الأربعاء، 25 فبراير 2009

النسبة إلى الزيدية

النسبة إلى الزيدية

(إن الزيدية هم منتسبون في التحقيق إلى الإمام علي بن أبي طالب، وإنما كان انتسابهم إلى الإمام زيد بن علي لأنها وقعت فترة بعد مقتل الحسين بن علي كادت تنسي أشهر صفات أهل البيت، وهي الجهاد، فقام زيد بسنة آبائه فانتسب إليه من وراءه لهذه الخصوصية...الخ، وانطلاقاً من هذا المبدأ مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ملتقى الزيدية- ظهرت الزيدية بفكرها الثائر في مواقفها المعادية وحركات المعارضة المتتالية للدول الظالمة التي كانت الجبرية والمرجئة يبررون لها ويغضون الطرف عن مظالمها، وكان للزيدية صولاتها وجولاتها في مقاومة الظلم والظالمين: (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة)، وشعار كلمات الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (الموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين)، فكان شرف اختصاصها بمواقفها في وجوه الظالمين من بين الناس في المجتمع العربي المهادن هو آفاتها ومحنتها وسبب تجمّع القوم عليها، من سحيق الدار وبعد المزار للتنكيل بها وقهرها ودحرها وإسكاتها، فقتلوا حتى قلوا، وقهروا حتى ذلوا، وما زال الكيد لهم من أعداء فكرهم لا يزالون إلى يوم الناس هذا حتى تُلغي الزيدية فكرها وتتبع فكرهم بالتسليم المطلق للقضاء والقدر في كل ما يجري عن أيدي ولاة السوء مهما كان ظلماً وباطلاً، وما عليهم إلا أن يلبسوا لبوس الاستكانة، ويظهروا بضرع الاستسلام والذلة، ويقطعوا صلتهم بتراثهم الفكري والفقهي)[9]
ومع أنها في حقيقة الأمر تنتسب إلى الإمام علي عليه السلام إلا أن الزيدية تنسب إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)،لتتميز عن المذاهب الشيعية الأخرى التي تنتسب للإمام علي يروى أن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن الإمام علي عليهم السلام قال العلم بيننا وبين الناس الإمام علي وبيننا وبين الشيعة الإمام زيد بن علي، فيقال (زيدي) للمسلم الملتزم بنفس النهج الذي التزمه الإمام زيد بن علي (عليهما السلام)، في سلوكه (التعبدي) المبني على فهم وتعبير مميز لالتزامه (بالإسلام) كمنهج شامل لجميع جوانب الحياة ومكونات الشخصية المسلمة وعلاقاتها، وأساس التميز منهجي متعلق بكيفية الوصول إلى معرفة الحكم الشرعي حيث يقدم العقل المعتمد على التجربة على ما سواه من مصادر المعرفة عند التعارض
فالزيدي من يوافق الإمام زيد (ع) في الأصول (المنهجية) مصادر التشريع ووجوب النظر لعدم جواز التقليد في مسائل أصول الدين وأصول الفقه... والموالاة والمعاداة وما يترتب على ذلك من وجوب (الخروج)على الظلم عند توفر أسبابه وشروطه، وهو(خروج) سياسي لأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر... وخروج مذهبي فكري عقائدي ثقافي بالاجتهاد بالنظر لتحرير ذهنية الأمة من الانحرافات والخرافات(كالتشبيه) الذي هو نتاج للخضوع لحشو الحديث وتغييب العقل، وتحرير ها من(الجبر)الذي فرض ثقافة على الأمة لتبرير الظلم، و(الإرجاء) الذي أشيع لإعذار الظالمين وتأجيل الحكم على سلوكهم المنحرف عن موجبات إسلامهم،والاستسلام لأوهام الشهرة، هروباً من تحمل مسئولية كل فرد في الأمة لأمانة البحث والتفكير في إصلاح أمر الأمة بأداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،لمواجهة المظالم والانحرافات.
بينما الاختلاف في الفروع الفقهية مناط الأحكام الظنية التي لم تجمع عليها العترة أو الأمة أو لم يرد فيها نص قاطع صريح لا يحتمل إلا معنى واحد فإنه لا يشترط أن يكون الزيدي موافقاً للإمام زيد (ع) بل قد يجب عليه مخالفته إن ترجح لديه رأيٌ خلاف رأي الإمام زيد (ع) (إن كان قادراً على الترجيح) ولو في مسألة جزئية واحدة (فعلمه) مقدم على علم الإمام زيد (ع) وظنه مقدم على ظن الإمام زيد(ع) بل إن الجاهل الصرف أو العامي إن فعل فعلاً تعبدياً ولم يخرق الإجماع فمذهبه مذهب من وافق (أي حكمه كالمجتهد)كما تقول قواعد الزيدية التي استنبطت من النصوص القاطعة ومن أقوال وأحكام أئمة آل البيت وذلك لأن الزيدية في الفروع (العبادات تحديدا) مذهب إجماع الأمة) فالأصل في العبادات (وجوب العمل بالأحوط) عند تعارض الأدلة،والأحوط هو الذي لا خلاف على صحته عند الأمة،أو الأقرب إلى الصحة عند الجميع،{مثال إرسال اليدين في الصلاة، صلاة المرسل مجمع على صحتها،لأن القائلين بضم اليدين في الصلاة لا يعتبرون الضم شرط لصحة الصلاة فصلاة المرسل صحيحة عند الجميع بينما،بعض العلماء يعتبر أن الضم في الصلاة مفسد لها،}
الزيدية، بالإضافة إلى أنها تطلق على المسلمين الذين يعتقدونها لتميزهم عن غيرهم
هي أولاً: فرقة من فرق علم الكلام لها أراء تميزها عن غيرها في مسائل التوحيد والعدل والوعد والوعيد والإمامة
وهي كمدرسة تمثل (دائرة) تتقاطع (بدرجة) التطابق أحياناً مع الفرق الإسلامية التي قد لا يكون بينها -كفرق متمايزة-أي تقاطع، ولذلك يقول عنها السنة بأنها أقرب المذاهب الشيعية إليها،وبعض مؤرخي الشيعة يعتبرها أقرب المذاهب السنية إلى الشيعة، وكذلك يوحد بينها وبين كالمعتزلة وتميز عن الأشاعرة والمجبرة... الخ.
وثانياً: حركة سياسية كان لها حضور تاريخي أسهم في صياغة التاريخ الإسلامي وتشكيله،يتضح ذلك لأي مهتم بمعرفة الزيدية أو متابع لمايدور عنها، فالحديث عن الزيدية كحركة سياسية (وفي سبيل تحديدها)، يستدعي الحديث عن الفرق سياسية الطابع،كالخوارج والمرجئة والشيعة وأهل السنة والجماعة)

وثالثاً: مذهب فقهي

ومن الجدير بالذكر أن مؤرخي الفرق والمذهب تحدثوا عن فرق زيدية أوصلها بعضهم إلى عشرين فرقة،إلا أن أشهرها ثلاث هي:-
الجارودية
الصالحية
السليمانية
وفيما بعد المخترعة والمطرفية
(أما بقية الفرق الزيدية العشرين فلم يبق منها شيء يذكر)[10]
ويعلق الباحث عبد الله أحمد عارف (على قول نشوان الحميري "إن الفرقة الزيدية الوحيدة في اليمن هي الجارودية"بالقول(غير أننا إذا ماذهبنا نلتمس عقائد هذه الفرقة في التفكير الزيدي في اليمن فإننا لن نجد شيئاً من تلك الأفكار والعقائد الغالية لهذه الفرقة كقولها بالرجعة وشمول العلم والمعرفة لآل محمد منذ المهد إلى الكبر،وقولها بالمهدية بالمعنى الشيعي ألإمامي،بل سوف نجد في ثنايا ذلك التراث فكراً متكاملاً في العدل والتوحيد والإمامة،موافقاً في كثير لعقائد المعتزلة،وتهذيب للشطح والتطرف في عقائد المعتزلة كقولها بالإرادة الحادثة في حق الله وقولهم بالوجوب على الله في فكرة الصلاح ورفضهم لمبدأ الوجوب العقلي في بعض المسائل)[11]
(وليس لهذه الفرق جميعاً مذاهب كلامية متكاملة،وإنما الذي نقل من آرائها وأفكارها نظرات متفرقة في مسائل أصول الدين والإمامة،وهي النظرات نفسها التي رويت عن الإمام زيد كالكلام حول الفاضل والمفضول،ومرتكب الكبيرة ونفي الصفات،والاستطاعة،وهي من المسائل التي كان الجدال والنقاش يدور حولها بين الفرق الإسلامية المعاصرة لها)[12]
1:-(الجارودية،
أتباع أبي الجارود زياد بن المنذر(ت مابين 150-160هـ)يقول عنه يحيي بن الحسين أنه:"أول من أثبت النص في علي بالوصف الذي لا يوجد إلا فيه دون التسمية،على معنى أنه لم يكن النص على إمامته صريحاً باسمه بل بأوصاف واضحة لم توجد إلا فيه،ولما اختصت به جعلوها كالنص عليه باسمه)[13]

(الصالحية:

هم أتباع الحسن بن صالح بن حيى الهمداني(100-168هـ)وكثير بن إسماعيل النوى الملقب بالأبتر،وقد درجت كتب المقالات باعتبارهما فرقة واحدة وذلك لتوافقهما في الآراء فتارة يطلق عليهما الصالحية وتارة البترية وإن كانت شخصية الحسن كثيراً ماتتصدر هذه الفرقة مما يدل على أن له مكانة علمية سامقة،فيحيي بن الحسين يقول في ترجمته:(الحسن بن صالح العالم المشهور علمه في كل مكان وهو من علماء الزيدية الفحول)ويذكر أبن النديم أن الحسن كان من كبار الشيعة وعلمائهم وقد اجتمعت فيه إتقان وفقه وعبادة وزهد)[14]
(أما كثير الأبتر فشيعي جلد كما يقول يحيي بن الحسين،شارك الإمام زيداً في حروبه،وكان من أصحاب الحديث كما أنه أيضاً غلب على أتباعه الاشتغال بالحديث،وقد عد النوبختي منهم سفيان الثوري،وشريك بن عبد الله وبن أبي ليلى ومحمد بن إدريس(الشافعي) صاحب المذهب،ومالك بن أنس صاحب المذهب)[15]

آراء الصالحية:

(أما علي فهو عندهم أفضل الناس بعد الرسول وأولاهم بالإمامة،لكنه سلم الأمر لهم راضياً وفوض الأمر إليهم طائعاً،وترك حقه راغباً فنحن راضون بما رضي، مسلمون بما سلم، لا يحل لنا غير ذلك،ولو لم يرض علي بذلك لكان أبي بكر هالكاً،وهم الذين جوزوا إمامة المفضول وتأخير الفاضل،والأفضل إذا كان الفاضل راضياً بذلك

شوروية الإمامة:

ترى الصالحية أن الإمامة أمر شوري يصح أن تنعقد بعقد رجلين لواحد،من خيار المسلمين ولأجل ذلك أثبتت الإمامة في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي على التوالي،وقد ذهبت إلى ذلك لإجماع الصحابة،"وتوقفت في أمر عثمان بعد الأحداث التي نقمت أهو مؤمن أم كافر؟قالوا إذا سمعنا الأخبار الواردة في حقه وكونه من العشرة المبشرين بالجنة قلنا:يجب الحكم بصحة إسلامه،وإيمانه وكونه من أهل الجنة،وإذا رأينا الأحداث إلي أحدثها من استهتاره بترقية بني أمية وبني مروان،واستبداده بأمور لم توافق سيرة الصحابة،قلنا يجب أن نحكم بكفره فتحيرنا في أمره،وتوقفنا ووكلنا أمره إلى أحكم الحاكمين
وقول الصالحية بشورية الإمامة لا يعدوا أن يكون تبريراً لتصحيح إمامة أبي بكر وعمر وعثمان،والذي يدل على ذلك أنها لم تقل بهذه الشورية لغيرهم،بل جعلتها في ولد علي من البطنين الحسن والحسين فمن خرج من هؤلاء شاهراً سيفه داعياً إلى سبيل الله عالماً زاهداً شجاعاً فهو الإمام)
(وقد عد أهل السنة الصالحية بأنها من فرق الشيعة المعتدلة،ولأجل ذلك أعتد أصحاب السنن برواياتهم،ووثوقهم، وقد روى الترمذي في سننه لكثير بن إسماعيل وكذا شريك،وأبن عيينه وأخرج مسلم للحسن بن صالح،ووثقه الذهبي في الميزان والنسائي في السنن وذكره البخاري في التاريخ الكبير،)

السليمانية

هم أتباع سليمان جرير الرقي،ويطلق عليهم أيضاً الجريرية،وقد ظهر سليمان في عهد المنصور،(137-158هـ)وكان في أول أمره إمامياً إلا أنه ترك الإمامية لقولها بالبداء على الله،وإجازة التقية،وإثر انفصاله عنها شنع عليها مما جعل كثير من إتباعها يتخلون عنها،وينضمون إلى الزيدية حيث لا توجد تقية ولا علم سري ولا إمام معصوم،ويبدو أن مكانة سليمان العلمية كانت كبيرة في أوساط زيدية ذلك العصر فقد أورد له الأشعري في المقالات مسائل مستقلة في أصول الدين وقال عنه المؤرخ يحيي بن الحسين انه القاضي العلامة،وكان له تأثير على معتزلة بغداد فقد تابعه جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب في القول بجواز إمامة المفضول.)

آراء السليمانية الكلامية
الإمامة:
يرى سليمان بن جرير،أن الإمامة شورى تصح با لاختيار وتنعقد من أثنين لواحد،من خيار المسلمين،وأنها في جميع قريش دون استثناء،أما رأيه في التفضيل فإن علياً عنده أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه أولى بالخلافة من غيره من الصحابة ولكنه هؤلاء الآخرين أخطئوا في تولية غيره لمنصبها غير إن خطأهم يعد من قبيل الاجتهاد ولا يصل إلى درجة الفسق.
وقد طعن سليمان في عثمان للإحداث التي أحدثها وكذا ذهب إلى تكفير عائشة وطلحة والزبير لإقدامهم على قتال علي،)[16]

وزيدية اليمن أشهرها المطرفية والمخترعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق