الثلاثاء، 12 يناير 2010

خواطر جدلية

بسم الله الرحمن الرحيم



خواطر خاصة
استدرج الحوثيين للتواجد في جبل دخان مع علمهم بان المملكة تريد ذلك لأنها كانوا يعلمون أن المملكة كانت تعد قوات للمشاركة في المعركة كما كانوا يصرحون في بياناتهم ولأنهم سبق وان سيطروا على قمة جبل دخان السعودية عندما هوجموا منها من قبل قوات عسكرية حكومية يمنية، وأخلوه بناء على أتفاق مع المسئولين السعوديين في المنطقة بأن لا يسمحوا مرة أخرى للقوات اليمنية بالانطلاق من قمة الجبل لمهاجمتهم
وعندما تكرر الهجوم عليهم من نفس الموقع تكرر رد فعلهم وكان عليهم الانسحاب من الموقع حتى لو لم تطلب السعودية ذلك ليفوتوا على السعودية استثمار تواجدهم بإعلانها الحرب التي أعدت لها ومن موقع المدافع عن ارض سعودية محتلة
لقد طلبوا من السعودية كشرط لانسحابهم أن تلتزم بعدم تكرار الهجوم ولكنها استغلت الحدث لتحقق الغرض من هجومها وهو خلق واقع ميداني عسكري سمح لها بترسيم الحدود الشمالية بالقوة النارية وبفضلها تمكنت من تهجير سكان أكثر من خمس مئة قرية سعودية من سكانها ونقلهم إلى منطقة أخرى لتزيل عملية التداخل السكاني الذي كان يستغل لتهريب الأسلحة والمخدرات والمتسللين مستعيضة بذلك عن الجدار الالكتروني الذي فشلت في إكماله وكانت ستفشل في المحافظة عليه فيما لو ظل التداخل السكاني بين اليمنيين والسعوديين على الحدود
وخلقت المملكة حالة من العداء بين أبناء العم و الأخوة التي قسمتهم الحدود لتمنع السلطة السعودية مستقبلا بموجبها من الاتصالات العائلية وتشابك المصالح التي كانت تستخدم أيضا للتهريب وقد تسبب(العلاقات القرابية بين سكان الحدود) في حالة عدوى فكرية أو سياسية في المستقبل قد تستغل في زعزعة الاستقرار والأمن في المملكة أو على الأقل في الجزء الجنوبي منها والذي يعامل الجنوبي من السلطة والمجتمع المسيطر(النجديون) كدخيل كافر(زيدي، حتى ولو كان في الأصل سنياً شافعياً لأن مفهوم الزيدي يطلق على كل من أصله القبلي غير نجدي من سكان جنوب السعودية) أو إسماعيلي، والموقف السلفي بل وحتى السني في الحجاز من الإسماعيلي هو الحكم بأنه كافر واشد من الكافر، وبالتالي فالواجب قتله أن أمكن ذلك دون تبعات ما لم فيعامل كعدو مجرد من أي حق من الحقوق
أريد أن اقو لان المملكة وجدت في الحرب فرصة لعزل جنوبها عن شمال اليمن والترسيم الديموغرافي بالقوة
بالإضافة إلى أنها
كانت فرصة للمملكة لتتجاوز نصوص الاتفاقية التي تمنع تواجد قوات عسكرية ثقيلة على بعد كم كيلوا من الحدود وتجاوزت ذلك لتفرض حصارا بحريا على الساحل الغربي لتمنع استخدام المواني من عمليات التهريب التي كانت تمر منها(طبعا ليس الحوثي هو المتهم بالتهريب والتسلل بل القادة العسكريين والشخصيات النافذة لأن الحوثي لا يتواجد في الساحل وهو غير متهم بالتهريب بل على العكس يعمل على منع التهريب ولذلك استهدف)
أي أن تواجد الحوثيين في جبل الدخان كان مجرد عذر فقط أو مبرر وغطاء لعمل عسكري خططت المملكة له منذ وقت طويل، ولهذا لم تقتصر العمليات على أماكن تواجد الحوثيين بل استهدف القصف حتى منازل خصوم الحوثيين ممن تتهمهم المملكة بان لهم علاقة بالتهريب ووصل إلى استهداف منزل المحافظ وتدمير منزل شقيقه فارس مناع وهو من المقربين من السلطة واستهدفت الأمن المركزي ومنازل السلفيين الجهاديين
في رازح وغيرها
ولا علاقة لهيبتها باستمرار الحرب بل بأهدافها بالإضافة إلى دخول عوامل أخرى أدت إلى إطالة أمد الحرب منها التناقض بين أجنحة الحكم السعودية وبالذات جناح ولي العهد الأمير سلطان والملك
فالملك همش دور ولي عهده وبالتالي همش دور وزارة الدفاع واللجنة الخاصة التي تمثل مؤسسة هامة لها نفوذها الكبير لما يخصص لها من أموال ولان التحكم فيها تحكم في الورقة اليمنية التي يمكن أن يكون لها تأثير في موازين القوى داخل المملكة
فالحرب تعطي وزارة الدفاع الدور الذي تحصل من خلاله على نسبة اكبر من الميزانية لشراء أسلحة وصرف مكافآت وتعويضات تتحول هذه الأموال إلى قوة كانت شبه مسلوبة من الملك فانتزعت منه بالقوة، ولهذا نجد أن الملك ومنذ الأيام الأولى يؤكد على أن العملية قد استكملت وتحررت الأرض والأمير خالد بن سلطان يحدد أهداف العملية بخلق مساحة عازلة خالية من السكان على الحدود اليمنية بعمق عشرات الكيلو مترات
وأيضا استغلت الحرب لتوتير العلاقة بين الملك عبد الله والرئيس علي عبد الله صالح لان العلاقة الايجابية المباشرة بينهما عززت من قوة الملك لتوتر العلاقة بين الرئيس والأمير سلطان وجناحه لأنهم لا يطيقون وجود الرئيس في حكم اليمن لانقلابه عليهم وتنكره لفضلهم عليه بتحالفه مع صدام ثم توقيعه رغم رفضهم لاتفاقية الوحدة وإظهاره الاستعداد للتحالف مع أي طرف دولي أو إقليمي يمنحه التحرر من الوصاية التي يفرضونها عليه باعتباره من وجهة نظرهم صنيعتهم
ولهذا طالت الحرب رغم عدم وجود أي مبرر لاستمرارها خصوصا في ظل تأكيد الحوثي علنا وعبر الوساطات استعداده الالتزام بعدم الاعتداء على أي ارض سعودية أن توقف الاعتداء عليهم وبمجرد إعلان المملكة وقف الحرب سينسحب من أي ارض
ولكن إطراف في المملكة لا تريد للحرب أن تتوقف ولا تريد للحوثي أن ينسحب لان معركتها ليست معه فقط بل مع أطراف سعودية ومع النظام في صنعاء
على الأقل هذا ما كان إلى ما قبل العملية الفاشلة بتفجير الطائرة المنسوبة للقاعدة)لأنها أي العملية الفاشلة ركزت الاهتمام الدولي على اليمن والأوضاع فيه وباتت الإدارة الأمريكية معنية بما يجري وبالتالي لم تعد المملكة متفردة باللعب في اليمن بمعزل عن العالم، ولم تعد علاقة اليمن بالولايات المتحدة عبر الرياض كما أرادت الرياض وكادت أن تنجح لفترة، وباتت الاتصالات المباشرة بين صنعاء و واشنطن ولندن أكثر مما هي عليه مع الرياض، ولهذا شعر الرئيس علي عبدالله صالح باستعادة التوازن مع المملكة بل انه بات الآن يشعر بأنه في موقف أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى، سواء في مواجهة المعارضة(وأخطرهم شركائه في السلطة والقبيلة) حلفاء الأمير سلطان حالياً أو الحوثيين والحراك الجنوبي بامتداداته في السلطة والحزب وفي الداخل والخارج وقد عبر عن هذا في إجهازه على دار الأيام واعتقاله باشرا حيل وقادة الحزب الاشتراكي في عدن، لأنه لم يعد يخش أن تستخدم عزلته عن المجتمع الدولي سعوديا ضده، ولم يعد يخاف من تجاهل العالم لوجوده
لقد بات يشعر بان أمريكا وحلفائها بحاجة إلى تعاونه في مواجهة القاعدة وفي سبيل ذلك سيحافظوا عليه،ويقدموا له الدعم، أي أنه يشعر الآن أنه استعاد وظيفته التي حرص على أن لا يفقدها(الشريك في محاربة الإرهاب) ولذلك حرص على المحافظة على وجود القاعدة ونشاطها بدعوى عجزه عن مواجهتها بإمكانياته المحدودة مع ادعائه وجود حلفاء للقاعدة في السلطة ويعني بهم شركائه في السلطة(علي محسن وحلفائه في المؤسسة العسكرية والأمنية وأبناء الشيخ عبد الله والإصلاح وأخيرا السلفيين الذين يقدم لهم الدعم لترويض الإصلاح) لا يستطيع أن يتخلص من شراكتهم الا بدعم دولي يمنحه القدرة على التخلص من شركائه أو إضعافهم، ولهذا ظل يستثمر وجود القاعدة وظل يناور بها للمحافظة على الدور والوظيفة التي لا يستطيع الآن احد في اليمن أن يؤديها غيره،
هذا المتغير ربما يفرض على حكام المملكة التوقف عن الاستمرار في صراعهم في صعده، لأن استمرار المعركة قد ينقلب عليهم فيما لو أقدم الرئيس على تصفية حسابه معهم باستغلال الحرب على الإرهاب وفي صعده في التخلص من شركائه من حلفاء السعودية(أبناء الشيخ والإصلاح وعلي محسن والمشايخ الموالين للمملكة) وكذلك القضاء على الحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي وقد يمتد إلى التخلص من التعددية السياسية.
فهل ستستمر الحرب مع هذه المتغيرات؟
في اعتقادي أن استمرارها(سعوديا) لم يعد له أي مبرر إلا الغباء وعدم تقدير العواقب من قبل الجميع، وإذا توقفت السعودية عن الحرب فإن سلطة صنعاء ستوقف الحرب لعدم وجود التمويل من جهة ولخشية النظام من تقارب سعودي زيدي عبر أصدقاء السعودية من الزيدية خصوصا بعد أن تأكد للمملكة أن لا علاقة لإيران بالحوثيين، وأعتقد أنها كانت على يقين من ذلك قبل الحرب
ويتحمل الحوثيين مسؤولية عدم إدراكهم ووعيهم السياسي لدوافع خصومهم، ومن يمكن أن يكونوا حلفائهم
وقد يتحمل النظامان في صنعاء والرياض بأجنحتهما المختلفة مسؤولية عدم إدراكهما أن القتال المستمر قد يودي بالنظامين وأجنحتهما المختلفة، لأن الحرب نار لا يمكن أن يتحكم في مساراتها في ظل عدم وجود عوازل طبيعية كبيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق