلى الله عليه (واله)وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما ًأربع مرات كل ذلك يعرض عنه ؛فأقبل عليه في الخامسة ؛فقال أنكتها؟قال نعم؛قال كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البير؟قال نعم؛قال فهل تدري ما لزنا؟قال نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الجل من امرأته حلالا؛قال فما تريد بهذا القول؟قال أريد أن تطهرني فأمر به فرجم.}[29]

{وعن ابن عباس أن النبيَ صلى الله عليه (واله) وسلم قال لما عز بن مالك أحق ما بلغني عنك ؟قال و ما بلغك عني ؟قال بلغني انك وقعت بجاريه آل فلان؛قال نعم فشهد أربع شهادات فأمر به فرجم وفي رواية قال جاء ماعز بن مالك ألي النبي صلى الله عليه (واله)وسلم فاعترف بالزنا مرتين فطرده ؛ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين؛فقال شهدت على نفسك أربع مرات إذ هبوا به فارجموه.}[30]

وفي رواية أخرى قال لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه (واله)وسلم قال له لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ؟ قال لا:-يا رسول الله ؛.

قال أ فنكتها لا يكني ؟قال نعم .

فعند ذلك أمر بر جمة.

{وفي رواية عن أبي هريرة /أخرى/قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم وهو في المسجد فناداه فقال:- يا رسول الله إني زنيت ؛فأعرض عنه ؛حتى ردد عليه أربع مرات؛.

فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه (واله)وسلم فقال :- أبك جنون؟قال لا قال:- فهل أحصنت ؟قال:- نعم فقال:- النبي صلى الله عليه (واله)وسلم اذهبوا به فا رجموه }{وعن أبي هريرة/أيضا ً/جاء الأسلمي إلى نبي الله صلى الله عليه(واله)وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما ًأربع مرات كل ذلك يعرض عنه ؛فأقبل عليه في الخامسة ؛فقال :-أنكتها؟قال:_ نعم ؛قال :-كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البير ؟فقال :-نعم ؛قال:- فهل تدري ما لزنا؟قال:_ نعم أتيت منها حراما ًما يأتي الرجل من امرأته حلالا؛قال :-فما تريد بهذا القول ؟قال:_ أُريد أن تطهرني .!فأُمر به فرجم.}

{وعن أبي هريرة قال :جاء ماعز الأسلمي إلى رسول الله صلى الله عليه(واله)وسلم فقال له إنه قد زنى فأعرض عنه ؛ثم جاء من شقه آ لآخر فقال إنه قد زنى فأعرض عنه ؛ثم جاءه من شقه ألا خر فقال:- يا رسول الله إنه قد زنى؟!! ؛فأمر به في الرابعة فأخرج ألي الحرة فرجم بالحجارة؛فلما وجد مس الحجارة فر يشتد حتى مر برجل معه لحى جمل(في رواية أُخرى ذكر أن الرجل هو عمر بن الخطاب ) فضربه به وضربه الناس حتى مات؛فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه(واله)وسلم أنه فر حين وجد مس الحجارة ومس الموت فقال رسول الله صلى الله عليه(واله)وسلم هلا تركتموه.وفي راوية }{وعن أبي هريرة /أيضاً/قال أتى رجل ألي رسول الله صلى الله عليه (واله)وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله أني قد زنيت فاعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات ؛فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه (واله)وسلم فقال أبك جنون؟قال :لا؛قال فهل أحصنت؟قال نعم فقال النبي صلى الله عليه(واله)وسلم إذ هبوا به فارجموه}

وقد روي عن جابر بن سمره قال:رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلي الني صلى الله عليه(واله)وسلم وهو رجل قصير أعضل ليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع مرات إنه ؛زنى ؛فقال الرسول صلى الله عليه(واله)وسلم فلعلك ؟قال لا والله إنه قد زنى الأخر فرجمه}

وفي نفس الرواية عن بريده كما ذكر ابن الأمير أن ماعز رجع في الغد وأن رسول الله أرسل ألي قوم ما عز يسألهم عن عقله مره و أخرى وفي رواية ابن عباس أنه قال له:لعلك قبلت أو غمزت وفي الروايات الأخرى أو لمست أو نظرت ؟

وروي أيضا عن أبي بكر الصديق قال :كنت عند النبي صلى الله عليه(واله)وسلم جالساً فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مره فرده ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده ثم جاء فأعترف عنده الثالثة فرده؛فقلت له إن إ عتر فت الرابعة رجمك ؛قال فاعترف الرابعة فحبسه ؛ثم سأل عنه فقالوا ما نعلم إلا خيرا ًقال فأمر برجمه}

ورغم الاضطراب في الروايات وتعارضها مع المحكم من القرآن الكريم ورغم عدم وجود نص متواتر يثبت وقوع الرجم ألا أن الشيعة والسنة باستثناء-الخوارج وبعض مشايخ المعتزلة - اتفقوا على أن عقوبة الزاني المحصن الرجم حتى الموت

وقد ظل عدم وجود ذكرا لرجم في القرآن محل تساؤل وقد أجيب على ذلك بخبر نسب ألي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الحكم بالرجم كان في القرآن ألا انه نسخ تلاوة وظل حكمًا.-{عن ا بن عباس قال :سمعت عمر يقول :إن الله عز و جل بعث محمدا ًصلى الله عليه واله وسلم بالحق ؛وأنزل معه الكتاب ؛فكان مما أ ُنزل عليه آية الرجم ؛فرجم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؛ورجمنا بعده ؛وإني خائف أن يطول بالناس الزمان فيقول قائل:والله ما نجد الرجم في كتاب الله؛فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ؛ألا وإن الرجم حق على من زنى إذا أُحصن [من الرجال و النساء] وقامت البينة ؛أو كان الحمل أو آلإعتراف [و أيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها]} 0(1)ص140/ج5/ ا لهامش ويعزوه ألي الستة إلا النسائي واللفظ لأبي داود(5)وأخرجه الشيخان من طريق يونس وابن عيينة عن الزهري ص315ج/7{فعن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول:أمر عمر بن الخطاب مناديا؛فنادى أن الصلاة جامعه ؛ثم صعد المنبر ؛فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:يأيها الناس لا تُخدعنْ:- آية الرجم فإنها قد نزلت في كتاب الله عز وجل ؛وقرأناها؛ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه واله وسلم وآية ذلك أنه قد رجم؛وأن أبا بكر قد رجم ؛ورجمت بعدهما وإنه سيجيء قوم من هذه الأمة يُكذبون بالرجم؛ويُكذبون بطلوع الشمس من مغربها ؛ويكذبون بالشفاعة ؛ويكذبون بالحوض ويكذبون بالدجال ؛ويكذبون بعذاب القبر؛ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعدما ُأُدخلوها.}(نفسه ص315) وأنظر كتاب الحدود في الزنا/باب الرجم كتاب موطأ مالك /ص/241-245رواية أبي محمد ابن الحسن الشيباني ط2تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف المطبعة العلمية عام1979م

{وعن زر بن حبيش قال:قال :لي أُبي َبن كعب :كأينً تقرؤن سورة الأحزاب ؟(أي كم تقرأو؟؟)قال:قلت :إما ثلاثا وسبعين؛إما أربعا ًوسبعين ؛قال:أ قط ؟إن كانت لتقارب سورة البقرة ؛أو لهي أطول منها؛وإن كانت فيها آية الرجم ؛قال :قلت :أبا المنذر",!!وما آية الرجم؟قال :[إذا زنيا الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة نكالاً ًمن الله ،والله عزيز حكيم ]}(5)المصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج/7 ص 330ا

وهذه الروايات رغم أنها محاولة للتدليل على أن لمشروعية الرجم أصل في القرآن إلا أنها تشكك في سلامة القرآن من وقوع التحريف بالنقص فيه كما أنها لا تبين الحكمة من نسخ التلاوة لحكم متعلق بحياة الإنسان خاصة إذا تذكرنا أن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم انزل علينا أطول آية ليأمرنا فيها إذا تداينا أن نكتب ليمنع عنا الوقوع في المشاكل حرصاً منه سبحانه على أن تكون رسالته رحمه ؛ وعلي كل حال فقد أخذ المشرع اليمني بالرأي الذي أفصح عنه( الحسن الجلال في كتابه ضؤ النهار )وفحواه أن عقوبة الرجم ليست واجبه بل مباحة ولذلك جاز للإمام أو الرئيس أن يسقط الحد إن رأى في ذلك مصلحه أو ضرورة.بل إن الجلال يستدل من بعض الروايات ما يفيد أن الرجم حكم استثنائي لحاله استثنائية عبر عنها الرسول صلى الله عليه واله وسلم في قوله {أو كلما انطلقنا في سبيل الله يخلف علينا رجل في عيالنا –له نبيب كنبيب التيس ؛ألا-لا ُأوتى برجل فعل ذلك وفي نسخه فعل كذا-إلا نكلت –به}(6)ص2258

وقد مال المشرع اليمني ألي هذا الرأي فنصت الماده0(267)على أن لرئيس الجمهورية أن يوجه بإسقاط الحد المتعلق بحق الله ولا يمكن أن يمنح هذا الحق إلا إذا كان يرتكز على هذا الفهم لأن الأصل في الشريعة الإسلامية حفظ الحياة والعرض .

وسوف نكتفي بهذه الإشارة إلي مشكلة التعارض بين الحكم بالجلد الذي نُص عليه بإحكام ووضوح بجلاء وبتفصيل دقيق في كتاب الله المحفوظ وبين الأخبار التي رويت بكثرة إلا أنها لا تخلوا من ألاضطراب وظهر على بعضها الصنعة المتأخرة على عهد الرسول صلى الله عليه واله وسلم كحديث أنيس الذي تضمن مناشدة الإعرابي للرسول صلى الله عليه واله وسلم بأن يقضي بينهما بكتاب الله وكأن الرسول(وحاشاه) متهمً بعدم ذلك ًومجرد المناشدة توحي بأن الخبر صيغ أو ُُأُضيف إليه ما يرد به على المتمسكين بنص القرآن المناقض لعقوبة الرجم ممن لم يسلموا بدعوى الإجماع(الذي لا يصح التسليم بوقوعه لمخالفة الأزارقة وبعض المعتزلة له وهم بعض المسلمين ) ولمخالفته لصريح القرآن.وعملوا بحديث العرض على كتاب الله واعتبروا أن كل الروايات والأخبار المتعلقة بالموضوع مصداق لما يجب عرضه على كتاب الله و إهماله بناً عليه

ولأن الإجماع المدعى به كما ينقل عنهم الجلال{سكوتي و هو ظني ولا تحرم مخالفته:وإن سلم فمستنده ألاجتهاد في الأدلة لأنها ليست بقطعية والمعصوم لا يعصم عن الخطأ في اجتهاد ه}2259-مصدر سابق.

وعلى كل حال الواجب على الأخوة المتخصصين في علم الحديث من الفقهاء والباحثين الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالموضوع لبيان قيمة النص الإخباري وحل مشكلة التعارض الظاهر بين الروايات المتعلقة بحدث تأريخي واحد (اعتراف ماعز الاسلمي وهل جاء من نفسه كما تصرح أكثر الروايات أم جيء به كما تفصح روايات أخرى؟وهل بادر بالإقرار بإلحاح والرسول صلى الله عليه واله وسلم يعرض عنه بل يأمره بالستر{ويحك ارجع فأستغفر الله فيغفر لك }؟أم أنه تعرض للاستجواب من قبل الرسول صلى الله عليه واله وسلم كما جاء في إحدى الروايات عن ابن عباس {أحق ما بلغني عنك ؟}وهل جاء متطوعاً كما تصرح بعضها أم مرغما من قبل (هزال)ألا سلمي الذي كان ماعز تحت حجره كما ينقل صاحب الروض النضير عن مصنف عبد الرزاق من طريق ابن جريج وان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال :(لهزال)هلا سترته ولو بثوبك :!!؟وهل كانت اعترافات أو بالمعنى الفقهي إقرارات ماعز في يومٍ واحد و موقف واحد كما تقطع بعض الروايات أم في أيام عدة كما تجزم روايات أخرى؟

ثم ما هي الحكمة من نسخ التلاوة و الإبقاء على الحكم ؟

والخلاصة أن الرجم غير مجمع عليه،

الشروط الواجب تحققها لوجوب الحد

الإيلاج:-نص على هذا الشرط كل الفقهاء وصرحت الأخبار النبوية عليه وقد عبرت عن ذلك با لسؤال عن الإيلاج وضرورة أن يكون كالرشا في البئر والميل في المكحلة،، ووضع الفقهاء

حدا ًأدنى بولوج كامل الحشفة

وبدون ثبوت ذلك إما بالإقرار من المكلف الحر المختار المتكرر أبع مرات في أربعة من مجالس القاضي العدل والمبني أي الإقرار_على علم بالحرمة قبل بدء الفعل وبدون وجود أي شبهة أو بشهادة أربعة شهود عدول على الرؤية الفجائية غير المتعمدة :- بدون ذلك لا يثبت الحد لأن الواقعة لا تعتبر شرعاً زنى وإطلاق كلمة زنى كوصفٍ لهذه الواقعة يعتبر من الناحية الشرعية (جريمة قذف يحد الفاعل با لجلد ثمانين جلدة وتسقط عدالته مما يعني حرمانه من الوظيفة العامة ولا تقبل شهادته أبد ا ًحتى وإن تاب عند الأكثر لوضوح النص على عدم جواز قبول شهادته في نص القرآن,,.

وقد اشترط الفقهاء لثبوت الحد شروطاً نذكر منها :

1-البلوغ :فلا حد على الصغير ولا على الصغيرة .

2-العقل:-فلا حد على المجنونة ولا على المجنون.

3-العلم بالتحريم حال الفعل (إ اجتهاد اً أو تقديرً)فلا يحد الجاهل بالحرمة أو التحريم ولو نسي الحكم بالتحريم لحظة صدور الفعل منه أو كان فاقد الوعي لنومٍ أو لتناوله مخدراً أو مسكراً ويعاقب على شربه للخمر إن كان عالما بأنها خمرا ولا يحد للزنا إن كان غير واعي{رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

4-الاختيار:- فلا حد على المكره ولا على المكرهة ويثبت الإكراه في حقً المرأة بمجرد الدعوى لمظنة ذلك في حقها وبالنسبة للرجل إن كان الإكراه محتملاً ،إلا أن الأكثر لم يشترط أن يكون الإكراه محتملاً فمجرد دعوى الإكراه من المرأة أو الرجل تكفي كشبهة لإسقاط الحد.إلا أننا يمكن أن نفهم من القانون اشتراطه ثبوت دعوى الإكراه كما جاء في نص المادة (266 )

ويمكن اختصار هذه الشروط في الآتي

{أولاً:-لا حد إلا على مكلف ، ملتزم عالم بالتحريم،

وشروط وجوب الحد ثلاثة:-أحدها تغييب الحشفة أو قدرها في فرج أو((دبر))لادمي حي.

الثاني:-انتفاءَ الشبهة.

الثالث.:-إما بإقرار أربع مرات, ويستمر على إقراره,أو بشهادة أربعة رجال عدول فإن كان أحدهم غير عدل حدوا للقذف ,و إن حملت من لا زوج لها ولا سيد لا يلزمها شيء}(8)ص(253-254 )

فالمكلف هو البالغ العاقل المختار المسلم

والعالم بالتحريم هو الذي فعل ما يعتقد أنه حراما(أي لا يوجد في ظرف فعله أي شبهة تجعله معتقداً حال صدور الفعل منه الجواز أو الحلية أو الإباحة).

ويضيف الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين عليه السلام شرط العلم بأن الدولة ممثلة بالسلطة تعاقب على الفعل.

كيفية إثبات جريمة الزنا

أجمعت كتب الفقه المختلفة للسنة والشيعة على أن الطريق الوحيدة لإثبات الجريمة هي :-إما الإقرار أربع مرات

أو الشهادة من أربعة شهود عدول.ويجب علينا أن نؤكد على مبدأ شرعي أساسي وهو أن الأصل وجوب الستر وليس العكس وهذا ما أكد عليه الرسول صلى الله عليه واله وسلم في أكثر من نص وموقف من ذلك ما أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول كل أمتي معافى إلا المجاهرين،وأن من المجانة أن يعمل الرجل عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات بستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ))وفي حديث ابن عمر عن رسول الله ((......اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألم بشيءٍ فليستتر بستر الله أخرجه الحاكم ورواه مالك في الموطأ من مرسل زيد بن أسلم (2)/ج4/ص39

وقدنسب إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قوله لماعز لما جاءه معترفا على نفسه بالزنا {ويحك ارجع فاستغفر الله فيغفر لك ، وسيمر علينا قوله صلى الله عليه واله وسلم للغا مدية استتري بستر الله واخرج البخاري ومسلم عن أنس وكذلك احمد و مسلم من حديث أبي أمامه مثله أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال :يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي ، ولم يسأله ، قال وحضرت الصلاة ،فصلى مع النبي صلى الله عليه واله وسلم ،فلما قضي النبي قام إليه الرجل فقال :يا رسول الله،إني أصبت حداً فأقم فيَ كتاب الله قال:- أليس قد صليت معنا ؟قال:نعم ،قال فإن الله قد غفر لكَ ذنبكَ أ,حدك .)ولفظ حديث أبي أمامه قال : (بينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في المسجد ونحن معه إذ جاء رجل فقال يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي فسكت عنه 0(الرسول )ثم أعاد .، فسكت، وأقيمت الصلاة،فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم،تبعه الرجل وأتبعته أنظر ماذا يرد عليه ،فقال: له أرأيت حين خرجت من بيتك أليس قد توضأت فأحسنت الوضؤ قال:بلى يا رسول الله،قال: ثم شهدت الصلاة ،معنا قال :نعم يا رسول الله قال :فإن الله قد غفر لك حدك أو قال ذنبك ))وعن ابن مسعود عند مسلم والترمذي وأبي داود،والنسائي قال :قال إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فأقم علي ما شئت فقال:عمر لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك ،فلم يرده النبي صلى الله عليه واله وسلم شيئاً،فأنطلق الرجل فأتبعه النبي صلى الله عليه واله وسلم رجلا ًفدعاه فتلا عليه (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) فقال رجل من القوم أله خاصة أم للناس عامة فقال : للناس كافة ).7-/ج/7ص101

ويذهب الشيخ محمد أبو زهرة إلى أن الرجم عقوبة على الإصرار على الاعتراف وقد أمر الله بالستر

والإجماع منعقد على أنه يندب الستر إلا في حق المجاهر بالفسق.

وبما أن طريق ثبوت الحد لا يمكن أن تكون إلا عن طريق الإقرار أمام القاضي نفسه باعتباره مفوضا ً من ذي الولاية العامة أو بشهادة أربعة شهود عدول فلا يحق للنيابة العامة أو لأي جهاز أمني أو قضائي اتهام مواطن أو مواطنة بارتكاب جريمة الزنا إلا ويكون متهماً بالقذف وعرضه في حال عجزه عن إثبات الواقعة بأربعة شهود عدول لأن يحكم عليه بالجلد ثمانون جلدة {حداً} ويجرد من العدالة مما يعني ذلك حرمانه من الوظيفة العامة إلى الأبد ويجب أن يكون عضو النيابة شاهداً على الواقعة ليجوز له التوقيع على قرار الاتهام أو ممنوحاً الولاية العامة للحكم فيها ما لم فإنه يصدق عليه الوعيد الذي جاء في حق من يحب إشاعة الفاحشة

[الإقرار والشهادة هما]الوسيلة الوحيدة ولكي يكون الإقرار صحيحاً وكذلك الشهادة ،لابد أن تتوفر شروط

الأُولى :_ تتعلق بالمقر

1-أن يكون الإقرار صادراً من المقر نفسه والتكليف :-أي البلوغ والعقل

واختيار المكلف :-فلا يصح الإقرار من المجنون أو الصبي (أي غير البالغ والبالغة )لأن الصبي ليس من أهل العقوبة والتكليف، لعدم القدرة على الأداء وإن كانت لديه القدرة على فهم الخطاب هذا إن كان عاقلاً وإن لم يكن عاقلاً فهو لا يملك القدرة على فهم الخطاب وبالتالي يسقط عنه التكليف ،

وقد اشترط بعضهم الإسلام لأن الحد تطهير وتوقف ثبوته على العلم بالحرمة واعتقادها)و الكافر ليس كذلك

(روي عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم أنه قال:رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ ,وعن المجنون حتى يفيق ,وعن النائم حتى يستيقظ)سنن أبي داود ج/2/ص 452 سنن ابن ماجه /ج1 /ص 63 .

2-العقل:-بمعنى الإدراك والوعي حال الإقرار فلا يصح الإقرار من السكران،والنائم والمخدر.(وقد جاء في الروايات أن النبي صلى الله عليه واله وسلم سأل ما عزً عن عقله أو سأل قوم ماعز عن ذلك

الاختيار :-فلا يصح إقرار المكر ه

للحديث{لا حد على معترف بعد بلا.إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له }[31] (عن الإمام علي عليه السلام قال لما كان في ولاية عمر أُتي بامرأة حامل فسأله عمر فاعترفت بالفجور فأمر بها عمر أن ترجم فلقيها علي عليه السلام فقال:ما بال هذه فقالوا أمر بها أمير المؤمنين عمر أن ترجم فردها على عليه السلام ......فقال :-لعمر أمرت بها أن ترجم ؟؟!!

فقال(أي عمر):نعم :_اعترفت بالفجور .

وهي حامل ؟؟!!

فهذا سلطانك عليها ،فما سلطانك على ما في بطنها ‘فقال : عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم أعلم أنها حامل ،

فقال علي عليه السلام :_إن لم تعلم فاستبِرِ رحمها ،،ثم قال علي عليه السلام :فلعلك انتهرتها أو أخفتها ؟؟ قال (عمر)لقد كان ذلك ,فقال علي عليه السلام : أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول

{لا حد على معترف بعد بلاء إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له.}.....فلعلها إنما أقرت على نفسها خوفا لوعيدك إياها فسألها عمر فقالت ما اعترفت إلا ًخوفاً قال:فخلى عمر سبيلها )[32]

(وروي أيضا عن جعفر الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: لا يجوز على رجلٍ حد بإقرارٍ على تخويف ضرب ولا سجن ولا قيد]

وفي الحديث{ فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد }وهو دليل على أنه لا يجوز الامتحان في الحدود بالضرب أو السجن أو التهديد لتحريم ذلك بقوله صلى الله عليه واله وسلم (إن دمائكم و أموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام وعن شريح القاضي قال:السجن كره والوعيد كره والقيد كره والضرب كره )[33]

ولحديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ((إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))وقو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس الرجل على نفسه بأمن إن جوعته أو خوفته أو وثقته ))[34] (من أُتهم من الفسقة بسرقة مال أو جناية أو نحوها جاز لأهل الولايات من المسلمين أن يزجروه أو يحبسوه إذا رأوا فيه صلاحا ًأو يسلم العين فأما ليقر بها و يضمنوه فلا يجوز لأن إقراره عندها لا يصح )[35]

بمعنى أنه (يتعين لكي يكون الإقرار منتجاً لإثارة أن يكون إراديا ًأو صادراً عن شخصٍ يتمتع بإرادة حرة ليكون ثمرة بواعث ذاتية للمتهم)[36]

.وهذا ما أثبته القانون في نص المادة(6) [يحظر تعذيب المتهم أو إيذائه ,,,,,,,لقسره على الاعتراف وكل قول ٍيثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعول عليه

4:-أن لا يكون هازلا ًو لا يسبقه لسانه فإذا عُلم أو ظن أن قصده الهزل وعرف من القرائن أنه يريد الهزل والاستنكار لا الجد لم يكن ذلك إقرارا.

وأن لا يعلم كذبه عقلاً أو شرعاً

5:-أن لا يكون أخرسا ًلأن الأخرس لا يصح منه الشهادة ولا الإقرار بالزنا أو الإقرار بالئيلا وكذلك الإقرار باللعان والظهار لأنه لا يصح منه أُصولها

6 أن يقر أربع مرات (عن زنى واحد[بامرأة واحدة في مكان واحد وزمنٍ واحد)وأن يتمسك بالإقرار حتى يتم تنفيذ الحكم عليه

الثاني: تتعلق بذات الإقرار

وهي أربعة :-

(أن يكون الإقرار صادراً بناء على إجراء صحيح ،وأن يتم الإقرار في مجلس القضاء وأن يكون صريحاً وواضحاً،وأخيراً أن يكون مطابقاً للحقيقة والواقع )حسني مصدر سابق ص [329 ]وهي في كتب الفقه مفصلة على النحو التالي :-

1:=أن يقر بالزنا مفصلاً ويذكر صراحة الإيلاج كالرشا في البئر والميل في المكحلة كما جاء في الأخبار المتعلقة بماعز وكذلك خبر المغيرة بن شعبة مع الخليفة عمر بن الخطاب والثلاثة شهود مع زياد بن أبيه وهو ما سنذكره لاحقاً للاستشهاد به على كيفية أداء الشهادة

2-وأن يتعلق الإقرار بواقعة واحدة

3:-أن يصرح في إقراره على أنه حر مختار غير مكره على أ لإقرار أو الفعل وان لا يكون محجوزاً أي أن يكون ساعة الإقرار طليقاً وأن لا يكون واقعاً تحت تهديد ,وأن لا يكون لحظة الفعل أو الإقرار جاهلاً بالحرمة

4-لا يشترط أن يََُعَرِفَ بالمرأة إلا أن عليه أن يصرح بعدم وجود رابطة الزوجية.(وإذا ادعت المرأة الزوجية وكانت خالية من الموانع قبلت دعواها لمظنة أن يكون إقراره بالفاحشة هروباً من الالتزامات التي عليه تجاه الزوجة

الثالث: شروط يتعين توافرها بالنسبة للإقرار بالجريمة

1:-أن تكون الإقرارات في أربعة من مجالس المقر أو,المُقَرُ لديه

2-أن يكون الإقرار عند القاضي العادل

الشهادة

الطريقة الثانية التي تثبت بها جريمة الزنا هي شهادة أربعة من الشهود 0العدول على الزنا.

ويجب أن تتحقق في الشهود وفي كيفية أداء الشهادة شروط نذكر منها ما يلي:-

1-الشروط الواجب تحققها في الشاهد:-يلخصها صاحب نيل المطالب في ستة شروط هي:-

البلوغ {والذكورة }

العقل {وحرية الاختيار}

النطق

الحفظ

الإسلام .فلا شهادة لكافر ولو على مثله

{الأصالة}أي لا يجوز أن يؤديها عنه غيره بل لابد أن يؤديها الشاهد بنفسه.

ا_العدالة

يجب على القاضي أن يظن عدالة الشاهد ،وإلا لم تصح الشهادة ولا يصح ما بني عليها حتى وإن رضي الخصم إلا إذا كان رضاه على سبيل الموافقة والتصديق على ما جاء فيها )

بالمعنى القانوني على القاضي أن يبحث عن عدالة الشهود ويتأكد من عدالتهم حتى وإن لم يطعن المقذوف بتهمة الزنا فيهم وإذا لم تثبت المحكمة في قرارها أنها دققت في مسألة عدالة الشهود وثبتت العدالة لديها فإن قرارها باطل ويعبر عن ذلك نص كتاب التاج المُذهب في أحكام المذهب(الز يدي)بأن (المراد أنه لا يحكم بشهادة الملتبس مع عدم التعديل ولم يكن للحاكم الحكم بها ولو غلب في ظنه الصدق ما لم يعدل أو يبلغ عدد الشهود حد التواتر الذي يوجب العلم فإنه يعمل به في كل شيء بشرط أن يستند إلى المشاهدة)ص(70)

ب-التكليف:-ويتضمن شرط البلوغ والعقل والإسلام إلا في شهادة الذمي على مثله [خلافاً لما نقلناه آنفاً عن الراجح في المذهب الحنبلي]لعدم جواز قبول شهادة غير المسلم على المسلم .ويشترط لقبول شهادة الذمي على مثله اتحاد الملة فلا تجوز شهادة اليهودي على النصراني والعكس ولا تقبل شهادة الوثني على مثله ولا على كافر ولا على مسلم )ص(72) التاج.

ج_أن لا تكون بين المشهود عليه والشهود خصومه ولهذا اختلف في قبول شهادة القاذف واعتبار شهادته مكملة لنصاب الشهادة أم لابد من شاهد رابع غيره، والأكثر على قبولها في حال عدم وجود خصومة سابقة على الفعل والشهادة عليه

د_الضبط:_بمعنى سلامة الذاكرة والحواس كالبصر والسمع

ه:-النطق فلا تقبل شهادة الأخرس،وقد انفرد الإمام الخميني فيما نعلم بالقول بجواز قبول شهادة الأخرس إذا ترجمها لدى الحاكم (القاضي)عد لين خبيرين ممن يتقنون لغة الإشارة

و_أن يكون الشاهد عالماً بالحلال والحرام والشبهة والقطعي والظني في أحكام الزواج ومسقطات الحد ومعنى الإيلاج والفرج والقبل والدبر ............الخ ،لمظنة أن لا يدرك معنى ما يطلب منه الشهادة فيه فيبالغ في تصوير ما حدث على غير حقيقته، أي لابد ـأن يعلم من الأحكام القدر الذي يمكنه أداء الشهادة على وجهها الشرعي الصحيح.

2-شروط الشهادة

اً:-لا يجوز أدائها إلا [عند قاضي محق أي غير جائر مستوفي لشروط القضاء،أوبا مر منه عند غيره][37] على خلاف في الشهادة على الزنا لأن الأكثر على أنها لا تكون إلا عند ذوي الولاية العامة أومن له الولاية في الحكم،

ب:- (أن تكون باللفظ فلا تصح بالرسالة والكتابة ، وأن يكون لفظها بالفعل المضارع الحالي فيقول أشهد أن فلانا فعل كذا أو أقر بكذا)[38]

ج:-أن لا يحكم بشهادة الملتبس آلا بعد التعديل،حتى لو غلب في ظن القاضي الصدق آلا في حالة التواتر الذي يوجب العلم .

د:-أن تؤدى الشهادة في مواجهة المشهود عليه .

هـ-أن يشهد الشهود على الرؤية المفصلة أو الإقرار

و-أن يكون التفصيل متضمناً بوضوح على الإيلاج((كالميل في المكحلة والرشا في البئر

ز-أن ينص على مكان الفعل أو الإقرار

ح-أن ينص على وقته

ط-أن ينص على الكيفية تفصيلاً [من قيام أو قعود,,,,,الخ،وإن اختلف الشهود في شيءٍ كالمكان أو الزمان أو الوضع ، أو أجملوا ولم يفصلوا نحو أن يقول أحدهم جامعها أو باضعها أو زنى بها ولم يفسر ((حد)) الباقون للقذف وسقط الحد عن المقذوف

ي-ويؤكد الفقها على شرط أساس وهو أن تكون الرؤية المشهود عليها غير مقصودة البداية أي أن تكون فجأة) لأن تعمدها يسقط العدالة لأن الأصل الشرعي وجوب غض البصر

ك-أيضاً أن يكون وجود الشهود في مكان الرؤية مشروعاً أي أن يكون مباحاً لهم الوجود فيه ،

ل-أن لا يتراخى زمن أداء الشهادة عن زمن الرؤية لأن التراخي قد يسبب النسيان ومظنة أن تكون العداوة الطارئة سبباً في_ الاستعداد لأداء الشهادة بعد كتمانها زمناً كان بالإمكان خلاله الإدلاء بها أو لمصلحة حادثة أو لعداوة ،لأن مجرد ظهور عدم الحياد يبطل الشهادة

ولتوضيح كيفية أداء الشهادة ننقل واقعة شهادة في موقف الخليفة عمر رضي الله عنه

المتهم فيها كان الصحابي المغيرة بن شعبة الذي كان يومها عامل عمر على البصرة في العراق والمتهمون بالقذف الصحابي أبو بكرة وهو من خيار الصحابة كما يقول الشيخ صالح المقبلي ومعه شبل بن معبد والصحابي نافع بن الحارث وزياد بن أبيه

{وأما حديث المغيرة بن شعبة والشهادة عليه فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد رتب المغيرة أميراً على البصرة وكان يخرج من دارة الإمارة نصف النهار وكان أبو بكرة يلقاه فيقول أين يذهب الأمير ؟فيقول (المغيرة ) في حاجة :فيقول (أبو بكرة ) إن الأمير يزار ولا يزور .

وكان يذهب إلى امرأة يقال لها أم جميل بنت عمرو وزوجها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن وهب الجشمي

ثم روي عن أبي بكرة قوله :بينما هو في غرفته مع إخوته وهم نافع وشبل بن معبد وزياد وكانت أم جميل في غرفة أخرى قبالة هذه الغرفة فضرب الريح باب غرفة أم جميل ففتحه فنظر القوم !!فإذا هم بالمغيرة بن شعبة مع المرأة على هيئة الجماع فقال أبو بكرة :بليَة قد ابتليتم بها فانظروا !!

فنظروا حتى أثبتوا :

فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة فقال له :إن كان من أمرك ما قد علمت ،فاعتزلنا

قال وذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر ومضى أبي بكرة :فقال أبو بكرة :-لا: والله، لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت!!

فقال الناس :-دعوه فليصل فإنه الأمير واكتبوا بذلك إلى عمر .

فكتبوا إليه فأمرهم أن يقدموا عليه جميعاً المغيرة والشهود

فلما قدموا عليه:-جلس عمر رضي الله عنه فدعا بالشهود والمغيرة :فتقدم أبو بكرة،فقال له رأيته بين فخذيها ؟قال نعم ،والله لكأني انظر تشريم جدري بين فخذيها ،فقال له المغيرة ألطف النظر!!!

فقال أبو بكرة:-لم آل أن اثبت ما يخزيك الله به

فقال عمر رضي الله عنه :_لا-والله –حتى تشهد لقد رأيته-يلج فيها إيلاج المرود في المكحلة

فقال نعم أشهد على ذلك

فقال(أي عمر )اذهب مغيرة ذهب ربعك.

ثم دعا نافعاً فقال على م تشهد؟ فقال أشهد على مثل ما شهد به أبو بكرة

فقال عمر لا-حتى تشهد أنه ولج فيها ولوج الميل في المكحلة

قال:نعم :حتى بلغ قذذه (أي منتهاه )

فقال عمر رضي الله عنه

اذهب مغيرة قد ذهب نصفك

ثم دعا الثالث فقال له على/م تشهد ؟؟

فقال أشهد مثل شهادة صاحبيَ فقال له عمر أي للمغيرة :-اذهب مغيرة فقد ذهب ثلاثة أرباعك.

ثم كتب إلى زياد وكان غائباً.

وقدم ،فلما رآه جلس له في المسجد وأجتمع عنده رؤوس المهاجرين والأنصار

فلما رآه مقبلاً قال عمر :- إني أرى رجلاً لا يخزي الله على لسانه رجلاً من المهاجرين !!!

وقال المغيرة لزياد :-

يا زياد:-اذكر الله تعالى وأذكر موقف يوم القيامة فإن الله تعالى وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي إلا أن تتجاوز إلى ما لا ترى مما رأيت فلا يحملنك سؤ منظر رأيته على أن تتجاوز إلى ما لم تر:--- ف/والله ،،لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أن يسلك ذكري فيها !!

فدمعت عينا زياد وأحمرَ وجهه وقال :-

يا أمير المؤمنين أما أن أُحقق ما حقق القوم فليس عندي ،ولكن رأيت مجلساً وسمعت نفساً حثيثاً وانتهازاً ورأيتها مستبطنها ........

فقال عمر رضي الله عنه :-رأيته يُدخله و يولجه كالميل في المكحلة ؟فقال لا

وقيل قال زياد رأيته رافعاً رجليها فرأيت خصيتيه تردد ما بين فخذيها ورأيت حفزاً شديداً وسمعت نفساً عالياً.......

فقال عمر:-الله أكبر

قم يا مغيرة إليهم فأضربهم

فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين ضربه وضرب الباقين ...

وأعجب عمر قول زياد ودرأ الحد عن المغيرة فقال :-أبو بكرة بعد أن ضرب .(أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا ،فهم عمر أن يضربه حداً ثانياً فقال له علي بن أبي طالب إن ضربته فأرجم صاحبك .

فتركه ، واستتاب عمر أبا بكرة فقال إنما تستتبني لتقبل شهادتي !!فقال عمر :-اجل .فقال :-[أي أبو بكرة ]لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا .

فلما ضربوا الحد قال المغيرة :-الله أكبر الحمد لله الذي أخزاكم فقال عمر رضي الله عنه أخزى الله مكاناً رأوك فيه.

ثم أن أم جميل وافت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالموسم والمغيرة هناك فقال له عمر :-أتعرف هذه المرأة يا مغيرة ؟؟ الخ )[39]


مسقطا ت الحد

حددت المادة /266/من القانون تسع حالات كسبب لإسقاط الحد عند توفر حالة منها حتى ولو كان ذلك قبل تنفيذ الحكم وهي:-

أولاً-يسقط الحد بتخلف شرط من شروط الإحصان :-

أو إ ختلا له

أو اختلال أحد شهوده

بدأت المادة بالمسقطات المتعلقة بحد المحصن لخطورة العقوبة المقررة وهي القتل رجماً

و شروط الإحصان هي:-

2- جماع من المحصن وأقله ما يوجب الغسل فلو خلى بزوجة ولم يكن قد وطء لم يصر محصناً )[40]

وأدعي الإجماع على أن الدخول بمعنى الإيلاج شرط للإحصان نُص على ذلك في شرح الأزهار /ج/4/ص 343 إلا أن ظاهر كلام الإمام الهادي إلى الحق يحي بن الحسين عليه السلام عدم اشتراطه

2-أن يكون الواطئ (بأهله في ُقبل )تحرير الوسيلة ج/2/ص/457 فلو كان في الدبر لم يصر به محصناً)التاج/

أو جامعها فيما بين الفخذين أو بما دون الحشفة أو مادون قدرها –لم يكن محصناً والظاهر عدم اشتراط الإنزال ) تحرير الوسيلة

3-أن يكون في نكاح بحرة أو أمة فلو كان مع المملوكة أو في زنى أو ما في حكمه لم يصر محصناً ))التاج والبحر سابقان .

4-أن يكون الوطء في نكاح صحيح والعبرة بمذهب المتهم، فلو كان فاسدا ًفي مذهبه كزواج بدون ولي لمن يعتقد وجوبه أو بدون شهود لمن يعتقد الوجوب أو بدونهما معاً ،أو كان أحد شهود العقد فاسق .......الخ من المسائل التي يعتقد البعض أنها شروط صحة للعقد ة ويرى آخرون أن عدم وجودها لا يفسد العقد ومن باب أولى ليست مبطلة له كقول الإمامية بصحة العقد مع عدم وجود الولي والشهود وقول الأحناف بصحة العقد مع عدم وجود الولي للبكر والثيب على حد سواء للوضيعة والرفيعة بينما لا يشترط المالكية الولي إلا لمن سيشعر أولياؤها بالغضاضة وعدم اشتراطهم الإشهاد لصحة العقد ....الخ فإذا كان مذهب الزوج أو الزوجة فساد العقد أو بطلانه لم يصر به محصنا إلا إذا حكم بصحته قبل أن ترفع الدعوى المتعلقة بالزنا.)) تاج المذهب ص/216

5-أن يكون الوطء(( من مكلف ))في مكلف لأن وطئ الصغيرة أو الصغير لا يحصن لعدم كمال اللذة معهما ))البحر سابق

6-أن يكون الموطؤ مدركاً أي غير مجنون إذ لا كمال لِلذة في جماعه فأشبه وطئ الصغيرة ،إلا أن الإمام الهادي والإمام الشافعي عيهما السلام يعتبران الوطء محصناً لو كان الموطوء صغيراً عاقلاً ))

ونكاح النائم والسكران لا يحصن غيره إلا أن نكاح السكران يحصنه سواءً كان واطئً أو موطوءً))التاج والبحر

7- أن يكون (مسلماً )على خلاف في هذا الشرط لإن البعض لا يشترطه ،ودليل من يشترطه الخبر المنسوب الى النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم {من أشرك بالله فليس بمحصن }ويعتبر الشافعي وأبو حنيفة رضوان الله عليهما والمؤيد بالله أن الردة مبطلة للإ حصان .

8-وأن لا يكون الوطء بمحرمة أو حائض لأنه كالوطء في الدبر (البحر سابق )

9-أن يكون متمكناً من وطئ زوجته إذا شاء فلو كان بعيداً غائباً عنها بحيث لا يتمكن من مباشرتها فهو غير محصن وكذا لو كان حاضراً لكنه غير قادر لمانع من حبس أو لنشوزها أو لمرض يمنع الوطء ..(تحرير الوسيلة )

10-يعتبر في إحصان المرأة ما يعتبر في إحصان الرجل،فلا ترجم لو لم يكن معها زوجها يغدو عليها ويروح كما لا ترجم غير المد خول بها ولا غير البالغة ولا المجنونة (السابق )

11-أن تكون الزوجية مستمرة ولو كانت في حالة طلاق رجعي لأن الطلاق البائن كالخلع والملاعنة يخرج من الإحصان حتى لو راجع المخالع مادام لم يدخل بها أما لو دخل بها رجم (السابق )

وقد أجمل القانون الشروط أنفة الذكر في الفقرات الخمس التالية:-

1- أن يكون قد وطئ زوجه بناء على عقد صحيح

2- أن يكون ذلك الوطء في القبل

3- أن يكون الوطء مع عاقل صالح للوطء

4- أن يكون حال وطئه مكلفاً

5- أن تكون الزوجيةُ مستمرةُ. }}

ويثبت الإحصان ب:-

ا-الإقرار ولو لمرة واحدة عند أغلب الفقهاء بشرط أن يكون الإقرار مفصلاً فلا يكفي أن يقول أنا محصن –إلا إذا كان من أهل التمييز ويعلم شروط الإحصان وإذا التبس كونه من أهل التمييز ولم يفصل (بالقول أنه دخل على زوجه في نكاح صحيح خالي مما يفسده أو يبطله)فالمختار في المذهب الزيدي سقوط الحد (أي الرجم ويحد بالجلد) تاج المذهب /ص/215 /ج/4

وهذا الشرط يتفق مع الواقع الذي يحفل بالكثير من المتناقضات فقد يعجز( الفحل ) عن مباشرة زوجته ويضل لعقدة نفسيه مع أنه قد يكون قادراً مع الغير وقد يكون عقد الزواج فاسداً أو باطلاً إما لفسق شاهد العقد أو لأنه تم شغاراً أو لأي سبب من الأسباب المبطلة أو المفسدة للعقد

والواجب على القاضي التحقق من علم المقر على نفسه بالشروط وصحتها لأن الإحصان لا يثبت بمجرد علم الحاكم ولا بنكول الزاني كما أنه لا يثبت بالشهرة)) السابق )

ب-شهادة عد لين ولو رجلاً وامرأ تين )(متن الأزهار )

وقد سبق ذكر شروط العدالة إلا أن على الشاهد أن يذكر شروط الإحصان فلا يكفي أن يشهدوا أنه محصن فلا يكفي الإجمال وطريق الشهود على الإحصان -على الدخول -إما بالمفاجئة أو الإقرار بالدخول من الزوج أو الولادة على فراشه في نكاح صحيح أو التواتر بذلك )(التاج )

ومذهب الإمام الشافعي كما سبق أن الردة مبطلة للإحصان لأن الإسلام شرط وكذلك مذهب الإمام أبو حنيفة رضوان الله عليهما وعند الإمام زيد بن علي والناصر الأطروش كما نقل ذلك في شرح الأزهار

مما سبق نريد أن نقول أن تخلف شرط من شروط الإحصان أو من شروط الشهادة عليه يسقط الحد وكذلك رجوع أحد شهود الإحصان عن الشهادة إن كان الإحصان قام عليها أو رجوعه عن الإقرار إن كان الإحصان ثبت به ولو بعد صدور الحكم, وإذا قصر القاضي في التأكد من هذه الشروط ورجم الزاني واتضح بعد الرجم وجود شبهة في العقد تفسده أو في الإحصان ....الخ يرى بعض الفقهاء أن يقاد الإمام أو من يقوم مقامه في الولاية على إجراء الحدود باعتباره قاتلاً (إن تعمد التقصير ويغرم الدية من ماله الخاص إن أهمل غير عامد ما لم فمن بيت المال.والإجماع على عزله)

ثانياً-إذا تأخر الشهود أو ا حدهم عن أداء الشهادة سقط الحد ولو (حضر بعض الشهود وشهد بالزنا في غيبة بعض آخر حد من شهد للفرية ولم ينتظر (القاضي مجيء البقية لإتمام البينة‘فلو شهد منهم على الزنا ثلاثة وقالوا لنا رابع سيجيء-حدوا للقذف ولا يشترط أن يكونوا حاضرين دفعة واحدة فلو شهد واحد وجاء الآخر بلا فصل فشهد وهكذا ثبت الزنا ولا حد على الشهود (عند بعض الفقهاء)والأكثر يوجب حضورهم دفعة،ما لم يحدوا -أي لو حضر ثلاثة الجلسة ثم جاء الرابع عقبهم حد الثلاثة الأول حتى ولو تطابقت شهادتهم (تحرير الوسيلة) ومن المعلوم أن الزنا لم يثبت قط بالشهادة لصعوبة شهادة أربعة من الشهود العدول على ما يوجب الحد وبحسب تعبير المغيرة بن شعبة اتق الله :يا زياد لو كنت بيني وبينها ما رأيت ذاك مني يسلك في ذاك منها ،ولو تعمد الشهود الرؤية سقطت عدالتهم وكذا لو تجسسوا أو انتهكوا حرمة المنزل 0000الخ0وما يقال عن شهود الواقعة يقال أيضاً عن شهود الإحصان 0 فالإقرار وحده يكاد يكون الطريق الوحيد لثبوت (الحد) النابع من رغبة الفاعل للتطهر وسلامة الإجراءات شرط لصحة ثبوت الحد وقصة المغيرة بن شعبة الذي سبق ذكرها يمكن استخراج معايير لكيفية ادآء الشهادة 0 ثالثاً:-اختلال الشهادة أو تخلف شرط من شروطها أو الرجوع فيها قبل التنفيذ 0 يشترط الفقهاء أن يتفق الشهود في المكان والزمان والوضع أو الهيئة –فلو اختلف الشهود في المكان أو الزمان أو الوضع أو الهيئة فمعناه عدم توفر النصاب (أربعة شهود ) على واقعة بعينها –وكذا لو سموا –الشريك و اختلفوا في اسمه – أو ثبت أن احدهم (خصماً )للمتهم أو غير سليم الحواس والقدرة على التمييز ،أو ثبت (فسقه)0 وكذا لو تخلف شرط من شروط الشهادة كالإجمال من بعضهم أو اختلافهم في المطاوعة او الإكراه أو في العلم بحرمتها عليه من عدمه ورجوع احد الشهود أو بعضهم –عن الشهادة قبل التنفيذ يسقط الحد وهو ظاهر –0 ويذهب بعض الفقهاء إلي أن اختلال الشهادة أو ظهور اختلال في شرط من شروطها – موجب (لحد الشهود الذين صرحوا و يرى بعض أن لا يحدوا الاكتمال العدد ،إلا أن فعل عمر رضي الله عنه في قصة المغيرة تعزز الرأي الأول ،إلا أن الإجماع منعقد على سقوط الحد عن(المقذوف ) وتبيت الشهود للمشهود عليه لضبطه –جارح لعدالتهم مسقط لشهادتهم لحرمة التجسس وكذا لو ثبت أن وجودهم في (المكان ينطوي على مخالفة لآداب الإسلام -كالدخول من غير الباب أو الاقتحام بدون إذن من مخول بمنحه أو الإعداد المسبق ،لان –المؤمن –يجب عليه غض بصره وحسن الظن بأخيه المسلم 00ولا يطاع الله بمعصية إلا إذا كان لمنع (منكر )متيقن منه أو لدفع خطر عن حرمة من حرمات الإسلام إما لهتك ستر وفضح مسلم فلا يجوز 0

رابعاً-عجز الشهود أو احدهم عن البدء بالرجم بعد الحكم وثبوت الإحصان و كأن العجز عن البدء بالرجم رجوع ضمني عن الشهادة

خامساً- قول النساء أن المتهمة بالزنا عذراء أو رتقا–لأن شرط ثبوت الحد الإيلاج ولا يمكن -لدى الفقهاء -أن يكن ثمة إيلاج مع استمرار البكارة

وقد روي عن الإمام علي (ع)أنه أتي بامرأة بكر زعموا أنها زنت فأمر النساء فنظرن إليها فقلن إنها بكر فقال عليه السلام ما كنت لأضرب من عليها خاتم الله تعالى سادساً-{خرس الزاني قبل إقراره أو قيام الشهادة عليه بالزنا }

لا تعتبر ألإشارة الصادرة من الأخرس إقراراً لأن ألإقرار من شرطه أن يكون باللفظ الصريح المفهم الموجب للعلم عند القاضي النافي لأي شبهة مسقطة للحد والمبين بوضوح أن الأخرس يعلم الحرام والحلال وهذا متوقف على قدرته على السمع باعتباره الوسيلة لمعرفة الأحكام الشرعية

ونص المادة تفيد دلالة على أن يكون الإقرار من القادر على النطق وكذلك تفيد على أن الخرس علة موجبة لدرء الحد حتى لو أُقيمت الشهادة المستوفية أركانها وشروطها لمظنة أن يكون ألأخرس معذوراً فيما فعل إما لاعتقاد ألإباحة أو لأنه أُكره أو أُضطر آلي ذلك ....الخ،أو أن له قادح في شهادة أحد الشهود...الخ.

والمذهب الزيدي- يعتبر الخرس سواءً الأصلي و الطارئ مسقط للحد حتى لو ثبت الزنا بالشهادة قبل خرسه لأن المذهب يعتبر الإقرار والرجوع عنه ولو بعد ثبوت الشهادة سبب لإسقاط الحد ، لأنه يصح الرجوع عن الإقرار في أي مرحلة مادام الحكم لم ينفذ

سابعاً-{رجوع المحكوم عليه عن الإقرار إذا كان حكم الإدانة قد بني عليه }

لما جاء في بعض الروايات المتعلقة بخبر ماعز فقد روي أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال :-حين أُخبر أن ماعزً حاول الفرار حين مسته الحجارة {هلا تركتموه !ألا تركتموه وفي أُخرى أما كان فيكم رجل رحيم (لعله يتوب فيتوب الله عليه ) وروي عن بريده وهو أحد رواة الخبر قوله :-كنا نتحدث أصحاب النبي أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يرجمه وإنما رجمه في الرابعة } الشوكاني سابق /ص/69 ,

ورواية الروض النضير نص على أن الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال:لما بلغه فرار ماعز {أهلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه }

ثامناً-الشبهة المحتملة:-

هذه الفقرة تأكيد لما ورد في تعريف الجريمة ولا يوجد خلاف في أن الشبهة المحتملة تسقط الحد لأن النص صريح في وجوب درأ الحدود بالشبهات من هذه النصوص قول الرسول صلى الله عليه واله وسلم :-{ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً} نسبه صاحب الروض آلي ابن ماجة عن أبي هريرة

وأخرج الترمذي والحاكم والبيهقي من حديث عائشة (رضي الله عنها )قالت :-قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم {ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرجاً فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطي في العفو خيرٌ من أن يخطي في العقوبة } 199

وهو في مسند الإمام أبي حنيفة كما نص على ذلك الجلال في ضؤ النهار /ص2243 عن ابن عباس مرفوعاً ولا خلاف في وجوب درء الحد بالشبهة

الأصل وجوب الستر

الثابت أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالستر

كما أن الرسول(صلى الله عليه واله وسلم )أمر بدرء العقوبة بالشبهة

وأمر من جاء إليه معترفاً بأن يرجع عن فضح نفسه فقد جاء في الروايات أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انصراف الرسول عن ماعز بل وأمره بالستر {ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه} ونقل أبو داود والنسائي من حديث أبي بكره أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال للمرأة التي جاءته وهي حبلى وقالت {ف/ارجمني :-فقال لها النبي صلى الله عليه واله وسلم ((استتري بستر الله))}

وكذلك قوله صلى الله عليه واله وسلم لهزال لما جاءه بماعز ((هلا سترت عليه ولو بثوبك))ولذلك يستنتج بعض شراح الحديث على أن ما كان من حقوق الله فيكفي للخروج من إثمه التوبة ,وإن كان فيه حد وأن للإمام أن يستر على الزاني }} /ص/202 الروض النضير ج/4

والفقهاء على اتفاق أن دعوى المرأة الزوجية(تقبل ) حتى لو أقر الرجل بأن العلاقة القائمة زنى

تقبل دعواها حفظاً لحقها في المهر والنفقة وصوناً لعرضها الذي أوجبت الشريعة المطهرة صيانته وقد رويت الكثير من الأخبار في ذلك منها أنه في زمن الإمام علي عليه السلام(أن رجلاً وامرأة وجد ا في خراب فرفعا إلى عليٍ فقال الرجل :- زوجتي فقال لها علي عليه السلام :- ما تقولين فأومأ إليها الناس قولي نعم ،فقالت :نعم فخلى الإمام علي عليه السلام سبيلهما ودرأ عنهما الحد)ص/79/ كتاب الاعتصام بحبل الله ج/5 وعزاه ألي كتاب الجامع الكافي لحمد بن منصور المرادي.

وفي أمالي احمد بن عيسى : عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام عن أبيه (الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام {أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أُتي برجلٍ قد وطي جارية من الغنيمة فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :له فيها نصيب لا حد عليه فغرمه قيمتها .

وفي أمالي احمد بن عيسى عليهما السلام ....عن سلمة بن المحبق (أن رجلاً وقع على جارية امرأته فرفع إلي النبي صلى الله عليه واله وسلم فلم يحده)قال :راوي الحديث معللاً :إن فيه شبهة /ص/60 الاعتصام .

وفيه أيضا عن بدر بن حرفوش قال كنت قاعداً عند علي عليه السلام ،فأُتي برجل وقع على جارية امرأته فقال علي عليه السلام :ما حملك على ما صنعت ؟قال هي لي ومالها لي قال :فدرأ عنه الحد ،وقال لا يعود

وفيه أيضاً نقلاً عن سنن أبي داود عن سلمة بن المحبق أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (قضى في رجل وقع على جارية امرأته إن كان استكرهها فهي حرة وعليه لسيدتها مثلها وإن طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثلها)

وفيه أيضا نقلاً عن الجامع الكافي (أن امرأة رفعت إلي عمر بن الخطاب بأنها تزوجت في العدة فضربها( عمر ) الحد وطرح صداقها في بيت المال فبلغ ذلك علياً عليه السلام ،فقال لعمر :إن كانا جهلا السنة فلم يجب عليهما أن يضربا الحد ويطرح صداقها في بيت المال ،فرجع عمر إلي قول علي عليه السلام وقال ردوا الجهالات إلي السنة.

وما يمكن أن نخلص إليه هو أن الوسيلة الوحيدة التي عرفت لإثبات جريمة الزنا كانت الإقرار، بل الإصرار على التمسك به بداعي التطهر،وأن من الصعوبة إثباتها بالشهادة،

ومع هذا فإن عقوبة الرجم كأي حد شرعي آخر باستثناء القذف يمكن للسلطة إصدار قرار بإسقاطها،أو على الأقل وقف تنفيذها، بحسب نص القانون اليمني.

وإذا التزمنا النص الفقهي فإن مجرد انتقال السلطة في كل دورة انتخابية يسقط ما قبله من حد،

وأوضح مثال على حرص الشريعة الاسلامية على حق الحياة، ترغيب القراءن أولياء دم المقتول ظلماً وعدواناً في العفو،والقتل عمداً وعدواناً أبشع جريمة، ومع هذا الأولى أن يُعفى عن القاتل، وماشرع القصاص إلا لحفظ الحياة(ولكم في الحياة قصاص) أي أن القصاص لمنعه من الثأر وفر حياة من كانت حياتهم ستهدر ثأراً

ولذلك جاز للإمام عند بعض الفقهاء أن يوقف عقوبة القصاص لمصلحة أو لدفع مفسدة،

--------------------------------------------------------------------------------

[1] المحلى ج8/ص406

[2] المحلى ص226

[3] نفسه

[4] أبو داود والحديث برقم 2687ـوأوله حدثنا سعيد بن منصور قال: ثنا عبد اللّه بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج

[5] أبو داود برقم 2688ـوأوله حدثنا موسى بن إسماعيل قال: ثنا حماد قال: أخبرنا ثابت:

[6] شرح الأزهار في فقه الأئمة الأطهار

[7] مسند الإمام زيد بن علي ص356-357

[8] نفس المصدر السابق وأوله ( حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا أحمد بن المفضل قال: ثنا أسباط بن نصر قال: زعم السُّدِّيُّ، عن مصعب بن سعد،

[9] البحر الزخار /ج/5/ص139

[10] تحرير الوسيلة

[11] ضوء النهار /ج/4/ص2242

[12] التاج المذهب في أحكام المذهب/4/ص208

[13] تاج المذهب/ص/ 215/ج/4 البحر الز خا ر /ص15/ج/5

[14] نُص على ذلك في شرح الأزهار /ج/4/ص 343

[15] تحرير الوسيلة ج/2/ص/457الإمام الخميني

[16] تاج المذهب مصدر سابق

[17] تحرير الوسيلة مصدر سابق

[18] التاج والبحر سابقان.

[19] تاج المذهب ص/216

[20] البحر سابق

[21] التاج والبحر

[22] البحر

[23] تحرير الوسيلة

[24] نفسه

[25] السابق

[26] تاج المذهب /ص/215 /ج/4

[27] تاج المذهب

[28] تاج المذهب

[29]نيل الأوطار للشوكاني /ج/7/ص86-99و المصنف لعبد الرزاق الصنعاني/ج/7/ص310

[30] )نيل الاوطار ص95.

[31] ذكر نص هذا الحديث في سياق حوار بين الإمام علي عليه السلام وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام وغيره من كتب الفقه

[32] نفسه

[33] الروض النضير شرح مجموع زيد بن علي /ج/4ص213.

[34] ص325 حسني الجندي /أصول ألإجراءات الجزائية في الإسلام

[35] قال:-في البيان الشافي ، وهو أيضا في حاشية شرح الإزهار وعليه ا لمذهب الزيدي ص(194 )شرح الأزهار /ج/4

[36] ص325 حسني الجندي أصول الإجراءات

[37] (التاج ص (85 _86)،

[38] المصدر السابقص69

[39] تراجع القصة في كتاب ابن خلكان وفيات ألا عيان /ج/2 ترجمة يزيد بن زياد الحمير ي ...وأخرجها الحاكم في المستدرك في ترجمة المغيرة /ص/449/ج/3/من صححيه وأوردها الذهبي في تلخيص المستدرك وأشار إليها كل من ترجم إما للمغيرة أو زياد أ, أبو بكرة ونافع وشبل وكذلك من أرخ لحوادث سنة 17 للهجرة من أهل الأخبار كفتوح البلدان للبلاذري /ص/352 وتاريخ الطبري /ج/4/ص/207 والكامل لابن الأثير ج/2/ص/378 والبداية والنهاية لابن كثير /ج/7/81وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج/3/161 /

[40] تاج المذهب/ص/ 215/ج/4 البحر الزخار /ص15/ج/5

--------------------------------------------------------------------------------

[1] شرح الأزهار ج/4 الحدود الشرعية