الثلاثاء، 17 مارس 2009

القصة الكاملة للحوثي والزيدية في اليمن

تقف اليمن مذهولة أمام الحرب الدائرة بين السلطات ورجل الدين المتمرد حسين بدر الدين الحوثي، فالمواجهات خلفت عشرات القتلى والجرحى، في حين يقف أنصار الحوثي في صلابة أمام مختلف أشكال القوة العسكرية والآليات الثقيلة المستخدمة في الحرب ضدهم، مما دفع الدولة -التي يتضاعف حرجها- إلى الإعلان عن مكافأة مالية للقبض عليه تبلغ نحو 45 ألف دولار.


وتثير ظاهرة "الحوثي" في اليمن أكثر من علامة استفهام، فلماذا تفجرت الأحداث في هذا الوقت، وبالتحديد بعد عودة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة؟ ولماذا كان الرد على الظاهرة بهذه القوة العنيفة، وباستخدام أسلحة ثقيلة كما لو أنها تقاتل قوات مسلحة تابعة لدولة أجنبية؟ وما علاقة الحملة العسكرية ضد الحوثي بالشعار المناهض للولايات المتحدة، الذي دأب هو وأنصاره على رفعه وترديده عقب كل صلاة؟
ولا تتوقف التساؤلات عند هذا الحد؛ فما هو الدور الذي لعبته السلطة والرئيس صالح بالتحديد في بروز الظاهرة؟ ثم ما علاقة جماعة "الشباب المؤمن" بالزيدية؟ وما صحة الاتهامات الموجهة لهذه الجماعة ولبدر الدين الحوثي برعاية تأسيس مذهب جعفري اثني عشري في اليمن؟ وما مستقبل العلاقة بين الرئيس صالح بعلماء الزيدية، بعد أن سال الدم بين قواته ومجاميع تقدم نفسها على أساس مذهبي؟ ثم هل هناك أي علاقة بين الحملة وما أثير مؤخراً بشأن توجه الرئيس صالح إلى نقل السلطة بطريقة وراثية إلى نجله أحمد، وعما إذا كان ذلك التوجه يُقابل برفض واسع في أوساط اليمنيين، وخاصة أنصار المذهب الزيدي، الذين يشدِّد مذهبهم على رفض التوريث في الحكم؟.
تساؤلات شائكة ومتداخلة، تقتضي تسليط الضوء على الشخصية المثيرة للجدل حسين بدر الدين الحوثي، الذي برز اسمه سريعاً من خلال هذه التطوّرات.
يبلغ الحوثي من العمر 45 عاماً تقريباً، وهو من مواليد محافظة صعدة، الواقعة على مسافة 240 كيلومتراً إلى الشمال من العاصمة صنعاء، ووالده بدر الدين الحوثي، أحد أبرز المراجع العلمية للمذهب الزيدي، من فرقة "الجارودية"، القريبة في آرائها من الإمامية، من حيث إنكار إمامة الخلفاء الأُوَل، والقول بإمامة عليّ والحسن والحسين بالنص الخفي من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على حد زعمهم.
وسبق أن دخل الحوثي في خلاف شديد مع علماء الزيدية، المناهضين لخط الإمامة الإثني عشرية، وعارض باجتهاداته العلمية بشدة فتوى علماء الزيدية التاريخية، قبل عدة سنوات، والتي وقّع عليها المرجع مجد الدين المؤيدي، والعلماء حمود عباس المؤيد، ومحمد بن محمد المنصور، وأحمد الشامي، عندما أكدوا فيها أن شرط النسب الهاشمي و"البطنين" للإمامة صارت غير مقبولة اليوم، وأنها كانت في ظرفها التاريخي، وأنّ "الرئاسة" وقيادة شؤون الأمة حق من حقوق المواطنين جميعاً، وفيمن يرتضونه، الأمر الذي سبّب له متاعب جمة، أدت إلى هجرة قسرية إلى العاصمة الإيرانية طهران، وظل فيها سنوات، ثم عاد إلى صعدة، بعد وساطات من علماء اليمن مع الرئيس صالح.




الرئيس اليمني اعترف بمسئوليته عن مساعدة تنظيم الحوثي في بدايته وأقر بأنه كان مخطئا في حساباته

يُعرف عن بدر الدين الحوثي الذي يلقب "بالعلامة" في اليمن كلقب ديني، مخالفته لكثير من مراجع الزيدية في اليمن، بالنسبة للموقف من الإمامية الإثني عشرية، وهو يعتقد بالتقارب بين الزيديّة والإمامية الجعفرية، بل يرى الاتفاق بينهما في الأصول المهمة. ويجمع بدر الدين الحوثي بعضاً من المسائل التي اتفق أو تقارب فيها الزيدية والإمامية في كتيبه "الزيدية في اليمن". وعرف الحوثي بمساجلة ومناظرة المخالفين لاجتهاداته، قديما وحديثا عبر مؤلفاته. فساجلهم في العقائد والأصول، محاولا ترسيخ قدم اجتهاداته كمذهب وطريق جديد، وهو يرى عدم الإجماع الذي قال به الدكتور ناجي حسن عند الزيدية على جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل.
وكان ابنه حسين بدر الدين الحوثي، المتأثر بقوة بأفكار واجتهادات والده، وربما ذهب أبعد منه إلى التأثر بالجعفرية؛ قد أسهم بفعالية مع رموز وشخصيات مثقفة منتمية إلى المربع المسمى بالزيدي بتأسيس "حزب الحق" عام 1990، ونجح في أول انتخابات نيابية عام 1993 عن محافظة صعدة باسم هذا الحزب مع صديقه عبد الله عيظة الرزامي، الذي قتلته القوات الحكومية في حملتها الأخيرة، باعتباره الرجل الثاني في جماعة "الشباب المؤمن".
ولكن سرعان ما دبّ الخلاف داخل حزب الحق في العام الذي أعقب انتهاء حرب صيف 1994، خاصة مع اتهام حسين بدر الدين الحوثي بمناصرة قوات الحزب الاشتراكي اليمني، وهي تهمة لم تتأكد في واقع الأمر، ثم ترك الحوثي وصديقه حزبهما مع آخرين، مع تردد حديث عن خلافات مكتومة داخل "حزب الحق" بشأن مركزية المرجع مجد الدين المؤيدي، الذي تجاوز العقد الثامن، ويمكث في محافظة صعدة متفرغاً للبحث وكتابة الدراسات العلمية لخدمة أتباع مذهبه.
وأياً كان عليه الأمر؛ فقد بدأت تبرز في العام 1997 ظاهرة التحوّل وعملية الاستقطاب المنظم من داخل المربع الزيدي إلى المذهب الإثني عشر (الجعفري) بصورة هادئة.
ويرصد القاضي الشيخ أبو جعفر المبخوت، وهو ممن تحولوا إلى المذهب الجعفري، المراحل الأولى لعملية دخول المذهب الجعفري إلى اليمن بشكل منظم. والشيخ المبخوت من مواليد سنة 1973 في حصن بني سعد من مديرية المطمة، التابعة لمحافظة الجوف اليمنية، وتولى رئاسة فرع "حزب الحق" في محافظة الجوف، ويعتقد أن "ظهور الإمامية في اليمن كان سنة 1997، فهو ظهور حديث، ونسبة الشيعة الإمامية في اليمن تقريبا 20 % من سكان اليمن".
ومنذ عام 1998 نجح المذهب الإمامي في توسيع أرضيته في اليمن مستميلا أبناء الأسر الكبيرة الذين شكلوا أرضية كبيرة للانطلاق والنشاط، فافتتحوا عدة نشاطات يستجلبون بها الأنصار. واسسوا إثر ذلك مكتبة تروج لفكرهم وتوجهاتهم ضمت نحو 4 آلاف كتاب.
ويذهب تقرير أمني قدمه اللواء الدكتور رشاد العليمي وزير الداخلية اليمني إلى أعضاء مجلس النواب اليمني، إلى أن "نشاط حسين بدر الدين الحوثي بدأ منذ عام 1997، بإنشاء مراكز دينية في مديرية حيدان، محافظة صعدة، دون ترخيص قانوني، أطلق عليها اسم الحوزة، ثم امتد نشاطه بإنشاء مراكز مماثلة في بعض المحافظات والمديريات، وقام بتوسيع نشاطه، من خلال تلك المراكز، وتزعّم بطريقة مخالفة للدستور والقانون تنظيماً سرياً انسلخ به عن حزب الحق، أطلق عليه اسم الشباب المؤمن، ومنح أعضاء التنظيم مرتبات فصلية، وبعضهم شهرية، تراوحت ما بين 50 دولاراً إلى 100 دولار شهرياً، مقابل قيامهم بالترويج لأفكاره وآرائه المتطرفة، واقتحام المساجد، والاعتداء على خطبائها، الذين لا يتفقون مع أفكاره المتطرفة، وإثارة الشغب بين المصلين، وترديد شعارات مضللة، خاصة أثناء صلاة الجمعة" وأضاف أن التهم التي أوردها بتقريره ثابتة من خلال محاضر وتسجيلات سيتم تسليمها للأجهزة القضائية.
واتهم التقرير الأمني حسين بدر الدين الحوثي بتوزيع كتاب بعنوان "عصر الظهور"، وهو كتاب شيعي لمؤلفه علي الكوراني العاملي، الذي أشار في مقدمة طبعته السابعة، مطلع العام الهجري الماضي 1424، إلى أنه "بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران؛ ارتفع مؤشر الاهتمام بعقيدة المهدي المنتظر في شعوب العالم الإسلامي، بالسؤال عنه، والحديث حوله، والقراءة، والتأليف، بل وبين غير المسلمين أيضاً".
ويعتبر هذا الكتاب أن أكبر حدث سياسي يشير إلى تنامي الاهتمام بعقيدة المهدي المنتظر هو فتنة جهيمان في الحرم الشريف، الذي نادى بالمهدي، ويخصص الكتاب محوراً خاصاً عن اليمن تحت عنوان "اليمن ودورها في عصر الظهور"، من ص 143 وما بعدها، يؤكد فيه ورود أحاديث متعددة عن أهل البيت، تؤكد حتمية حدوث ما يصفه الكتاب بـ"ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام، وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق". أما قائدها المعروف في الروايات التي أوردها الكتاب باسم "اليماني"؛ فتذكر رواية أن اسمه حسن أو حسين، من ذرية زيد بن علي، عليهما السلام. ويستشهد الكتاب ببعض الروايات التي تؤكد أن "اليماني" يخرج من قرية يقال لها "كرعة"، وهي قرية في منطقة بني خَوْلان، قرب صعدة.
ثم يثير الكاتب تساؤلاً عن السبب في أن ثورة اليماني ورايته أهدى من ثورة الإيرانيين ورايتهم؛ فيقول "المرجح أن يكون السبب الأساسي في أن ثورة اليماني أهدى؛ أنها تحظى بشرف التوجيه المباشر من الإمام المهدي عليه السلام، وتكون جزءاً مباشراً من خطة حركته، وأنّ اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه". ويؤيد ذلك، بحسب الكتاب؛ أن أحاديث ثورة اليمانيين تركز على مدح شخص اليماني قائد الثورة، وأنه "يهدي إلى الحق، ويدعو إلى صاحبكم، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو إلى النار".
ويؤكد التقرير الأمني، بحسب زعمه؛ أن الأجهزة قد ضبطت مع أحد أنصار الحوثي، ويُدعى فارس مسفر سالم من أهالي ساقين بصعدة؛ وثيقة مبايعة للحوثي، باعتباره الإمام والمهدي المنتظر، جاء فيها "اُشهد الله على أن سيدي حسين بدر الدين هو حجة الله في أرضه في هذا الزمان، واُشهد الله على أن أبايعه على السمع والطاعة والتسليم، وأنا مقر بولايته، وأني سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وهو المهدي المنتظر القائم، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، أبان لنا طريق النجاة، وأوضح كتاب الله على أوضح بيان، فنسأل الله أن يحشرنا في زمرته".



وقد اعترف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأنه يتحمل مسئولية عن إيجاد تنظيم "الشباب المؤمن"، الذي يتزعمه حسين الحوثي، حيث تساهل مع تقارير استخباراتية وردت عن الجماعة، معتقدا أنها "فورة شباب" ما تلبث أن تزول. ولكنه حسب خطاب ألقاه الأحد الماضي أكد أنه كان ثمة خطأ في حساباته.
ويعترف الرئيس صالح بأنه دعم وساند هذه التجمعات. وقال "صحيح لقد جاءنا مجموعة من الإخوان وقالوا هؤلاء شباب مؤمن معتدل، لا يريدون أن يكون لهم ارتباط خارجي مع قيادة خارجية، ويريدون دعم الدولة، حتى يبتعدوا عن الارتباط والتبعية الخارجية، وفعلاً نالوا الدعم، على أساس أنهم شباب مؤمن".
واعتبر مراقبون أن الدعم المالي والمعنوي، الذي قدمه رئيس الدولة لمجموعات حسين الحوثي، جاء في ظل توتر حاد داخل البلاد، إثر تغيّر اصطفاف القوى السياسية الحزبية على أساس مطلبي، وتجاوز المربع الإيديولوجي، الذي وسم المراحل الماضية، وخاصة بين التجمع اليمني للإصلاح، المعبر عن الحركة الإسلامية اليمنية، والحزب الاشتراكي اليمني وبقية التنظيمات القومية. وقد ظنت السلطات، على ما يبدو، أنها بدعمها لهذه القوة الجديدة؛ ستعيد مرة ثانية خلط الأوراق، فتحدث توازن قوى لصالح السلطة، في ظل تصاعد الحديث آنئذ عن توريث منصب الرئيس، وكان الرئيس صالح بحاجة إلى دعم المراجع العلمية الزيدية والسنية، لتقف إلى جانب الترتيبات المقبلة على قمة هرم السلطة في اليمن، فجاء الدعم على هذا الأساس، خاصة وأنّ المذهب الزيدي يرفض في أدبياته بشدة مبدأ التوريث، فدار همس منذ العام 2001 عن اتفاق مع عدد من علماء الزيدية على قضايا ربما بينها مسألة توريث الحكم.
وتعتقد أوساط زيدية لها خلاف مع حسين بدر الدين الحوثي "أنّ المعطيات والمعلومات المتوفرة تؤكد أن القضية بدأت منذ أكثر من عام، أو عام ونصف العام، عندما توجه حسين بدر الدين الحوثي، عضو مجلس النواب سابقاً، إلى منطقته ومنزله في جبل مران، مديرية حيدان، محافظة صعدة، وانقطع في تلك المنطقة يدرس العلوم الدينية، ويؤلف الكتب، التي ربما اختلف في بعضها مع بعض آراء علماء المذهب الزيدي، وهذا هو حال المذهب الزيدي، الذي فتح باب الاجتهاد دون الإخلال بالثوابت الإسلامية".
وتضيف تلك الأوساط "مع مرور الأيام، وتصاعد الأحداث في العراق وفلسطين، وأمام زيادة الدور الأمريكي في المنطقة؛ رأى حسين بدر الدين الحوثي أن أقل الواجب أمام ذلك هو إعلان البراءة من الأمريكيين والإسرائيليين، فاقتنع بذلك طلابه ومحبوه، وبدأوا يعلنون براءتهم من أمريكا وإسرائيل عبر رفع شعار: الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام".
أخذ هذا الشعار، الذي رفعه حسين بدر الدين الحوثي بالانتشار، فقام بعضهم بكتابته على الجدران في محافظة صعدة، وقام آخرون بطباعته في ملصقات للإعلان عن الرفض للسياسة الأمريكية، وتم الاستمرار في هذا النهج، الذي تزامن مع خطابات الرئيس اليمني، التي أعلن فيها أن الإرهاب الإسرائيلي هو أكبر إرهاب في العالم، وأنّ أمريكا تدعم هذا الإرهاب".
وظلت هذه الشعارات قائمة، وبحسب الأوساط الزيدية، "ليجد هؤلاء الشباب أنفسهم فجأة، وبدون مقدمات، أيضاً في السجون ومطاردين، بعد أن بدأت هذه الحملة في محافظة صعدة، عبر توجيهات المحافظ يحيى العمري، باعتقال كل شاب أو طفل يرفع هذا الشعار، وتوجيهاته بإيقاف مرتب أي موظف في المحافظة يرفع هذا الشعار، مما أدى إلى إيقاف مرتبات أكثر من 60 مدرساً في محافظة صعدة، رغم أدائهم لواجبهم الوظيفي.
واستمرت هذه الحملة من المحافظ، حسب ما تقول المصادر، واستغلت لتصفية أغراض شخصية، وقام بعض المسئولين برفع تقارير إلى الرئيس، تكيد لهؤلاء الطلبة ولأستاذهم وشيخهم حسين بدر الدين الحوثي. وأعلن المحافظ عن توجهات لاستئصال شأفة هذه الفئة الزيدية، وقال إنه سيزج بهم في السجون، وسيعيدهم إلى موطنهم الأصلي، الذي جاؤوا منه قبل 1200 عام، بل ووصل الحد إلى سب أئمة آل البيت عليهم السلام، ليصل الأمر إلى التهكم على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، كما تنقل هذه المصادر.



وتشير تلك الأوساط الإعلامية الزيدية إلى دور وتأثير التقارير المحرضة ضد المذهب الزيدي، وإلى الكتابات الخاصة بالتوريث، وما أدت إليه من تعبئة عند الرئيس صالح، ضد حسين بدر الدين الحوثي، وجميع أتباع المذهب الزيدي. وقالت "تحرّك البعض إلى حسين بدر الدين الحوثي لإقناعه بوقف استعمال الشعارات التي فهمت بشكل خاطئ، وتم إبرازها باعتبارها تحريضا على أعمال إرهابية، وقالوا إن بعض التقارير صورت للرئيس أن الحوثي يتآمر ضد البلد ويستعدي أمريكا ضدها، وهو ما أكدوا أنه لم يحصل.
وأضافت المصادر أن الممارسات التي اتخذت ضد مجموعة الحوثي سواء على مستوى الدولة أو المحافظة هدفت بصورة خاصة إلى تخفيف الضغط على الاتجاه السلفي "القاعدي" عبر افتعال معركة مع المذهب الزيدي.
وتفسر الأوساط الإعلامية الزيدية الحملة العسكرية ضد الحوثي بأنها تسعى إلى تحقيق الوصول إلى هدفين اثنين، أولهما "الوصول إلى ضرب المذهب الزيدي، من خلال افتعال معركة، يتم خلالها الوصول إلى إغلاق مراكز تدريس المذهب الزيدي. والثاني محاولة شق الصف الوطني، عبر إثارة نعرات عنصرية، واتهامات مغرضة، تستعدي فئة من الشعب اليمني، وذلك لتفريق الناس عن الرئيس، وإيجاد عداوات، لا وجود لها أساساً، وأنّ أفضل طريق للوصول إلى الحكم فيما بعد، وقطع الطريق على احتمالات ترشيح العقيد أحمد علي عبد الله صالح لنفسه لأية انتخابات رئاسية في المستقبل، عبر صناديق الاقتراع؛ هو افتعال المعارك والعداوات، وشق الصف الوطني، وإثارة النعرات العنصرية والتفرقة المذهبية، وهذا ما أراده المغرضون، الذين زوّروا كثيراً من المعلومات، التي رفعوها للرئيس، والتي أرادوا، عبر تزويرهم، إظهار الزيدية وكأنهم متمردون على النظام وعلى الجمهورية، وأنهم يسعون إلى إعادة الملكية"، على حد تعبير الأوساط.
وتذهب الأوساط الإعلامية الزيدية بعيداً إلى التفسير التآمري لأحداث صعدة، إذ تقول "أراد البعض أن يصلوا إلى توجيه حملة عسكرية لأغراض معروفة، وخططوا لإخراج هذه الحملة، فأظهروا أولاً للعلماء في صنعاء أن هنالك نية لضرب المذهب الزيدي، وأنه ربما يتم تحريك مجموعات عسكرية لقتل حسين بدر الدين الحوثي، وأنّ أفضل طريقة لحقن دم حسين بدر الدين الحوثي، ووقف أية حملة لضرب المذهب الزيدي، هو إصدار بيان يظهر فيه العلماء استنكارهم لآراء حسين بدر الدين الحوثي، وبذلك يحقنون دمه، ويوقفون أي محاولة لضرب المذهب الزيدي، هذه كانت الخطوة الأولى، والخطوة الثانية هي عرقلة وصول حسين بدر الدين الحوثي إلى الرئيس، بعد أن كان قد بعث برسالة موجهة للرئيس، أبدى فيها استعداده للوصول إليه، وأعلن فيها إخلاصه له، وولاءه للوطن، وأنه لا يمكن أن يظهر منه ما يخل بالنظام، أو أي استعداء للدولة أو الجمهورية، إذ كانت الخطوة الثانية هي عرقلة وصوله إلى الرئيس، واتخاذ التدابير لإبقائه في جبل مران. أما الخطوة الثالثة فتحريك الحملة العسكرية، وعرقلة أي مجموعة أو شخصيات من الوصول إلى الحوثي، لكي تبدأ الحملة بضربتها، عبر استخدام الدبابات والمدفعية وصواريخ الكاتيوشا والطائرات".



تظل هناك مساحة واسعة مسكوت عنها في هذه الزوبعة، التي قد تصبح من أخطر أحداث اليمن المعاصر، في عهد الرئيس علي عبد الله صالح. وثمة همس ومعلومات وتسريبات لا ترقى إلى الاعتماد عليها، وربما تكون وسيلة لتشويه الخصم، وتبرير الحرب الناشبة في صعدة ضد الحوثي وأنصاره. تقول تلك التسريبات إن السلطات الحكومية حصلت على وثائق تدين حسين بدر الدين ومجموعته المسماة "الشباب المؤمن"، وأنّ تلك الوثائق تم استخراجها من مكتبته بطريقة سرية، عبر أحد الأشخاص المزروعين. وحسب الرواية؛ تثبت تلك الوثائق أن ثمة قيادة سرية هي "الشرعية" لدى جماعات تؤمن بخط الحوثي، وأنّ ثمة تسلسلا قياديا في أوساطهم، يدير أوضاع الأتباع، ويوكل أمر تحصيل الزكاة إليها، اعتمادا على مبدأ التقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق