السبت، 21 فبراير 2009

عصمة دم المسلم وحرمة الغدر والخيانة...مقتل الإمام يحيي حميد الدين نموذجاً

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنواأُفوا بالعقود ){ }
وقال أيضاً:(والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مآ أمر الله به أن يُوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوءالدار ){ }
كما قال تعالى:(وأفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً ){ }
وقف الإمام زيد بن علي عليهما السلام قبل المعركة التي استشهد فيها خطيباً فقال:((عباد الله :-لاتقاتلوا عدوكم على الشك فتضلوا عن سبيل الله ، ولكن البصيرة البصيرة ثم القتال ،فإن الله يجازي عن اليقين أفضل جزاء يجزي به على حق ،إنه من قتل نفساً يشك في ضلالتها كمن قتل نفساً بغير حق )) (1)
****
لأن الأصل كما هومعلوم من الدين بالضرورة حرمة الدماء ويعني هذا عدم جواز قتل إنسان أو حيوان إلا بدليل شرعي وبناء على حكم شرعي بات نهائي وليس بفتوى تمثل رأي فرد أو عصبة من الناس، ولذلك فإن من يبرر قتل شخص ما مطالب بتقديم الدليل ولا يمكن أن يقرمن يدعى وجوب القتل على دعواه كمن يدعي وجوب قتل الحاكم لمجرد اعتقاد ظلمه لأن حرمة دم الحاكم ليست أقل من حرمة دماء المحكومين بل أكثر لما يترتب عليها من فتن ومآسي ودعوى جواز القتل تفتح الباب واسعاً لعمليات القتل والاغتيالات لأن كل حكام العالم الإسلامي في نظر بعض مواطنيهم نموذج للظلم ،وبناء عليه يمكن القول إن من يبرر قتل الإمام الشهيد يحيي حميد الدين رحمه الله اليوم لايقل ضلالاً وجفوة عن عمران بن حطان الذي امتدح ابن ملجم لقتله الإمام علياً عليه السلام وجرمه لايقل عن جرم القاتل نفسه لأن القاتل المباشر أو الآمر كان محاطاً بظروف نفسية واجتماعية واقتصادية وشخصية قد تؤثر على سلامة الموقف الذي دفعه للإقدام على جريمته التي لو عاش ظروفاً مختلفة لما أقدم على ما أقدم عليه وقد روي لنا أن السيد عبد الله بن أحمد الوزير قبل إعدامه ردد الاستغفار عن مشاركته في قتل الإمام الشهيد يحيي حميد الدين رحمه الله ولذلك كان الحسن بن يحيي حميد الدين يترحم عليه وينصح غيره بفعل ذلك، وإستمرار تبرير قتل الإمام بتلك الطريقة الغادرة يجسد إلإصرار على شرعية القتل ويعبر عن ثقافة استحلالية لاترى للنفس الإنسانية حرمة،وتفتح الباب واسعاً أمام عمليات القتل والاغتيالات وعندما يكون التبرير يوم الناس هذا والعالم يتجه إلى إلغاء عقوبة الإعدام فإن الغرابة تتضاعف لأن قتل الإمام يحيي رحمه الله أوضح في القبح من أي جريمة أخرى لقبح الفعل من أي زاوية نظرنا اليها فالإمام كان معصوم الدم لأنه ليس محارباً ولاباغياً ولاقاتلاً ولأنه حتى لحظة الغدر به كان المتولي الشرعي أي أن المعتدي عليه هو المحارب أو الباغي وباغتياله أغتيل الأمن والشرعية
كيف حدثت الجريمة الغادرة
(في ظهيرة يوم الثلاثاء 17 فبراير 1948 ، عند انتهاء فترة استقبال المواطنين اليومية، توجه الإمام يحيى ليقوم بجولة تفقدية لإحدى ضواحي صنعاء. كانت عادته اصطحاب بعض أبنائه وأحفاده الصغار. في ذلك اليوم اصطحب معه ابنه الأصغر سيف الإسلام عبدالرحمن، وأحفاده الأمراء الحسن وعبدالله والحسين أبناء سيف الإسلام الحسن، ورئيس وزرائه القاضي عبدالله بن حسين العمري. كان يرافقهم جميعاً حارسان فقط . في منتصف الطريق رغب سيف الإسلام عبدالرحمن و الأميرين الحسن و عبدالله بالنزول من السيارة، فأنزلهم الإمام وترك معهم أحد الحارسين. أراد الإمام أن يُنـزل الحسين أيضاً، ولكنه آثر البقاء مع جده . في طريق العودة بمنطقة اسمها "سواد حِزيَز" اضطرت السيارة للوقوف حيث وُضِع في طريقها بعض الصخور. عندها أطلق الكامنون الرشاشات فأصاب السيارة أكثر من مائة طلقة، أصاب ما يقارب الخمسين منها الإمام، والباقي قضى على رئيسوزرائه، وحارسه، وسائقه، وحفيده. ويقال إن الإمام وُجد منحنياً على حفيده الطفل .
في صنعاء تم الإعلان عن قتل الإمام، ونسبته الجهات التابعة للفضيل الورتلاني وعبدالله بن أحمد الوزير إلى مجهولين. قُتل هناك كل من سيف الإسلام الحسين وسيف الإسلام المحسن، وهما من أزهد أبناء الإمام يحيى، وأكثرهم عبادة. كان الحسين أيضاً من أعلمهم، وأما المحسن فكان في أوائل العشرينات ومنقطعاً إلى العلم والعبادة .
دُفن الإمام يحيى ومن قُتل في السيارة معه بالقرب من مسجد الرحمة بصنعاء، والذي بناه الإمام. وأما الحسين والمحسن فدفنا في حديقة "دار السعادة" ـ بيت الإمام يحيى ـ ثم نُقلا بعد أيام ودُفنا بجانب الإمام. وأما أبناؤه: علي و القاسم و إسماعيل و يحيى فتم احتجازهم ).{ }تحريم الإغتيال والغدر

أولاً:-تم قتل الإمام غيلة وغدراً، وقد كان آمناً لأن القتلة لم يعلنوا البراءة منه ولم يتقدم جريمتهم إعلان الخروج عليه وقد كان القاتل المباشر والآمر يعتقدون حرمة دمه،بدليل أنهم لم يعلنوا الخروج عليه قبل إقدامهم على الجريمة
ثانياً:- لقد كان في أعناق القتلة بيعة لم يتنصلوا منها قبل الإقدام على جريمتهم، وفعلهم بهذا نموذج للغدر والخيانة وخرم العهود،حتى لولم يبايعوه هم شخصياً فالمهم أنه كان المتولي الشرعي
ثالثاً:- القتل (غيلة)بمجرد فتوى {سرية} جرأة وجهل بالفقه وأصوله ومن يفتى بالقتل جاهل بالشريعة ومن باب أولى بالمذهب الزيدي الذي تميز في تاريخه بعدم الغدر والخيانة فالمشهور أن الشهيد مسلم بن عقيل رفض قتل والي يزيد على الكوفة غيلة وكذلك (حينما تتاح الفرصة لأنصار محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن لاغتيال المنصور وهو في مكه- وكل أهلها لمحمد شيعه رفض قائلاً لا والله لا أقتله غيلة أبداً){ } مع ان العباسيين كما يقول د/صبحي قد فاقوا الأمويين في الظلم لأنهم قد (أضافوا {إلى الجور والغلبة كأساس للحكم } الغصب وخيانة العهد) { } ، لأن (السفاح وأبا جعفر قد خانا العهد ونقضا البيعه واغتصبا الخلافة فأصبحت الخلافة معراة من أدنى مبرر شرعي ومن ثم لم يجد أكبر فقيهين من فقهاء السنة آنذاك- أبو حنيفة ومالك - مناصاً من نصرة محمد بن عبد الله والحل من بيعة المنصور إذ ليس على من استكره يمين وأتبعوا ذلك كله بمطاردة صاحب الحق حتى استخفى لايستقر له مكان){ } وحبس المنصور والد النفس الزكية (عبد الله بن الحسن مع أثني عشر من أقاربهم ثم رحلهم وفي أرجلهم السلاسل وفي أعناقهم الأغلال) (ويشتد التعذيب بآل عبد الله بن الحسن حتى مات أغلبهم) نفسه ومع هذه الحال إلا أن الأمام محمد بن عبد الله لم يستجز قتل المنصور غيلة رغم أنه الإمام المعلن عن إمامته وفي عنق المنصور العباسي بيعة له، لأن الخروج له مبادئ أشار إلى بعضها الإمام المهدي محمد بن عبد الله في خطبته التي قالها في المدينة عقب استيلائه عليها، من هذه المبادئ (لايكون الخروج إلا أن يكون الحاكم طاغية أشبه بفرعون يحل الحرام ويحرم الحلال ويؤمن المنافقين من بطانته ويخيف المؤمنين الذين لايخشون في الله لومة لائم .
لايخرج الإمام لقوة ولالغلبة وإنما يخرج لأنه لا بلد يعبد الله فيه إلا وقد بايعه أهله، فهو لايفرض نفسه عليهم بوصفه من آل البيت وإنما اختاروه لأنفسكم {لأنفسهم} كما أختارهم لنفسه .){ }

وفي نصوص أئمة المذهب ما يؤكد استحالة أن يصدر هذا الفعل من فقيه زيدي ننقل منها النصوص الآتية :-
كتاب درر الاحاديث النبوية بالاسانيد اليحيوية ما نصه : وبإسناده عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال:(ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ بايع إماماً عادلاً إن أعطاه شيئاً من الدنيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق