السبت، 14 مارس 2009

الأخوة في الدين( قدمت في ندوة التعايش بين المذاهب مدخل للوجدة الاسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة في الدين
بقلم/ أ. محمد محمد الباشق
الحمد لله ولي كل نعمة، له الحمد كله، وإليه يرجع الأمر كله.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته المنتجبين الأخيار
الإخوة الكرام..... الحاضرون جميعاً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوعنا... إليكم... الحديث عنه ليس من نافلة القول، والاهتمام به ليس من نوافل الأعمال.
حديثنا إليكم حول أصل من أصول الشريعة، وسياج قوة الأمة... وعلامة على عافيتها من الأسقام، وبقاء ريحها وحياتها بين الأمم... إنه موضوع الأخوة.
لقد نص الحق في كتابه المسطور المعجزة الخالدة على هذا بقوله... نصاً صريحاً لا يحتاج إلى تأويل: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } صدر لفظ الإخاء بـ(إنما) المعروفة لدى أهل العربية في حصر وقصر ما بعدها.. وهذا هو الإيمان المقبول عند الله الذي يريده من عباده... إيمان إعمار... إيمان يجمع المشاعر... قبل إقامة الشعائر... فلا محيص لمن أسلموا لله. وانقادوا لأمره عن هذه الأخوة التي لا انفصام عنها في كل مجالات الحياة.
والحديث عن الإخاء يطول، ولأن هناك مواضيع ومتحدثون لكل منهم مجال هام، والكل يضرب بسهم ومشاركة مع اعتراف بأن بضاعتي مزجاة، تأتي مع رجاء الحمل على السلامة.
وما يتم هنا هو خطوة واجبة نحو تعميق وبيان هذه الفريضة الشرعية.....
فأقسم هذه الوريقات إلى الآتي:
1- الأدلة على عمق الإخاء وسعة مجاله.
2- شُبهاتٌ وردود.
3- وسائل عملية لحماية الإخاء.
الأدلة:
الكتاب المنظور (الكون) بما أوجد الله فيه من مخلوقات متجانسة: { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } هذا التجانس في الكون أعمق منه بين البشر، وبشر أصلنا من نفس واحدة.
فالكل يعود للأب الأول آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وآل كل منهم.
وهذه الأبوة وما أودعه الله من اتحاد بشري في وظائف الجسم واتحاد في الغرائز، والكل قد شرف بعقل هو مناط التكليف، أليس في كل هذا ما يؤكد أن الإخاء موجه لكل بني آدم.
وجاء النداء الجليل في القرآن الكريم في إيضاح العلاقة بين الأنبياء وأقوامهم { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ }والوصف الكريم لمرابطة بين النبي هود عليه وعلى نبينا أفضل والصلاة والسلام وعلى آل كل منهم هو لفظ الإخاء.
ولن تنسى أمتنا أن منها القائل: (الإنسان أخ للأخ في الدين، إذ نظر للأخ الخلق) ذلك هو باب مدينة العلم عليه السلام وكرم الله وجهه الشريف في الجنة سيدنا علي بن أبي طالب.
وقبل قول باب المدينة فإن مدينة العلم، رحمة الله للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد طبق هذا الإخاء، ولا نغفل عن وثيقة المدينة المنورة.
والإخاء الذي كان من أولويات عمله صلى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة الشريفة.
أيضاً اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بحقوق أهل الذمة، وتوعد لمن أخفر ذمة مُعاهد بعقوبات عاجلة أو آجلة.
ومن ذهب يستقصي الأدلة العقلية والنقلية يطول به المقام والإشارات السابقة فيها الكفاية بعون الله.
والآن ننتقل بكم إلى الفقرة الثانية
شبهات وردود:
شبهة أن الإخوة الإنسانية تتعارض مع مبدأ الولاء والبراء!!!!
وهي شبهة طالما رددها الكثير منهم من انطلت عليهم الشبهة، ومنهم لعدم اطلاعه وإدراكه لحقائق الشريعة، والبعض يعزز هذه الشبهة بتقسيم الأرض إلى دار إسلام ودار حرب.
وأرد على هذه الشبهة:
بأن مفهوم البراء والذمة هو مؤخر في النطق مُقدم في التطبيق لا يتعارض البتة مع مكارم الأخلاق وصلة الأرحام والعمل على إعمار الأرض وإنصاف المظلوم، والقبول بالآخر، والآية واضحة { لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ...}وحق الحقُّ جل شأنه العلاقة مع هذا الأخ في الإنسانية المخالف في الملة، إذ تكون العلاقة به بر وقسط، وتعرفون جميعاً أن البر صفة العلاقة بالوالدين ، والقسط هو العدل صفة بقاء شموخ الأمة، وواجب على كل أفرادها في شتى التعاملات.
وقضية دار الإسلام ودار الحرب كانت لظرف زمني ما يبرره لا لمستند شرعي، فالأرض لله يورثها من يشاء من عباده العاقبة للمتقين شبهة الاختلافات ووجود الفرق الضالة التي تحمل أفكاراً هدامة يوجب ذلك مقاطعتها وإعلان البراءة منها، وأن صاحب الفكر المنحرف أخطر من اليهود والنصارى.... ... تلك الشنشنة وآخر ذلك الكلام الذي قد امتد على مدى فترة زمنية طويلة.... وإلى الله المشتكى والرد على هذه الشبهة.
إن الحق جل شأنه لما أمر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالحوار مع الكافرين وقال: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} تأملوا في هذا التوجيه والإرشاد الكريم.
2- الحوار أيضاً مع المخالفين تحكمه قاعدة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
أليس أصحاب القبلة هم أولى بهذه الحسنى مواعظ، والأحسن حال الجدل؟.
أليس الخلاف بين أهل القبلة يوجب على العقلاء والعلماء الربانيين العمل على فهم هذه السنة الإلهية في اختلاف العقول والمفاهيم، وأن السيف يجب أن لا يدخل بين المتحاورين، فلغة الحوار تبقى راقية إن صفت النفوس، وصدقت النيات، وكان الهدف رضا الله جل شأنه.
وسائل تعميق الإخاء:
1- إقامة مثل هذه الندوات واللقاءات بين أصحاب المشارب المختلفة، فهي مهما تنوعت تعود إلى ينبوع الشريعة الذي لا يتكدر على كثرة الدلاء.
2- إحياء روح الإخاء وتعميق مفهوم {أكرمكم عند الله أتقاكم} والقاعدة الربانية { فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى }والآراء النبوية حول فضيلة نفع الناس وخدمتهم وتقديم الخير لهم.
3- يجب على الخطباء وأئمة المساجد وكافة علماء الأمة والدعاة أن تكون لهم لقاءات وندوات وأعمال مشتركة، والحرص على عدم إثارة الخلافيات.
4- يجب على القائمين على أجهزة الإعلام فهم الرسالة الإسلامية، وأن تكون كل البرامج تجمع لا تفرق، وتبني ولا تهدم.
5- الدول الإسلامية المسئولين في كل دولة يقع عليهم واجب شرعي عظيم.
نورد هذا من باب إبراء الذمة وإلا فإننا نضرع إلى الله أن يصرف عن الأمة كل ما يشق عليها.
والحمدلله أولاً وأخيراً
أخوكم/ الراجي عفو ربه
محمد محمد الباشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق